قمصان الإنقاذ التي نعنيها هنا ليست هي تلك التي عناها نائب الرئيس السابق؛ الحاج آدم، عندما امتن على شعبه بتلك الجليطة التي قال فيها إن الناس ما قبل الإنقاذ لم يكونوا يمتلكون غير قميص واحد، فامتلكوا ما بعدها ما ناءت بحمله دواليبهم، وإنما نقصد تلك القمصان التي لا تفتأ الإنقاذ ترفعها وتلوّح بها عند كل خطب يصيبها أو غاشية تغشاها، وهي قميص الجبهة الداخلية وقميص الشريعة الإسلامية وقميص الأمن القومي وقميص السيادة الوطنية، هذه هي كروتها التي أصبحت مثل قميص سيدنا عثمان رضي الله عنه الذي أضحى مثلاً سائراً منذ مقتله رضي الله عنه وأصبح كرتاً للمزايدة والإثارة والاستثارة والتحريض إلى يوم الناس هذا، وهكذا الإنقاذ تمارس الإثارة والاستثارة والمزايدة ولكن بأقمصة تخصها، لندع الآن الأخريات ولنتأمل ملياً في قميصها الذي يحمل مسمى السيادة الوطنية. ففي الأنباء أن الحزب الحاكم، ومن بعده وزارة الخارجية قد استشاطا غضباً على زيارة دبلوماسيين أجنبيين، فرنسي وبريطانية يوم السبت الماضي لأسر شهداء هبة سبتمبر، بل وتتجه الخارجية لاتخاذ إجراءات لم تفصح عن كنهها ضدهما، باعتبار أن ما أتياه بتلك الزيارة يعد تدخلاً في الشؤون الداخلية واختراقاً للسيادة الوطنية، هل قال الحزب والخارجية (السيادة الوطنية)، إذن دعونا هنا غض النظر عن مشروعية أو عدم مشروعية تصرف الدبلوماسيين، نسأل الخارجية والحزب ومن قبلهما الحكومة مجتمعة عن ماذا فعلوا لصيانة هذه السيادة المدعاة وأخذها بحقها، فالسيادة الوطنية ليست مجرد شعار يرفع ولا هي محض قميص يلوح به عند الحاجة، وإنما لها استحقاقات ومطلوبات معلومة من أهمها إقامة العدل والحق وحفظ حقوق الناس بالتقوى، وغيرها من هذه المعاني التي تحتشد بها الكثير من آيات الله، ثم عليهم أن يجيبونا عن كيف تكون السيادة الوطنية إن لم تكن هي حرية الرأي والتعبير، حرية أن تقول رأيك بكل حرية دون أن يضايقك أحد دعك من أن يجرؤ على اعتقالك، وما هي السيادة إن لم تكن هي العدل والعدالة والمساواة، وما هي السيادة إن لم تكن هي الكرامة والعيش الكريم، وما هي السيادة إن لم تكن هي الحق في العلاج والتعليم والتوظيف، وما هي السيادة إن لم تكن هي الحصول على قوت اليوم، وبالمقابل هل تتحقق السيادة بالشمولية والاستفراد بالرأي، أم أنها يا ترى تقوى بالمحاباة والاحتكار، وهل تصان بقمع الآخرين لمجرد آراء أبدوها والزج بهم في السجون والمعتقلات، وهل وهل وهل من تساؤلات لا يسع المجال لإحصائها بل هي أكثر من أن تحصى تجعل من أي حديث عن السيادة الوطنية دون إجابات إيجابية عليها مجرد كرت أو قميص عثمان يتم التلويح به كلما اقتضت الحاجة السياسية. [email protected]