السلطات وهى ترغمنا على غض الطرف عن الحقيقة تجتر فى الذاكرة طرفة ادروب الذى استهواه هتاف الطلاب المتظاهرين فلحق بهم مردداً الهتافات :(سكر مافى .... دقيق مافى ... زيت مافى...) الى آخر الهتافات وفجأة هجمت القوات الأمنية وطوقت المتظاهرين لتقتاد ادروب ضمن المقبوض عليهم من الطلاب,فى التحقيق أمسكوا برأس ادروب ونكسوه داخل جوال سكر ثم قالوا له:ده شنو؟فأجاب :ده سكر,ثم حولوه إلى جركانة زيت مدخلين رأسه داخل الجركانة وسألوه :وده شنو؟ فأجاب: ده زيت,فقالوا له :وطيب كيف تقول زيت مافى!ثم كرروا معه الأمر بجوال الدقيق ,وبعدها أطلقوا سراحه وعندما وجد أدروب نفسه طليقاً وتنفس الصعداء,قال بينه وبين نفسه:الحمد لله ما قلنا شته(شطه) مافى, هاهى السلطات تعيد مشهد أدروب مع صحيفة السودان عدد الجمعة بمصادرتها لأنها جاهرت بالحقيقة حول تلوث مياه ولاية الخرطوم أجرته الصحفية هبة عبد العزيز, ولم تقف عند حد مصادرة العدد فقط بل إستدرجت المحررة بطريقة ماكرة إلى مول عفراء التجارى عبر هاتف أحد أقربائها ليتم إعتقالها والتحقيق معها زها ء الساعتين بسبب التحقيق الصحفى الذى أجرته والحمدلله بأنها أكدت تلوث المياه فقط بالولاية ولم تقل (شته مافى) وبدلاً من أن تسعى السلطات لمداركة الأمر عمدت إلى الأخبار لتكميمها قبل ان تجاهر بحقيقة التلوث الماثل ونتمنى أن تكون مصادرة السودانى فيها إلغاء للحقيقة ,والغريب أن من يستحق الإعتقال والتحقيق هو مامون حميدة وزير الصحة بالولاية لأنه أطلع مجلس الوزراء فى رمضان الماضى على تقرير مصور يظهر مدى تلوث مياه النيل الأبيض لدرجة ان التلوث من شدة تأثيره فصل مياه الصرف الصحى والنيل داخل مجرى النيل الأبيض بخط مستقيم واضح للعين المجردة , وذكر حميدة انه أخذ عينات من مياه النيل جنوبالخرطوم وفحصها بمعامل داخل البلاد و خارجها وأكدت النتيجة ان المياه ملوثة بالباكتيريا الضارة والجراثيم ومواد كيميائية ومعادن الكروم والرصاص المسببة للسرطان والكبد الوبائى والبلهارسيا , وتخوف التقرير من تضرر أكثر من مليونى مواطن وسط مخاوف تسرب هذه المياه الملوثة إلى المياه الجوفية , والصحيفة التى قالت بتلوث مياه الولاية تجد من السلطات عقوبة ظالمة وهى مصادرتها بعد الطباعة, وهل ينصفها السيد والى ولاية الخرطوم الذى جاهر من قبل :لو عثرت بغلة فى ولاية الخرطوم كان هو مسؤو ل عنها يوم القيامة ..اما وقد قامت قيامتنا ونحن حالياً فى متن العذاب والويل والثبور الذى تمارسه علينا السلطات فنطالب السيد الوالى ان يقيل عثرة (السودانى) بتعويضها تكاليف العدد المصادر بما فيها الاعلانات, والحمد لله ان السودانى لم تتجرأ بقولها مافى (شته) و الصحيفة الاوربية من قبل تواجه ذات موقف السودانى بعد نشرها خبراً يقول:نصف وزراء الحكومة فاسدين ولأن اوربا ديمقراطية لم يوجه الوزراء بمصادرة الصحيفة بل لجأوا للقضاء الذى طالب الصحيفة بالإعتزارو التصحيح,والفرق هنا واضح فى العقوبتين , وأمام كلمة القضاء استجابت الصحيفة ونشرت تصحيحاً ذكياً يقول:بالأمس نشرنا بأن نصف وزراء الحكومة فاسدين ,والصحيح ان نصف وزراء الحكومة غير فاسدين. وبما أن نهر النيل مكون من النيل الابيض والنيل الازرق فعلى صحيفة السودانى الإعتزار والتصحيح كما يلى:بالأمس قلنا ان مياه الخرطوم ملوثة والصحيح ان نصف مياه الخرطوم فقط ملوثة ,وذلك ينطبق على مياه النيل الأبيض فقط. حقيقة ان السلطات فى بلادنا تود إرغامنا على دفن الرؤوس فى الرمال علماً بأن سلوكها تجاه السودانى يعاظم من أهمية الخبر وغداً تتناول المواقع الإسفيرية ووكالات الأنباء خبر مصادرة صحيفة سودانية بسبب نشرها تحقيقاً حول تلوث مياه الخرطوم وربما أدخلت معظم الأجهزة الإعلامية الغربية أجندتها فى الخبر بتضخيمه مطالبة بضرورة إدراج السودان بالبند الرابع بميثاق الاممالمتحدة لانتهاكاته لحقوق الانسان وتضييق الحريات ومصادرة الصحف و(تانى يقومو يجيبو سيرة الجنائية) والسلطات الأمنية تدرى أم تجهل بأنها قد منحت الخبر الموجود أصلاً ما ينقصه من بهارات ومشهيات للمتابعة, وتحضرنى طرفة ربما كانت منسوبة للراحل زيدان ابراهيم فبعد أن عاد من رحلة فنية بالخارج أوقفته السلطات بمطار الخرطوم للتحقيق معه حول إفادته لاذاعة (مونت كارلو) بانتهاكات لحقوق الإنسان بالسودان, فاجاب زيدان: والله الاذاعة دى لا جاتنى لا شفتها, ولو جونى كنت قلت ليهم حقوق إنسان شنو! ..هو السودان ذاتو مافضل فيهو إنسان! [email protected]