بسم الله الرحمن الرحيم هناك أمران بديهيان لابد من الاعتراف بهما اذا كنا بحق وصدق تريد للوطن ان يخرج من المأزق الذي يعيشه واذا كنا بصدق وأمانة نقدم مصلحة الوطن على المصلحة الفئوية أو الجهوية أو الحزبية الضيقة .. البديهة الأولى والتي لا يقبل الشك أن الحرص على البقاء في السلطة بأي ثمن يتعارض تماماً مع الحس الوطني الصادق والأمين .. فهذان هدفان لا يلتقيان أبداً .. لأن الحرص على السلطة لمصلحة الحاكمين أساساً مهما يدعو بغير ذلك وتجربة حكم اكثر من ربع قرن تشهد على ذلك , كما أن الاتفاق كان ان تسلم السلطة للشعب بعد ثلاث سنوات ورفض هذا وان يترك الرئيس البشير الجيش ورفض هذا ثم جاءت محاولة التوالي ورفضت أيضاً .. وكل هذا يؤكد التمسك بالسلطة بأي ثمن للمصلحة الفئوية وليست للوطن ثم جاءت المفاصلة .. بينما الحس الوطني الصادق لمصلحة الوطن الحقيقية وشتان بين هذين الهدفين .. أما البديهة الثانية فهي لابد من تفكيك حزب الدولة لأن ذلك هو السبيل الوحيد لتحقيق تبادل سلمي للسلطة لأنه لم يحدث اطلاقاً ان سقط حزب الدولة في أي انتخابات سواء مزورة أو غير ذلك لأنه سيطر على كل مفاصل الدولة وامكاناتها .. مالم نعترف بهاتين البديهتين سوف نخدع أنفسنا وندور في حلة مفرغة. بعد هذا ننظر إلى الحوار بغض النظر عن الموالين له والمعارضين له .. ماذا نريد منه وكيف نحقق أهدافه .. وهناك مثل يقول الخطاب من عنوانه .. فماذا كان العنوان هنا .. أي حوار لكي يكون وطني بمعنى الكلمة ويحقق أهدافه ويقود إلى ما نرجوه من استقرار وأمن للوطن لابد من توفر أربعة عوامل رئيسية هي: 1/ لإنجاح مؤتمر حوار وطني بحق وبصدق لابد من ان تكون لجنة تحضيرية محايدة من أشخاص مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والأمانة والوطنية لاعداد وثائق المؤتمر (اكانت له وثائق) وأجندته ودعوة المشاركين وكل ما يتعلق بعقد المؤتمر .. وهذا لم يحدث للأسف لأن المؤتمر الوطني سيطر على ذلك لوحده .. فكيف يكون مؤتمر وطني وسيطر عليه الحزب حاكم حتى لجنة 7 + 7 اختار النظام السبعة من المعارض أتباعه ولم يترك لهم اختيارهم وهم لايد لهم مع كفيلهم. 2/ لإنجاح مؤتمر حوار وطني بحق وحقيقة لابد ان تكون لجنة تسيير المؤتمر (وقد تنبثق من اللجنة التحضيرية) محايدة ومشهود لأعضائها حتى تسير المؤتمر في الطريق الصحيح (المائدة المستديرة خير مثال) وهذا للأسف لم يحدث لأن المؤتمر الوطني سيطر على كل شئ وكل هذا يؤكد العمل الاحادي المنفرد الذي يتنافى مع القومية للمصلحة العامة الوطنية. 3/ لإنجاح مؤتمر وطني بحق وحقيقة لابد ان نكون لجنة صياغة توصيات المؤتمر لجنة موثوق بها تعكس ما يتمخض عن المؤتمر بصدق وشفافية لا ان تنسيق الاحداث وتعد التوصيات مسبقاً كما كان يحدث دائماً في المؤتمرات السابقة وحتى في عهد مايو التي تزور ارادة الشعب. واكاد اجزم ان هذا العمل بدأ الآن أو على وشك ان يبدأ رغم ما يجري على أرض الواقع من مناقشات وملاسنات في اللجان الآن. 4/ أخيراً .. ليس العبرة بنتيجة مخرجات المؤتمر رغم أهميتها ولكن العبرة بالالتزام بتنفيذ ما يتوصل إليه المؤتمر والا سيكون كمن يحرث في البحر .. وتجارب كل الانقاذ السابقة تؤكد أنها لا تلتزم