«تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحن اصحاب المهن الوضيعة
نشر في الراكوبة يوم 13 - 08 - 2015

بسبب حادثة السوداني الذي دهسته شاحنة ، ومات عند النفق الذي يربط فرنسا وبريطانيا ، كتب الاديب السفير موضوعا ينتقد فيه السفارة في لندن لعدم اهتمامها ، والصحف البريطانية قد تطرقت للموضوع . وقامت السفارة بالرد علي السفير جمال محمد ابراهيم بطريقة تجريمية وشخصية . و استفسروا عن دوره في مساعدة السودانيين الذين امتلأت بهم السجون في لبنان ؟؟
السفير الذي اتي الي لبنان قبل ان يكمل السفير جمال مدته . وصف السودانيين في لبنان باصحاب المهن الحقيرة . ولم يقبل بمساعدتهم . واحد اللبنانيين اشعل النار في اسرة البواب السوداني وكان يقول ,, لانو شكلهم بيقرفني . ,, وقمت بالرد علية في مارس 2013 . وقام بعض السودانيين بتأييد السفير ووصفوا السودانيين الذين يعملون كبوابين باسوأ الاوصاف .
March 24, 2013
محن سودانيه 52 سفير السودان فى لبنان ..
قديماً كانوا قبل تعيين اى سفير فى سفاره كبيره يسألون .( سكينو حمره ؟) بمعنى هل هو رجل كريم وهميم يهتم بشئون السودانيين . وهل بيته مفتوح . ولكن مع الانقاذ صاروا يأتون بدبلوماسيين تنعدم عندهم حتى الاخلاق البسيطه . بارك الله فى امثال اخى السفير على حمد ابراهيم . الذى سمعنا عنه كل جميل وكيف وقف مع صبيان جوكيه الابل فى الامارات .
كيف يقف بشر يتمتع بأى قدر من احترام الذات . مع من عذبوا واهانوا واحتقروا اهله . وزجوا بهم فى السجون والمعتقلات بدون وجه حق . ثم يقول من لا يستحق ان يوصف بانه سودانى . بأنهم من اصحاب المهن الوضيعه . منذ متى صارت المهن والعمل الشريف توصف بالوضاعه .
انا يا جناب السفير شوقى بدرى ود امينه اتشرف وافتخر بأننى من من تصفهم باصحاب المهن الوضيعه . وافتخر بان اضيف عتالى سابق الى اسمى . ويمكنك ان تلاحظ حرف ع س تحت اسمى . ولقد عملت كعتالى فى الميناء وكمنظف شبابيك وعملت فى المزارع والحدائق . والسبب هو انه كان فى السودان نظام دكتاتورى وعلى رأسه دكتاتور اسمه جعفر نميرى . وكنت انا وقتها والى الآن اقف مع الجنوبيين فى نضالهم وكنت اطالب بحق تقرير المصير للجنوبيين فى الستينات . ولم يكن فى امكانى ان ارجع الى السودان .
كان فى امكانى يا سيدى المحترم ان استمتع بالخدم والحشم والمنزل الكبير والسائق والسياره . ولكن الظروف جعلتنى من من وصفتهم باصحاب المهن الوضيعه . كنت اذهب مع مجموعه من الافارقه , بحثا|ً عن العمل فى السويد . ولم اكن اتكلم وكان الجميع يجدون عملاً ويستثنونى . وكان صاحبى الامريكى الاسود هيرمان هندرسون يقول لى . مظهرك لا يدل على انك يمكن ان تتقبل اى كلمه فى غير محلها . ولهذا يتجنبوك . والدتى رحمه الله عليها كانت تجد بعض الاستخفاف والاستفسار عن غرابه عمل ابنها كعتالى فى اوربا . فارتجلت قصيده اذكر منها ..
