تراسيم.. انقلاب السني!! عبد الباقي الظافر دعى الشيخ حسن الترابي شيوخ الحركة الإسلامية بعد التمكين في يونيو 1989م.. وشكرهم على كبير مجاهداتهم وحسن صنيغهم.. ثم منح كل من الحاضرين مصحفاً كناية على الوداع الأخير.. صحيح أن هذه الرواية وجدت من يردها.. ولكن الثابت أن الترابي قد حل جميع مؤسسات الحركة الإسلامية.. وفتح الباب مشرعاً للذين أتوا بعد الفتح.. فأمسى سبدرات وزيراً في الانقاذ.. وبات المرحوم شدو كبيراً للمشرعين في البرلمان.. وأمسك حامد تورين بأكثر من ملف. خروج الحرس القديم أطلق يد الترابي في الدولة والتنظيم.. وأصبحت عبارة (صليت المغرب مع الشيخ) كلمة السر التي ترتقي بصاحبها إلى مدراج التنظيم العليا ومفاصل الدولة السامية. المشير البشير في لقاء مغلق مع شباب حزبه.. صدح بصوت قوي عن ثورة تغيير تنتظم شرايين الحزب الحاكم.. وأشار إلى مقعده كرئيس للتنظيم وقال إن التغيير يبدأ من هنا.. ثم أبدى إعجاباً بتجربة الحزب الشيوعي الصيني التي تجدد القيادة كل عقد من الزمان.. ويلاحظ أن الرئيس لم يتحدث عن المنصب السيادي في القصر الرئاسي. التقط القفاز الأستاذ عبدالمنعم السني أمين الشباب بالحزب الحاكم وأعلن على الملأ أن الرئيس البشير لن يترشح مجدداً لرئاسة الجمهورية.. ثم مضى السني إلى أكثر من ذلك وقصر العمل التنفيذي على من هم دون الستين.. وجعل للشيوخ مكاناً قصياً في تخوم المجالس التشريعية ومقاعد المستشارين المتفرجين في القصور الرئاسية. شيوخ الحزب الحاكم كانوا يردون بصورة عملية على الشاب السني.. الدكتور صابر محمد الحسن الذي شغل منصب محافظ بنك السودان منذ العام 1993م.. صرح للصحافيين أنه راغب في إصابة المنصب الرفيع لدورة ثالثة.. فيما لم تستبعد مصادر أن يعود البروفيسور إبراهيم غندور إلى منصب نقيب العمال.. غندور رغم إمكانياته الوافرة يجد نفسه محنطاً في محطة اتحاد العمال.. المقاعد الأمامية في الجهاز التنفيذي محجوزة منذ عشرين عاماً. ثورة الرئيس في التغيير ستجد مدفعية قوية.. سيقاومها الشيوخ ولن يحملوا مصاحفهم هذه المرة ويجلسوا في بيوتهم العامرة.. والتمسك بالمناصب أحد ثوابت الثقافة السودانية.. الجنرال سلفاكير الذي لم يتمتع بعد ب (أبهة) المنصب المرموق.. استنكر ضمناً أن يسأله صحافي عن التنحي وقال في ما معناه (يا دوب نحنا ابتدينا). الشيخ الترابي ومولانا الميرغني وسيد الصادق المهدي وزعيم التقدميين الأستاذ نقد..اشتعلت الرؤس شيباً ووهنت الذاكرة.. ولكنهم لم يتعاهدوا على شيء وأوفوا به غير استمساكهم بالمنصب إلى الرمق الاخير.. حتى التوريث جعلوه في بند وصية يوصى بها. لن ينجح انقلاب السني في تحقيق أهدافه وسيتم إخماده منذ البيان الأول.. إلا إذا كان الرئيس يريد تسريح إخوانه الكبار في التنظيم ليبقى الرجل الأوحد.. في هذه الحالة يصبح هذا التغيير هو انقلاب البشير الثالث في ربع قرن من الزمان. التيار