تظل الخطوط السودانية في مقدمة متصدري قائمة جينيس في الإخلال بالمواعيد وإلغاء حجوزات عملائها دون وجه حق، إمعاناً في تشديد الأذية لهم دون أدنى رحمة منها لهم. إذا حاولت أن أسرد قصص المعاناة لعملاء سودانير قد أحتاج لكتاب أرصد فيه ما يتعرضون له من أنواع شتى من صنوف التعب والمشقة والإنتظار الممل في مطارات العواصم العربية وغيرها متمنيين وصول " ستهم" كما يطلق عليها المصريون في مواعيدها. إحدى معاناة الركاب من سودانير حصلت مساء يوم الخميس 28 شوال 1436 ه الموافق 13 أغسطس 2015م في الرحلة القادمة من الخرطوم إلى جدة، وكان أحد ركابها ابني محمد مختار العوض، حرص منذ وقت مبكراً على تأكيد حجزه قبل الرحلة بفترة كافية، وعزز تأكيده حضورياً للخطوط، وقدم إلى مطار الخرطوم في الوقت المحدد قادماً من الجزيرة، وحينما قدم جواز سفره وتذكرته لموظف الكاونتر قال له بالحرف الواحد " الطائرة إمتلأت" وكأنها حافلة متجهة إلى الخرطوم بحري، وحينما دخل معه في نقاش بأن حجزه مؤكد وأنهم عملوا على إلغائه بغير وجه حق أجابه بالحرف الواحد قائلاً " نعم لغيناه وأعلى ما في خيلك أركبه" وفي هذه الأثناء أخذ أحد الركاب محمد جانباً وحاول أن يقنعه باتباع طرق "أخرى" حتى يتسنى له السفر في نفس الرحلة، إلا أنه رفض ذلك ليظل عالقاً في المطار من الساعة الحاية عشرة مساء الخميس حتى ظهر اليوم الثاني، مفترشاً الأرض في وضع مأساوي للغاية. كما أن لي مع هذه الخطوط مقلب لا أنساه أبداً ما حييت فقد كنت حجزت وأبناء أسرتي فيها قبل ثلاث سنوات للعودة من الخرطوم إلى جدة، إلا أنها كعادتها أعلنت للمسافرين لدى وصولهم المطار أنها لا تمتلك طائرة لتنفيذ هذه الرحلة أو غيرها من الرحلات طيلة أكثر من أسبوعين قادمين، وليت المسؤولون فيها اكتفوا بذلك بل رفضوا حتى إسترجاع قيمة التذاكر لأصحابها ليتسنى لهم السفر بخطوط طيران أخرى، وبالطبع حتى هذه اللحظة لم أستلم قيمة تذاكري بعد "شحططة" هنا وهناك دون أية فائدة تُذكر. هذه هي سودانير الناقل الوطني الذي أصبح في خبر كان بعد أن كان من أفضل طيران في المنطقة، تصدرت قبل سنوات المرتبة الثانية بعد الخطوط الجوية التركمستانية في قائمة نشرتها مجلس بيزنيس أنسايدر لأسوأ 20 خطوط طيران في العالم، وحسب علمي أنها أصبحت غاية في سوء التعامل مع عملائها .. سوءاً معششاً في دهاليزها الخاوية وطائراتها المتهالكة إن كان لديها أصلاً طائرات، ويكفي أنها ممنوعة من التحليق في أجواء الإتحاد الأوروبي لعدم مطابقة سربها لمقاييس السلامة الدولية وعدم التزامها بالمواعيد، لدرجة أن أخوتنا في شمال الوادي أطلقوا عليها " ستهم" بأسلوب لا يخلو من الإستهزاء والسخرية، يعني تلغي رحلاتها في أي وقت وتتأخر عن المواعيد المجدولة بمزاجها، دون أن تُسأل عن ذلك. خطوط هذه حالها لا تسر أحداً تحتاج لآلية واضحة المعالم لإنقاذها من هذا الوضع المتردي، وقبل كل ذلك محاسبة كل من له علاقة بتدهور سودانير بشفافية عالية بعيداً عن أية حساسية . والله من وراء القصد. [email protected]