مالو ما شوقى راجل دخل ميناء
وما مدا ايدو وقال لى راجل ادينا
هؤلاء اللذين يعيشون فى لبنان يعملون . وهم اشرف من رجال الانقاذ اللذين سرقوا قوت الشعب . وأتوا بالادويه المضروبه . واستوردوا الاسمده والبذور الغير صالحه للزراعه . هؤلاء هم من يمكن ان يوصفوا باهل المهن الوضيعه لانهم لصوص .
سيادة السفير يبدوا انك مشروق بمنصبك او بتواجدك فى بلاد الشام . تأكد يا سيدى انك مهما علا شأنك فأنت فى نظر اغلبيه اهل تلك الديار عبد اسود . ودعنى اخبرك . اهل تلك الديار كانوا يأتون الى السودان ويتسولون . وكانوا يمارسون ما وصفته انت بالمهن الوضيعه . ولقد شاهدناهم وعشنا معهم عندما كنا نحن اهل البلد والعزه والكرامه .
فى كتاب عبد الله رجب مذكرات اغبش . يتكلم عن مسقط رأسه مدينه سنجه والتى عشت فيها انا كذلك فى طفولتى وكان والدى مفتشاً للمركز . ويذكر عبد الله رجب اهل الجزيره العربيه اللذين كانوا يعملون ويذكر احدهم كان يبيع الطعميه وينادى عليها بالفلافل . ويتذكر احد اهل الحجاز واسمه العم الشريف سليمان حسين والذى كان يطبخ لهم فى القضارف عندما كانوا شباباً ويعملون فى القضارف . والعم عبد الله رجب عمل ككاتب عند آل ابو العلا وكاتب فى السوق وكاتب للعتاله وملاحظ . ويقول فى صفحه 126 عم الشريف سليمان حسين رحمه الله وهو نازح حجازى ( تزوج من المغاربه بقريه ود السيد ريفى رفاعه اصهاره آل عبد الناصر اقارب ابى ) كان العم يحن لطعام قومه فيطبخ لنا اللحم مع الارز فى بعض الليالى .
لقد شاهدنا السعوديين واليمنيين والحضارمه يعملون فى السودان . كان بعضهم يعمل كسقا او كعتالى او عربجى يسوقون الكارو . ويمارسون كل الاعمال .
نهاية اقتباس
وعجائز السعوديه كانوا يقولون لنا . انتم السودانيون نعطيكم دمنا . لم نعرف المضاد الحيوى الا فى بورتسودان . ووجدنا العلاج المجانى والاحترام . وكان السعودى عندما يتزوج يأتى للتبضع فى بورتسودان .
كلمه حلبى يا سيدى السفير فى السودان تطلق على مجموعه ضخمه من البشر اتوا من حلب . وكان اغلبهم يعيش كمتشردين ينامون فى العراء او فى خيام مهترئه . وكان لهم حى كامل فى امدرمان . وهو الحى المحصور بين السوق وحى العرب . وكانوا يتسولون ويتحدثون باللهجه الشاميه . وكان لهم شيخين وهما ابو زعمان وابو قلمان . وشيخه تسيطر على النساء اللذين يخرجون للتسول والرقص وضرب الدربكه وهى كلوت . لم نحتقرهم ولم نهينهم ولم يجدوا الا الاحترام .