بتنفيذ أية توصيات سواء في الثلاث مؤتمرات عام 1990م أو مؤتمري المشير سوار الذهب 2000م و 2006م وغيرها مع كل القوى السياسية رغم التصريحات القوية المرحبة بتلك التوصيات والالتزام بتنفيذها من قبل مسؤلين كبار للانقاذ ولا نريد احراج أي شخص بإعادة نشر بعض تلك التصريحات .. وفي هذا الصدد أذكر ان احد كبار الانقاذ عندما سئل عن عدم التنفيذ قال بصراحة وجرأة أنهم ينفذون البنود التي تتفق مع مصالحهم فقط .. فأي أمانة هذه اذ كيف توقع اتفاق ثم تنفذ ما تريده فقط. قد يقول قائل ان الوضع الآن مختلف والظروف التي وصل إليها الوطن لا تتحمل ذلك وهذا صحيح ولكن للأسف الممارسة الفعلية الحالية لا تبشر ولا تطمئن وتكذب أي ادعاء بان الوضع مختلف طالما كانت البدايات هي نفس البدايات السابقة (العنوان) والسيطرة الحزبية الضيقة هي الواقع المعاش واذا سلمنا جدلاً ان التوصيات ستجد الترحيب وكيفما جاءت يبقى السؤال المهم كيف سوف تنفذ .. فهل يعقل ان يفعل النظام نفسه ذلك .. اذ ماذا سيحدث اذا جاءت توصية بتفكيك حزب الدولة وان السودان لن يحكم بحزب واحد .. فهل سيعمل على تفكيك نفسه .. من يعتقد ذلك أما ساذج أو لا يعرف شئ عن الأنظمة الشمولية أو لا يفهم سياسة ولذلك لابد من حكومة انتقالية تكون مسئولة عن تنفيذ تلك التوصيات اذا أريد بحق نجاح للمؤتمر والوصول به لغاياته بالوطن إلى بر السلام وهنا سوف يتضح ما قلناه في صدر هذا المقال حول السيطرة على السلطة بأي ثمن والحس الوطني .. هذا الامتحان الحقيقي وسوف نكشف الحقائق .. السلطة أم الوطن !! وقد يناور بحكومة المسخ المسماه حكومة وحدة وطنية مع بعض من شتات الأحزاب التي صنعها وفي هذا إعادة لوضع رفض من قبل. اذا رفض النظام فكرة الحكومة الانتقالية واصر على موقفه مع مجموعة أنصاره (90حزباً من صناعته) فقل على المؤتمر ونائجه السلام وعلى كل ذلك الجهد وسنعود إلى المربع الأول ويتأكد ان كل ذلك كان عملاً تكتيكياً لكسب الوقت ولكن هذه المرة ستكون النتيجة وخيمة على الجميع ويؤكد للذين لم يشاركوا في المؤتمر أنهم كانوا على حق وأن رؤيتهم كانت ثاقبة وصحيحة ويتحمل النظام نتيجة ومسئولية ذلك وستكون نهاية أي حوار مستقبلاً يتضح أن النظام متمسك بالسلطة مهما كان الثمن ولا ندري بعد ذلك ماذا سيخبئ القدر لهذا الوطن الجريح !! حاشية: هل ينجح دكتور الترابي في العمل على عودة الديمقراطية ليكفر عن اسقاطها بانقلابه المشئوم ويكفر عن سنوات حكمه العشرة التي ارتكب فيها أفظع ممارسات الانقاذ من اعدامات وبيوت أشباح وتمكين وجهاد وانهيار اقتصادي قاد إلى فصل الجنوب وبذلك يمسح ما لحق بسمعته وتاريخه ويدخل التاريخ من باب أرحب وافضل عسى ولعل ام يستسلم لطلاب السلطة !! للمصلحة الفئوية على حساب مصلحة الوطن: للجاه لا للدين. هل يستطيع غندور أن يفعل بالخارجية ما فعله الوالي ايلا بولاية الجزيرة من كشف للمحاسبين وعدم كفاءة وفساد وغير ذلك أم ان هذا أمر فوق طاقته !! نقل المطار الحالي بحجة أنه أصبح وسط المنازل السكنية واذا بمدينة سكنية جديدة تسمى درة المطار تنشأ حول المطار الجديد أي فكر واستراتيجية عجيبة لهؤلاء القوم ولا عجب ان يحدث ما يجرى بالوطن بمثل هذا التفكير. [email protected]