الأستاذ/ نبيل اديب مما لا ريب فيه ان ما حدث لمكتب الأستاذ/ المذكور أعلاه يعد اخطر و اغرب سابقة في تاريخ السودان الحديث تمس مباشرة استقلال احد اضلاع مثلث العدالة و يعبر بصدق عن مدي التردي و البؤس و الانحطاط التي انحدرت اليه البلاد تحت نير الإنقاذ لذا لقد هز هذا الحادث ضمير و وجدان منظمات المجتمع المدني المحلية و الإقليمية و الدولية التي أصدرت بيانات ادانت فيه السلوك البربري الهمجي لعصابة ما يسمي بجهاز الامن الوطني في تقديري الي الان مواقف كل الجهات ذات الصلة بما فيها نقابة المحامين السودانيين في حدود المعقول و نتطلع الي مزيد من الإجراءات و الضغوط حتي تعود لمهنة المحاماة هيبتها و كرامتها. ما دعاني الي الكتابة حول هذا الحادث محاولتي لتكييف الوقائع قانونيا للمساهمة في معرفة موقف كل طرف و فق القانون سواء كان الأستاذ/ المحامي او موكليه مع الإشارة الي المبادئ القانونية العامة التي التي تحكم مهنة المحاماة و التي اثارتها الحادث. أولا-هل يجوز تفتيش مكنب المحامي و حجز ما فيه من مستندات و أوراق و ملفات متبادلة بين المحامي و موكله او بغرض القبض علي موكليين اثناء الادلاء باقوالهم لمحاميهم ؟ للإجابة علي هذا السؤال لقد اختلفت الآراء في هذا الصدد بين جواز و حظر تفتيش مكتب المحامي , لكن حتي الرأي الذي يجوز تفتيش مكتب المحامي مقيد بان يكون المحامي صاحب المكتب متها في جريمة و هذا يعني بمفهوم المخالفة, لا يجوز تفتيش مكتب المحامي اذا لم يكن متهما في جريمة , و بالرجوع الي وقائع هذا الحادث الأستاذ لم يكن متهما بجريمة و بالتالي التفتيش الذي تم مخالف للقانون و كل ما ترتب عليه يعتبر باطلا بالاطلاع عل قانون المحاماة السوداني لقد سكت عن ذلك أي انه لم ينص علي جواز او حظر تفتيش مكتب المحامي قد يقول قائل ان التفتيش مباح طالما سكت عنه القانون المذكور وفقا لمبدأ الأصل الاباحة لكن ينبغي ان يفهم ذلك في اطار العلاقة بين المحامي و موكله و التزام الأول بالمحافظة علي اسرار موكله و بالتالي أي اجراء يحدث بمكب المحامي يجب الا يتضرر منه الموكل فالثابت من خلال الوقائع ان عدد من طلاب جامعة الخرطوم المفصولين اتو الي مكتب الأستاذ المذكور أعلاه بغرض تكليفه بالطعن في قرار فصلهم من الجامعة,من البديهي ان يكونوا ادلوا باقوال تتعلق بالوقائع التي اتهموا بها و من البديهي أيضا ان تكون هذه الاقوال مدونة بالملف او الكمبيوتر و الان كلاهما بطرف جهاز الامن ثانيا- فالسؤال الذي يتبادر الي الذهن هل ينوي جهاز الامن استخدام الاقوال المشار اليها انفا في مواجهة الطلاب المذكورين اثناء أي تحقيق او المحاكمة ؟ اذا كانت الإجابة علي هذا السؤال بالإيجاب فالمصيبة اكبر و اخطر مما نتصوره,لان هذه الاقوال عبارة عن اسرار بين المحامي و موكليه و بالتالي لا يجوز لاحد الاطلاع عليها و فقا للمبادئ العامة للعدالة و قانون المحاماة السوداني كما ورد في القاعدة الذهبية,لان من التناقض ان يكون القاضي او وكيل النيابة او الجهة التي تباشر التحقيق علي علم بحق المدافع المحامي في حفظ السر ثم يرغب من جهة اخري في ضبط الأوراق و المستندات, فالتزام المحامي لا يقتصر فقط من اعفاءه من الشهادة ضد موكله و انما تمتد الحماية القانونية الي مكتبه الذي يجب ان يكون بمنأي عن التفتيش و البحث في مستودع السر علي القرائن او ادلة الاتهام المسندة الي عملائه, ليس حفاظا علي كرامة المحامين و مصالح العملاء فحسب بل يستند الي احترام حق الدفاع فحرية الدفاع تتطلب إزالة كل عائق عن طريق الاتصال بين المحامي و عميله ابوطالب حسن امام/ المحامي و المدافع عن حقوق الانسان سويسرا [email protected]