فى كتاب الجزيره قصه مشروع ورحله عمر مذكرات عمر عبد الله الكارب . يمكن ان اورد لك من صفحه 170 (( عندما انضممت الى خدمه الشركه الزراعيه عام 1929 وجدت عائلتين . كانت الاولى عائله عبجى تتمثل فى يوسف عبجى مدير مكتب المدير ( رايت ) وشقيقه جبر عبجى امين المخازن العموميه للشركه بالرئاسه ببكركات . اما العائله الثانيه فكانت عائله بطيخه . وكانت اقل درجه اجتماعيه من العائله الاولى . ولكن ابناء هذه العائله الاخيره يدعون بأن اولاد عبجى اخوالهم . فحسب التسجيلات ان العائلتين انحدرتا من الشام ومن حلب واختلطوا بالزواج مع الارمن والاتراك . كما كانوا يدعون . وكان تقود عائله بطيخه وتتولى امرها فتاة كانت فى الحاديه والعشرين من عمرها . وكانت موظفه فى الحكومه ورئيسه فى قسم التلفونات . وكانت العائله تتكون من الوالده واسمها بتول وثلاثه من الاخوه عزيز رزق الله واميل . واستطاعت ان تتعرف هذه الفتاة على توفيق عطا الله الرجل القوى فى الشركه ورئيس حساباتها واستطاعت ان تكون له مساعداً اميناً فى الاتصالات التلفونيه الخاصه بينه وبين اصدقائه ومعارفه فى الخرطوم . وبالمقاولين اللذين يتفق معهم على الاتاوه قبل الحضور لاستلام الشيكات . وكان فى مقدور هذه الفتاة بسحرها ان تجندل الكثير من العشاق وتقضى حاجاتها منهم . وباتصالها بتوفيق حضرت الى بركات واحضرت معها شقيقها الاكبر عزيز ولم تعد الى الخرطوم الا وعزيز اصبح موظفاً فى الشركه الزراعيه فى المخازن العموميه ببركات مع خاله جبره عبجى مساعداً له . وجاءت مره ثانيه ومعها شقيقها الثانى رزق الله . ولم تعد الا ورزق الله قد تم تعيينه كاتباً فى الشركه الزراعيه ببركات . اما الثالث اميل فانها تولت امره بالمثل واصبح باشكاتباً فى التفاتيش ثم اخيرا جاءت هذه الفتاة الى بركات مع والدتها وانضموا الى عزيز ورزق الله وسكنوا القرب منا فى قطاطى الحجر بعيداً عن الشوام الآخرين الاعلى درجه منهم .
وجاءت سميره كما كنا نسميها وليس هذا هو اسمها الحقيقى . فى الاجازه التى قضتها مع العائله الى ارتحلت الى بركات . وكانوا يعيشون كأبناء السبيل مثل الغجر فى العراء . ويوفرون المال .
وكما سبق وذكرت كان عزيز مساعداً لمن يدعى انه خاله ( جبره عبجى ) امين المخازن العموميه . وفى احد المراجعات اكتشف المراجع ان خللاً ومسروقات كثيره حدثت فى المخزن . وكتب تقرير ضد اداره جبره ومساعده للمخزن . مما يعتبر تقصيراً يؤدى الى المحاكمه . وكانت النتيجه بدلاً من التحقيق , نقله الى مكتب عبد الحكم فى القسم الاوسط ليكون محاسباً للمكتب فلم يستطع ان يقوم بالمهمه وفشل فشلاً زريعاً . وبدلاً من محاكمته او الاستغناء عن خدماته لانه كان محمياً من ( توفيق ) فقد تم نقله الى محالج مارنجان كملاحظ بدون مسئوليه .)) .انتهى الاقتباس من المذكرات .
هذه الاسر صارت من اغنى السودانيين بعد ان كانوا يعيشون كالغجر . والغجر او الحلب اللذين اتوا من الشام خاصه المدينه حلب صاروا من اثرياء السودان . ولكن احببناهم وصاروا جزء من نسيج المجتمع السودانى وقدموا وشاركوا فى الثقافه السودانيه من موسيقه ورقص . وكان رجالهم يتسولون عن طريق القرود التى يعلمونها الرقص . وكان نسائهم واطفالهم يسرقون اذا وجدوا فرصه وهذه عادات الغجر .
