*كنت أتساءل بصدق عن سبب بقاء الإنقاذ إلى يومنا هذا.. *إلى أن بلغت من العمر (26) عاماً وهي غير جديرة بالبقاء (26) يوماً.. *وأذكر في انتفاضة أبريل - وقد كنت شاباً- كيف كان عظيماً شعبنا هذا.. *فهو قد ثار ضد النميري رغم إن الوضع - آنذاك - كان أفضل.. *أفضل سياسياً ومعيشياً وتعليمياً وعلى مستوى الخدمة المدنية.. *وأظنني أدركت السبب الآن بعد (عذاب) نصف قرن من الزمان.. *فالعيب هو في شباب جيل اليوم الذي يختلف عن جيلنا بالأمس.. *ولا نقول كلهم ولكن من هم أعلى صوتاً (إسفيرياً) منهم.. *الجيل الذي فضَّل الجعجعة الإلكترونية على هتاف تظاهرات (البمبان).. *فقد شُتمت من تلقائهم البارحة كما لم يُشتم أي مسؤول إنقاذي.. *شُتمت إلكترونياً على صفحات موقع (الراكوبة) وكأنني أنا الذي أتيت بالإنقاذ.. *ولم تشفع لي كل (عذابات السنين) التي يشاركني فيها الكثيرون.. *كأنني لم أناضل من قبل ، ولم أبع أثاثي ، ولم أتخلص من سيارتي جراء (الإيقاف).. *وكأنني لم أدفع ثمن (مواقفي) حرماناً من رئاسة التحرير.. *وكأنني لم أعجز- كثيراً - عن دفع رسوم أبنائي الدراسية لحد الحرمان من الامتحان.. *كل ذلك (اتشطب) بجرة قلم لمحض دعوة إلى الحفاظ على قيمنا.. *وقد قلت أكثر من مرة أن الدين ليس دين الإنقاذ.. *ولا يصح أن (نحمل) عليه - جهلاً - لمجرد كراهيتنا للإنقاذ هذه.. *وإن كانت الإنقاذ ترى أن الرقص ب(البنطلون) - في أنصاص الليالي - عيباً فأنا أرى الشيء ذاته.. *فهذه هي قيمنا وأخلاقنا وعاداتنا التي لن نحيد عنها بسبب مقتنا للإنقاذ.. *وقد ذكرت كيف أن فاطمة أحمد إبراهيم قالت أن الحرية لا تعني التحرر.. *أي التحرر بمعنى (التحرر) من محتشم الثياب والأفعال والأقوال.. *ومعلوم أن فاطمة هذه إحدى رائدات النضال النسوي فضلاً عن كونها قيادية شيوعية.. *ولكن بعض شباب اليوم يتحررون حتى من ورقة توت آداب المعارضة.. *ولا نعني معارضة نظام الإنقاذ وإنما معارضة (المعارضين) للحكومة.. *فالحكومة هذه هم لا يعارضونها أبداً إلا (إلكترونياً) عبر أسماء وهمية.. *ونستثني من هؤلاء - بكل الصدق - أعضاء صفحتنا في الفيسبوك.. *وربما هنالك آخرون مثلهم في التحلي بالخلق السوداني (الأصيل).. *أما الذين يهددونا بمقاطعة كتاباتنا فنسألهم - أولاً- عما فعلوا ب(مقاطعة الهندي).. *وهكذا يخسر جيل اليوم (الإلكتروني) كل شيء .. *الدين والأخلاق و (قدرة جيلنا على الحراك).. *وكاتب هذه السطور !!! الصيحة/السياسي