رواية جديدة لفتحي البحيري تنقد نفسها وتزاوج الجنس بالثورة والتدين في الخلفية رجال ونساء يتشاركون التخطيط ليوم سوداني كبيريلتحف فيه كل المواطنين تقريبا أكفانهم سمته الرواية أربعاء الكفن. هذا التخطيط يدور في خلفية السرد بحذر شديد حتى أن الرواي – وربما الكاتب نفسه – يظل شبه جاهل به بينما يستمرئان إلهائنا في تفاصيل منولوجية وديالوجية عادية تحتشد بغرائبيات وعادويات من أمثلتها اختفاء النيل نفسه ذات يوم وملابسات تأسيس مشروع الجزيرة العظيم. الحجر اللزرق قصة في الحب والثورة والصراع النفسي الاجتماعي تشير بإصبعها نفسه إلى عورتها الفادحة التي تتجلى في أن سردها يجيء كما وكيفا دون ما تتيحه هي برؤياها واقتراحاتها ولا تبدو سوى ونسة تعلو فيها الإيروسية في الطريق إلى النهاية وينفثئ في نهايتها كل شيء عدا القصدية السياسية والثورية ربما لمأزق تاريخ كتابتها وأحداثها وربما لمأزق اهتمامات كاتبها الذي عرف كشاعر بلا كتب أو دواوين شعرية مطبوعة وككاتب روائي برواية مطبوعة يتيمة اسمها (اكفهرار) ولكن عرف أكثر ككاتب صحفي وناشط سياسي يجتهد في الكتابة ضد النظام الديكتاتوري في بلاده. اختار الكاتب أن ينشر روايته الثانية (الحجر اللزرق)اسفيريا وحسب فقام بإتاحتها للتنزيل المجاني عبر الإنترنت واعتبر ذلك نشرا كافيا مغنيا عن الطباعة الورقية مثيرا بذلك في تقديري (كقارئ يتطلع للنقد ) غبارا يعيق مناقشتها كنص لقلة القراء الجادين الذين يمكن أن تصلهم بشكلها هذا ناهيك عن أولئك المهتمين والقادرين على فكفكة مركبها وسبر غورها نقاشا او تحليلا أو نقدا ومهما يكن من أمر فإن الحياة السودانية في بعدها المحكي أو المسرود قد تمددت قليلا بشخوص وعلاقات تتراوح بين البساطة والتأرجح والغموض وصارت تحتمل وجود زهرة الجبل بملامحها وعقلها الاسطوريين وتماهي ذاتها اللانهائي مع ثلاثية جزلى مقدسة أضلاعها تتنافر ظاهريا ولا تلتئم إلا في دواخلها هي (الجنس والثورة والتدين ) ومكانا مهجورا مثل مخزن بيت خالد حجر الله الصالد وآخر غير ذلك مثل كشك جرائد العم مبارك تتواتر فيهما وبينهما مراحل تخطيط وتنفيذ الفعل الثوري الكبير من وراء ظهر بطل الرواية وراويها في أغلب الفصول الشاعر صالح سليل آل ود الهميم الذي تسمت باسمه القرية الروائية ديم ود الهميم الكنابي. يلقى صالح جزاء تضييعه وقت القارئ والرواية في تفاصيل لا تهم نهايتها وفاقا بصدمات ومفاجآت لا يستطيع احتمالها فيستدعي رصاص العساكر ليضع حدا لكل شيء وآخرا مفتوحا على كل الاحتمالات التي ليس من بينها أن البطل الحقيقي لم يكن خالد حجر الله الصالد ولعله هو نفسه الحجر اللزرق المقصود بالعنوان الذي لم يدع الكاتب لنا أي إشارة تنفي أو تثبت تناصه المذكور من أي قارئ جاد ب(الحجر الاسود) أو (الحجر الذي رفضه البناؤون صار رأس الزاوية) لتقترح كل هذه الاحتمالات لنا إعادة قراءة الرواية مرة أخرى وثالثة وألف من زاوية علاقة نفسية واجتماعية – تستأثر بها خلفية الرواية أيضا أو ما وراء نصها – بين صالح وخالد شديدة التوتر والعداء. [email protected]