بسم الله الرحمن الرحيم الرواية في القصص الشعبي الصيني تحكي ان شابا سأل أحد حكماء الصين عن سر النجاح فرد عليه الحكيم الصيني :رغباتك المشتعله. وليثبت للشاب صحة قوله أحضر إناءا مملوءا بالماء واغطس فيه رأس الشاب الذي بدأ ببطء يخرج رأسه من الماء ولما بدأ يشر بالاختناق بدأ يقاوم بشدة حتى نجح في تخليص نفسه وأخرج رأسه من الماء. وسأل الحكيم بغضب ما الذي فعلته؟ فرد عليه بهدوء وابتسامة :ما الذي تعلمته من هذه التجربة ؟ فقال الشاب :لم أتعلم شيئا .فقال الحكيم لا يا بني فقد تعلمت الكثير. وحين وصلت دوافعك إلى أعلى مستوياتها و أصبح عندك الرغبة المشتعلة لتخليص نفسك وعندئذ فقط انت نجحت لأنه لم يكن هناك أي قوة في استطاعتها أن توقفك. في تصريحات متكررة ومتشابه أبدى الإمام الصادق المهدي والشيخ الترابي والمشير البشير رغبة في التنحى عن رئاسة احزابهم واعتزال العمل السياسي بعد اطمئنانهم على من يخلفهم فيها وإصلاح حال البلد العام بوقف الحرب وإشاعة الحريات وفتح مسار للتدوال السلمي للسلطة وصولا للحكم الرشيد. والثلاثي هو آخر عنقود جيل الصراعات الآيدولوجية والتكتيكات السياسية التي اقعدت بالسودان، بعد وفاة الاستاذ/ نقد وتفويض الميرغني صلاحياته لابنه . الذاكرة الشعبية السودانية تحفظ فئتين من التجار فئة لاتثق في مقدرات أبنائها او تشكك في امانتهم لذلك تصر على إدارة أعمالها بنفسها حتى توارى الثرى لتبعثر التركة من بعدهم لقلة حيلة ورثتهم .وفئة أخرى بعد تقدم سنها محدودية حركتها تسلم الإدارة للأجيال من بعدها وتختار الأقدر وتوظف الأبناء حسب قدراتهم فتهدي ابنائها خبرات السنين فخلدت ماركات تجارتهم وبقيت أسماء أعمالهم من بعدهم . فالمهدي تعهد بالاستقالة في ذكرى تحرير الخرطوم فرجع عنها وقبض على أنفاس حزب الأمة بأبنائه وبناته ولم يبق له من حلفائه أحد .والترابي منذ الرابع من رمضان أعلن عن تنحيه من الأمانة وردها للأجيال من بعده ولكنه تراجع في شورى حزبه في 2005م وجدد له في قيادة 2013م ولم يجد من ينوبه غير أجيال سالفه نائب أقعده المرض بحكم السن وآخر لايرى غير مايرى الشيخ ويفخر انه قدوته وثالث حجزته البحار عن المفاعلة .فامن الشيخ الخيانة . أما البشير فقد ألزم نفسه بعدم الترشح ولكنه نكص وترشح ثانية . فخنق الوطن بأجراءات توقيف دولية . من اهم أسباب الدعوة للحوار الوطني حوارات شخصية بين الثلاثي المهدي ،الترابي ،البشير برعاية من د. كامل إدريس وضيافتهم في منزله قبل ثلاثة سنين خلت وكلهم أشواق ان يروا قبل موتهم السودان موحد وآمن تحت حكم رشيد . ولكن الواضح من الثلاثة أنهم من الفئة الأولى التي لاتثق في مقدرات كوادرها السياسية لتسلمها زمام القيادة لذلك هم يصرون على مباشرة التفاصيل وإدارة التنفيذ وهذا في حد ذاته من بشائر فشل الأجيال من بعدهم. فلهم رؤاهم للحل وفكرهم للمستقبل ولن يجدوا غير قديم لايصلح للواقع وسيبدؤون من الصفر . فمن العيب ان يجلس الإمام المهدي في طاولة للحوار يقابله فيها د.تجاني السيسي أحد كوادر حزبه الشابة المؤهلة أفلم يجد طريقة للتفاهم معه للاتفاق على حل لقضية دارفور ليصبح موقفا مشتركا يجمعهم من جديد للعمل معا لوقف الحرب. ام ان الشيخ سدت بينه ودكتور غازي المغاليق حتى يتنازعا خارطة الطريق وتهيئة الأجواء للحوار ؟ بالأمس القريب كان بينهما حوار مكتوب في مذكرات ومنشور منعه من التوقيع حبس الشيخ .فما المانع اليوم من المراجعات والتوافق على فكرة والعمل سويا لها . أما البشير يكفيه عيبا انه ينازع خاله الطيب مصطفى في لجان الحوار أولم تجمعهم صينية غداء واحدة يتفقا حولها على مخرج آمن للبشير وتغيير ناعم للبلد . ولكن استمرار الثلاثي في رئاسة أحزابهم دلالة على أنهم لم يصلوا بعد لرغباتهم المشتعلة لحل الأزمة الوطنية فما زال الإمام يستقوي بالخارج ويستعين بالجبهة الثورية لإسقاط النظام أما الشيخ الترابي لايزال يناور بوحدة الاسلاميين يقدم رجلا ويؤخر أخرى يجعل مسافة بينه والوطني ان هبة ثورة بغتة لايتحمل أخطاء البشير وإن نجح الاصلاح يلم الاسلاميين من جديد تحت عباءته . أما البشير المصر على رئاسة الحزب الحاكم المتمسك بالسلطة لا يرى في الحوار غير فرصة لكسب الوقت وتأجيل المواجهة .وعلى الثلاثة الكبار ان كانوا جادين في الوصول لحل توافقي عبر الحوار ان يخرجوا في مباهلة باعز مايملكوا كما فعل الرسول محمد (ص ) مع مشركي مكة . وهي بالتخلي عن رئاسة أحزابهم وتسليمها لقيادات شابة من بعدهم ثم يكونوا شخصيات قومية يهدوا السودان معرفتهم وزبدة خبرتهم ويرعوا الانتقال إلى عهد جديد . تكون فيه الحركة الإسلامية حزب واحد والحركة الاتحادية تيار واحد وحزب الأمة حزب واحد ونبدأ نمارس الحرية والديموقراطية ونتجاوز المعركة الصفرية. م.إسماعيل فرج الله 13أغسطس 2015م [email protected]