:: عذراً للغياب، فالوعكة كانت صحية، شفانا الله وعافاكم..عدت ووجدت مسؤولاً ينتبه - أخيراً - لأوجاع فئة مُستضعفة مسماة إعلاميا وشعبياً بأطفال الدرداقة.. وكثيراً ما وصفنا نصف هؤلاء الأطفال بالأرقاء، وهم - فعلاً - كالأرقاء وربما أسوأ حالاً..وما يحدث لهم بالأسواق ليس إيجاراً للدرداقة، بقدر ما هو إضطهاد صغار أخرجهم الفقر و النزوح من أريافهم ومدارسهم إلى عالم العمالة المحفوفة بالمخاطر الصحية والأخلاقية، و الممنوعة بالقوانين والمواثيق الدولية (عمالة الأطفال)..!! :: ولو ذهب أحدكم إلى أسواق الخرطوم ومدن السودان الكبرى، ووقف على حال أطفال الدرداقة، لبكى دماً ودموعاَ..بتحالف ما بين سلطة محلية مطلقة و تجار العرق ويسمونهم بالمتعهدين، لا تزال كل محليات السودان - عدا محلية الخرطوم بحرى - تشرف على ( أسواق الرق)..ولذلك، شكراً جميلاً لمعتمد بحري، اللواء الركن حسن محمد حسن، وهو يستبدل نهج إسترقاق الأطفال - في أسواق محليته - ببرنامج التعليم مقابل الدرداقة ( مجاناً)..إلغاء عقود المتعهد بأسواق بحري، و تمليك الدرداقة للأطفال مجاناً، مقابل إلتزامهم بالتعليم المدرسي أوالحرفي أو محو الأمية في قاعات تم تخصيصها في الأسواق ذاتها، قرارات مفرحة..(ياخ كتر خيرك)، ووفقك الله دائما إلى ما فيه خير الناس والبلد..!! :: ولكن، لايزال الحال بكل محليات الخرطوم و المدائن الكبرى (في حالو)..في طرف السوق، يستقبلك الأطفال، ويترجونك بالتجوال معك وهم يدفعون عربتهم الصغيرة (الدرداقة)..وبعد أن تضع عليها سلعك وخضارك يتم توصيلها إلى عربتك أو محطة مركبتك العامة نظير جنيه أوجنيهان، حسب إستطاعتك و(درجة إنسانيتك)..وقد لاتحتاج إلى هذه الخدمة، ولكن حال الفقراء الصغار يمزق (قلوب الحجارة)، ولذلك يجدون عند الناس إحسانا، ليعودوا إلى أسرهم بما جادت به رحمة أهل الأرض عليهم بفضل الله.. وهي ليست مهنة ولكنها من أبواب التكافل، والحياء وحده من يمنع الصغار عن مد الأيدي للناس ليعطوهم أو يمنعوهم، ولذلك إستبدلوا اليد السفلى بيد ( تلز الدرداقة)..!! :: و دائما هناك من لايرحم الناس ولاتدع رحمتهم لبعضهم في (حالها)..أي، لتطبيق نهج الرق، تتحالف محليات مع فئة إنتهازية، وأسموا التحالف بالشراكة..وهي شراكة ترغم الطفل على دفع ( 15 جنيه) يوميا وبلامقابل، لتتقاسمها المحلية والمتعهد..يدفعها الطفل صاغرا تحت مسمى ( رسوم الدرداقة)..وقد لايجد الرسوم، و ما تم جمعها من الناس قد لاتبلغ القيمة، فيجمعون من بعضهم ليدفعوا لزميلهم العاجز عن جمع قيمة الرسوم حتى لا يصادروا عربته..وليس مهما - لتحالف السلطة المطلقة والإنتهازية المفسدة - كيف دفع الطفل ؟.. فالمهم يدفع، وإلا تُحجز الدرداقة لحين الدفع..!! :: والمحزن في أمر هذا الرق، قد يشتري الطفل درداقة بواسطة أهله أوبعض المحسنين، ولكن يصادرها تحالف المحلية والإنتهازية، ثم يغرمونه، وبعد ذلك يلزمونه بأن يستأجرها (يوميا)..نعم، تُصادرعربته، ويُغرم، ثم يعمل أجيراً في (عربته المصادرة)..وبلاحياء، أسست بعض المحليات لهذا الإسترقاق إدارة مسماة ب (ادارة الدرداقات)..!! :: لو كنا في دولة تحمي حقوق الطفل من الإنتهاك، لتم حصر هؤلاء الصغار بواسطة أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع، ثم تصنيفهم حسب أعمارهم و عناوين أسرهم وأوضاعها الإقتصادية، وبعد ذلك توزيعهم في قاعات الدراسة و معاهد التأهيل..وقبل توزيع الأطفال، إستيعاب أسرهم في مشاريع وصناديق الرعاية الإجتماعية..أوهكذ ترصف السلطات الراشدة طرق الحاضر والمستقبل للأجيال..بالتخطيط الذي يُكافح التسرب من مدارس التعليم و معاهد التأهيل، وبالتنفيذ الذي ينقذهم من مخاطر الجهل والتحرش والإغتصاب ..ولكن هنا، تقزم الطموح بحيث نفرح حين يتركهم تحالف المحلية والمتعهد يأكلون من خشاش الأرض.. !! [email protected]