قبل اسبوع اتى لزيارتى الاخ الجنتل مان مادوبو روس . وهو لايبيرى كان فى نفس الحلقه الدراسيه مع شقيقى خليل بدرى فى جامعه لوند فى بدايه السبعينات . وتحدثنا عن الحرب الاهليه فى لايبريا وسيراليون . وتذكرنا عشرات الزملاء المشتركين واللذين شاركونا فى الدراسه . وانتهى الامر بالحديث عن الدور المؤلم الذى مارسه اللبنانيون والشوام فى تأجيج الحرب ونشر الرشوه والفساد فى غرب افريقيا .
مادوبو كان يحكى عن دور الشوام المؤلم حتى بعد نهايه الحرب . وذكر انهم لا يوظفون الوطنيين . بل يأتون بالهنود . ويدفعون لهم اجور تافهه . ويحتقرون الهنود ويزلونهم . وذكر الاخ مادبو انه لاول مره فى حياته شاهد ثلاثه اسر هنديه يعيشون فى غرفه واحده فى لايبريا . والمخدمون من اللبنانيين .
المنزل رقم 990 / 1/4 فى امدرمان هو منزلنا الحالى كان مكوناً من تسعه غرف وصالون كبير. كان يسكنه اكثر من عشره عوائل هنديه . اثاثهم كان مكوناً من الحصائر وبابور جاز للطبخ فى الركن . هؤلاء كانوا تجاراً فى سوق امدرمان . كانوا يستأجرون منزلنا . لم نخرجهم بالقوه . وكنا نحن نستأجر منزلين من التاجر على عثمان الرباطابى . القانون لم يكن يسمح لنا بطردهم . وانتظرناهم بأدب الى ان خرجوا . لم نضايقهم ولم نهينهم .
تذكرت كتابات الكاتب البريطانى سومرت موم , والذى تخصص فى الكتابه عن المستعمرات البريطانيه . وكان يكتب عن شخصيه التاجر يوسف الشامى الذى يجيد الرشوه . ويوقع بين الموظفين الانجليز . وكان اشبه بشايلوك تاجر البندقيه الذى صوره شكسبير فى مسرحيته .
ويتحدث الاستاذ عبد الله رجب عن الاجانب فى بلده سنجه الصغيره والتى عرفتها انا فى طفولتى ويذكر ( والسوريون اللذين مكثوا طويلاً بسنجه كان منهم ميشيل بخاش وشفيق بولص وكلاهما من حلب الشهباء . وجاءت عائله بكر من حلب ايضاَ وزوجت احدى بناتها لشفيق المذكور . واخرى لارمنى سنجه الوحيد مارقورسيان وكان وكيل يعقوب اصلانيان صاحب العماره المواجهه للبرلمان بالخرطوم . ) انا شوقى اذكر آل مارقورسيان . وكانت لهم اكبر بقاله ومحل لبيع الخمور فى امدرمان فى ركن الجامع الكبير . وعرفهم اهل امدرمان ب ,, ارونتي ,, والاسم الحقيقي هو يارافانت مارقوسيان . وكان يعمل معهم شقيق الخالة اوجين .وصاروا من اثرياء امدرمان . وزوج الخالة اوجين واشقاءه سكنوا في الحواتة وتخصصوا في حرق الفحم .
وذكر الاستاذ عبد الله رجب ( عم عازر ابو جيمى والد اصدقائنا فتحى وثابت وفكرى واخوانهم . كاحد الاسر فى سنجه ) . وفتحى عازر كان والده صديقاً ليوسف بدرى الكبير وبابكر بدرى . وكان جارنا ويفصلنا حائط فى امدرمان لعمر كامل . ولقد كتبت عنهم وكنا نحبهم ونحترمهم ونعتبرهم اهلنا عن صدق . وجدهم حضر من مصر.
من الاسر الشاميه فى السودان واللذين صاروا من كبار كبار الاغنياء , اسرة عزيز كافورى ( حى كافورى ) . آل قطان وعملوا كصغار التجار فى شرق السودان . وآل مرهج منهم فؤاد مرهج وابنه بول . بلغوا درجه من الثراء . ان احد الشيوعيين عندما طالبوه بالدفع كثيراً . ثم طلبوا منه ان يختار اسمه الحركى قال مرهج واضاف منو البقدر يدفع ذى ده غير مرهج .
