قرأت مؤخرا أن مايسمى ب(لجنة الهوية في الحوار الوطني)، قد اتفقت على ان تكون الهوية (السودانية)، هي هوية الدولة السودانية، وبذلك يتراجع النظام عن الادعاءات الايديولوجية (لعروبة السودان، على خلفية مشروعه الحضاري المزعوم).. هذه الادعاءات، التي شكلت احد العوامل الرئيسية في تمزيق جغرافيا ومجتمعات السودان خلال السبعة وعشرين عاما الماضية، خصوصا ان مفهوم العروبة ظل واضح التطابق بل ومتماهي في وعي الحركة الاسلاموية منذ نجاح انقلابها في 1989، وهذا التطابق بين (العروبة كعرق وثقافة والاسلام كعقيدة ودين)، لا يغيب عن المراقبين، انه مثل احد عوامل انقسام الحركة الاسلاموية (الغرابة/قبائل الزرقة، مقابل العرب/ اولاد البحر)، في مفاصلة رمضان الشهيرة!.. الانحياز لخيار الهوية السودانية التي يلتقي فيها (العرب وغير العرب)، ظل قضية مطلوبة منذ تشكل ونشوء الحركة الوطنية في السودان، ما اود قوله هنا، ان هذا النظام الفاشي ظل يعمد الى تفريغ الشعارات النبيلة والعزيزة على الشعب، و التي رفعتها القوى الوطنية، كاجابات لاسئلة الخلل الاداري لاقاليم السودان، والتنمية غير المتوازنة، فتحولت (الفدرالية)، كمطلب عزيز بقدرة قادر على يدي هذا النظام، الى تجزئة وانقسام وتفتيت للجغرافيا، كالذي يجري باسم (الاستفتاء) الان في دارفور.. وهكذا، مثلما تحول الاسلام من عقيدة مقدسة الى راسمال تجاري لابتزاز عواطف الشعب الدينية، للحصول بواسطته على مكاسب مادية محضة للاسلامويين وبطانتهم وشيعتهم، بتفريغه من قيم الامن من الخوف والجوع، واحقاق العدل، والخير والمساواة!.. وهكذا لم يتبنى هذا النظام مطلبا او قضية مطلوبة، الا وفرغها من محتواها الايجابي، لذلك نرى ان هذه اللجنة المزعومة بحوارها المزعوم، تستهدف الهوية السودانية كخيار لتجييره لاجندتها الخاصة، بعد ان تلاعبت بالتركيبة السكانية للسودان ففصلت جنوبه، واستجلبت اجانب في دارفور احلتهم محل السكان الاصليين، في الوقت ذاته لا تزال الالة العسكرية للنظام تقتل وتبيد السودانيين في مناطق الصراع المسلح، عليه لا اعتقد ان مخرجات هذا الحوار المخصص لافراغ الشعارات والقضايا النبيلة من محتوياتها، يعني سوى المشاركين فيه ! فقضايا السودان لا تحل بالتجزئة ولا بدس السم في الدسم وقولة الحق التي يراد بها باطل، كمحاولة اخرى لرفع قميص عثمان! [email protected]