قد لا تكون الإنسانة وحدها التي تلعب دورا" رئيسيا" و دافعا" وراء تهاتف السودانيين للإهتمام المبالغ فيه بمشاكل العرب و أزماتهم بصورة أكبر من الإهتمام بمشاكل السودان نفسه الذي يعاني مواطنيه من القتل بكل أنواعه حرقا" و ضربا" و جوعا" و قزفا" و الحواء السودانية تغتصب و طائرات النظام توزع داناتها صباحا" و مساء" على أجساد أطفال و نساء ج كردفان و دارفور و النيل الأزرق و طلاب دارفور يواجهون الأعيرة النارية داخل جامعات الخرطوم و الولايات و أحداث جامعة أمدرمان الاهلية ليست ببعيدة و يحاكمون بإعترافات قضائية مزورة من صنع النظام نفسه كحالة الطالب محمد بقاري . و مع كل هذه الكوارث الداخلية نرى تعاطف سوداني كبير مع قضايا العرب و التغافل على الكوارث الداخلية و هذا التعاطف (التواطوء) و التغافل لم تكونان حديث عهد او نتاج صدفة حيث دفعنا فقدان جنوبنا الحبيب ثمنا" لها ، و أستذكر حين جئت إلى الخرطوم للمرة الأولى سمعت إمام المسجد يقول : اللهم أنصر أخواننا بفلسطين و العراق و في نفس الوقت يقول : اللهم زلزل الأرض تحت أقدام المرتزقة و ذلك في أعقاب ضربة أمدرمان و جموع المصلين يرددون من خلفه بعبارة آمين بأصوات مرتفعة و بحماس شديد و تدرون من هم الذين يصفهم بالمرتزقة ، و لم أسمع إماما" يقول اللهم أنصر أخواننا بدارفور و ج كردفان و النيل الأزرق . و هذا التواطوء لم يقف عند حد الخطاب الرسمي و الديني لأن الأزمة أزمة نظام و نخب و أزمة شعب و ما يؤكد ذلك أن الشعب السوداني لم يكلف نفسه حتى عناء البكاء على ضحايا النظام او حتى مجرد إستنكار ، و كم من مظاهرات شهدتها شوارع العاصمة خرطوم دعما" و تضامنا" مع القضية الفلسطينية و العراقية و السورية و حتى مع الأخوان في مصر ، في المقابل لم تشهد أي مظاهرة تضامنا" مع ضحايا النظام بل للأسف يتراقصون مع السفاكين و الدمويين في تناقض غريب يظهر حجم الهروب من الهوية السودانوية و التنافر الداخلي و التدافع لعكس صورة السودان في مظهر عروبي خارجيا" رغم حقيقة إفريقيانيته التي لا تحتاج الى جدال . حتى الفتيات السودانيات اللاتي رغبن في القتال للأسف يلتحقن بتنظيم جهاد النكاح داعش و بذلك يعيدن تسطير تاريخ أسلافهن مع المستعمرين الإنجليز و الأتراك و المصريين . فليعلم الشعب السوداني بأن الإنجرار وراء العرب ثمارها المعاناة من داء نقل العرب لأزماتهم الطائفية و القبلية و الجهوية إلى المجتمع السوداني المسالم و المحب لبعضه و غيره . أختم بقولي : يجب أن نتحد كشعب سوداني و نهتم بقضايانا و نواجه أزماتنا الداخلية بتجرد و صدق و أن نقبل بعض و نعمل من أجل معالجة نسيجنا الإجتماعي المهترء الذي يعاني من داء تواطوء الأيدلوجيا الإسلاموعروبية و القبلية و المناطقية قبل أن نشاهد جزءا" آخرا" من بلادنا ينفصل و كالعادة نتباكى في وقت نمتلك فيه كل مفاتيح النجاح لأن الكوارث يجب أن تعقبها نهضة عظيمة . أحمد حسين سكويا [email protected]