معلوف صار من اثرياء السودان وصار له مصنع لصنع العصير والمربه . آل قصبجى سكنوا معنا فى امدرمان . كانوا فقرا فى بدايه حياتهم . وكان لهم مقهى البان جديد فى امدرمان ثم انتقلوا الى الخرطوم شارع الجمهوريه , فندق الشرق وشيش كباب وتمويل الشركات بالمأكولات . منها شركات المعونه الامريكيه .
الارمن أتوا الى السودان بعد الحرب العالميه الاولى فى حاله فقر مدقع . وهذا بعد ان تعرضوا الى الذبح بواسطه الاتراك وقتل منهم اكثر من مليون نسمه . وعندما اشتكى قوادهم من دفعهم فى مسيرات طويله وطالبوا بالاحذيه قام مراد باشا بدق احذيه الخيل فى اقدامهم .
كتبت كثير اً عن الخاله اوجين الارمنيه . المرأه المكافحه التى كانت بمثابه والدتنا . وكانت تعمل كخياطه فى حى الملازمين . ووالدتها تسكن فى ودارو . وكان ابنائها وابناء اختها بمثابه اشقائنا نحبهم ولا نزال نفتخر بهم . البنات هم هنازان وجورجيت وشوشيق . والاولاد آرتين وقاري استفان . الارمن صاروا من المليونيرات . احدهم سركيس ازمريان ومن موظفيه فى فتره كان بدر الدين سليمان ابو الاقتصاد السودانى فى زمن نميرى والصادق بدرى محافظ مشروع الجزيره .
قارو فانيان صاحب شركه ارارات كان وكيلاً للبيجو ومحامى الشركه كان الاخ غازى سليمان . وسفريان كذلك صار من اثرياء السودان . والسودان كان يعطى الفرصه للجميع ونتقبل الآخرين بصدر رحب . لا نهينهم او نفرقهم او نشتمهم . فزروه سركسيان تخرجت كطبيبه وزميله لاول طبيبه سودانيه الاخت خالده زاهر . وتكوه سركسيان اول صحفيه سودانيه تصدر صحيفه . كثير من هؤلاء الوافدين تحصلوا على جنسيات سودانيه وهاجروا الى امريكا او استراليا وافتخروا بسودانيتهم . وكان لهم كل الحق لان الجواز السودانى والهويه السودانيه كانت رأس مال يعتد به .
الاستاذ عبد الله رجب كتب عن جارهم فى سنجه التاجر منسى اليهودى . الذى مات فى سنجه فتكفل آل سنجه بدفنه واقامه مأتم . وكونوا لجنه وحصروا ممتلكاته . وارسلوا اسرته وزوجته الى الاسكندريه وتكفلوا براحتهم وتوصيلهم مصحوبين باحد تجار سنجه . الاستاذ عبد الله رجب كتب كذلك عن يمانيه سنجه (( وقال احدهم كان طباخاً يصنع الفول بالسوق والثانى خبازاً بفرن عم قاسم والثالث كان يجوب الشوارع وينادى على الطعميه ويسميها فلافل .
رأيت يمنيين بالقضارف بعضهم مستقر لهم عائلات واملاك واولاد, مثل المرحوم حاج عبدو والحاج ابو زيد وغيرهما ولكن اليمانيون المستقرون بكسلا وبورتسودان بالمئات وهناك يمارسون عديد الاشغال ومنها العتاله والنقل بعربات الكارو .. الخ . ))
اليمنيون هم اقرب العرب الينا وعندما نقابلهم فى اوربا نصير اصدقاء بسرعه . كانوا فى كل ركن فى السودان وفى كل حى . عرفهم الكبار بالبدوان او البدوانى صاحب الكنتين . لم تكن طريقه حياتهم تعجب السودانيين كانوا يبخلون على انفسهم بكل شئ . او على الاقل الاغلبيه منهم . ولا يزال الناس فى السودان يتحدثون عن حله اليمانى التى كانت فى حجم الكستبان . وبعض السودانيين كان يمكن ان يصف الشخص المنطوى على نفسه او البخيل بانه يمنى . ولسوء الحظ مارس البعض منهم اغتصاب الاطفال او الصبيان . مما اثار نقمه البعض . وهاجمهم البعض حتى فى الصحف خاصه الاستاذ محمد مكى صاحب جريده الناس . وابدا ضيقاً بطريقه حياتهم . وألف قصيده اذكر منها ( انا زعلان خلاص وخلاص الزعل غمانى . كلما ترفع حجر بتلاقى تحته يمانى . ) وفى القصيده ذكر لاكلهم فقط للعيش والفراش الخيش . وتصدى له الكثيرون ودافعوا عن اليمنيين . والكثير كانوا محترمين . منهم جارنا المباشر على بن على وكان له دكان كبير فى حى الامراء وآخر صغير فى حى الشيخ دفع الله . رئيس الجاليه كان ناصر الصياد وله دكان فى مكى ود عروسه وفرن يجاوره . وعندما اسقط جمال عبد الناصر نظام الامام البدر حاكم اليمن واستلم الرئيس السلال السلطه . صار ناصر الصياد سفيراً لفتره .
السودان كان بلد الفرص واحترام الآخرين . ولقد ذكر اللورد كرومر فى ان السودان مباشرةً بعد الفتح الانجليزى صار مليئاً باليونانيين واستعمل لفظ ( كان من الصعب ان يرفع الانسان حجراً بدون ان يجد يونانياً ) . وكان السودان مليئاً باليونانيين لدرجه ان شارات المرور فى الخرطوم فى الخمسينات والستينات كانت مكتوبه بالعربيه والانجليزيه واليونانيه .
السيد جورج حجار كان يعمل فى البريد . وتصادف ان احد المفتشين الانجليز . قد انشاء مزرعه صغيره للبن فى الجنوب . وعندما عرف المدير الانجليزى طرد المفتش من الخدمه . وبيعت المزرعه بخمسين جنيه للسيد جورج حجار . لان المفتش استعمل بعض المساجين . ورد المبلغ لخزينه الدوله . وآل حجار اليوم من الاسر السودانيه المحترمه ولهم اسهامات جيده فى دعم المجتمع السودانى .
العم بيطار كان يوزع البريد فى امدرمان بالدراجه . ولان السودان لم يكن يعتبر هذه مهن وضيعه . فان بيطار صار من مليونيرات السودان . وحب آل بيطار السودان وبالدلهم السودان الحب .
ذكر بابكر بدرى فى تاريخ حياته ان المدير الانجليزى سأله اذا كان يعارض فى ان يعمل ابنه احمد بدرى القاضى فى جنوب السودان فقال بابكر بدرى انه قد قال لابنائه انهم اذا كانوا فى بلد المأمور فيه مصرى والمفتش انجليزى والتاجر شامى ده معناه دى بلد سودانيه واشتغلوا فيها والسودان كله وطنهم . والشوام والآخرون لم يحضوا محملين بالمال والشيكات السياحيه . حضروا كفقراء وعملوا واغتنوا . اغلبهم كان جيداً . وآخرون كانوا سيئين . اساءوا الى البلد والى نفسهم . وبعضهم ارتكب اسواء الممارسات من رشوه وفساد وخاصه عمليه الربا التى لم تكن معروفه فى السودان . ولكن لم نجرمهم ولم نرسل الشرطه لكى تعتدى عليهم بالضرب فى حفلاتهم ومنتدياتهم . هل فهمت يا سيدى السفيرى .
التحيه
شوقى بدرى
ع .س
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.