والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    إقصاء الزعيم!    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    دبابيس ودالشريف    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(حريات) تنشر نص المذكرة الرفيعة للمحامين دفاعاً عن كرامتهم وكرامة المهنة
نشر في حريات يوم 22 - 09 - 2015

يزمع المحامون تقديم مذكرة لرئيس القضاء للدفاع عن كرامة المهنة وكرامتهم ، وجاري جمع التوقيعات عليها من قبل مئات المحامين حالياً ، وفق ما أفاد الأستاذ سمير مكين المحامي.
وتعرض عدد من المحامين لانتهاكات من قبل قضاة أثناء تأدية المحامين لواجبهم داخل قاعات المحاكم ، مؤخراً ، منهم سمير مكين نفسه أثناء قضية الدفاع عن الشابات المسيحيات من جبال النوبة ، حينما أمر قاضي النظام العام عارف محي الدين في يوليو 2015م بطرده وضربه ثم الحكم بحبسه 72 ساعة لولا تدخل رئيس القضاء شخصياً لإطلاق سراحه.
ووصف مكين خلفية المذكرة قائلاً (نحن كمحامين انشأنا 4 قروبات في الواتساب، تمخض عنها اجتماع في دار المحامين غابت عنه نقابة المحامين وحضره حوالي 200 محامى ، وتكونت لجنة لإعداد المذكرة ولجنة اعلامية وكانت قرارات الاجتماع أن نسير قدما في صياغة المذكرة ونجمع التوقيعات عليها من أكبر قدر من المحامين في كافة أنحاء السودان).
وقال مكين إن المذكرة المعنونة (مذكرة بشأن تطوير العلاقة المهنية بين الأجهزة العدلية) – والتي تحصلت (حريات) على نسخة منها – تتطرق ل(مفاهيم العدالة والمبادئ التي تحكم عمل المحامين في الإطار العدلي وقانون المحاماة وحصانة المحاماة وغيرها من القضايا التي تشغل بال المحامين في ظل الانتهاكات التي حدثت مؤخراً).
وقال مكين (نزمع تقديم المذكرة لرئيس القضاء بعد عودته من الحج).
وأضاف (لا زالت التوقيعات على المذكرة من قبل المحامين جارية بكثافة في كل ولايات السودان)، ولدى سؤال (حريات) عن العدد الذي وقع على المذكرة حتى الآن قال (من الصعب حصر العدد، لكن العدد كبير فالآن هناك حوالي أربعة أو خمسة قروبات في الواتساب القروب فيه حوالي تسعين محامى كلهم وقعوا وكثير منهم نشطين في جمع التوقيعات في ولايات السودان المختلفة).
بسم الله الرحمن الرحيم
البروفسر حيدر أحمد دفع الله
رئيس القضاء
جمهورية السودان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
مذكرة بشأن تطوير العلاقة المهنية بين الأجهزة العدلية
سعادة رئيس القضاء رئيس المحكمة العليا
تحية وإجلالاً
يطيب لمقدمي هذه المذكرة أن يخاطبوا سيادتكم ملتمسين في ضوئها كريم استجابتكم العاجلة وذلك بحكم أننا لاحظنا وفي الآونة الأخيرة خروجاً عن العلاقات الطبيعية بين الأجهزة العدلية بصورة عامة والقضاء الجالس والقضاء الواقف بصفة خاصة. وحيث أن رئيس المحكمة العليا ورئيس القضاء، وبحكم منصبه هو المسئول الأول عن السلطة القضائية وما ترتبط به من أجهزة عدلية بصورة مباشرة أو غير مباشرة فإننا وانطلاقاً من مسؤولياتنا المهنية نلتمس شاكرين أن تسمحوا لنا أن نقول بأنكم تعلمون بأن هناك بوادر للخروج والمجافاة للمباديء والتقاليد العدلية الأساسية التي سارت عليها المهن العدلية الأمر الذي يتطلب صدور مناشير تعيد للعلاقة الروح والمسار الطبيعي وذلك طبقاً لما يلي:
أولاً: مفاهيم العدالة التي تأسس عليها القضاء في السودان:
المبدأ الأول: تتألف المحكمة في أي نظام عدلي من قاضٍ وخصوم ومحامين. وقد أعطى القانون لكل طرف حقه في الاحترام والحصانة وعهد لقاضي المحكمة ضبط الجلسة وقيادة الخصومة للحكم العادل. ممارسة القاضي لسلطته التقديرية يشاركه فيها المحامي بمخاطبة القاضي وتذكيره بالنصوص وبيان القانون الواجب التطبيق بحيث لا يشتط ويتعسف في استعمال سلطته. وكما لا يخشى القاضي في حكمه لومة لائم فإن المحامي بذات القدر يملك أن يشير ويصوب المحكمة بمواطن القصور والخروج عن القانون منعاً من تنكب الطريق السليم. ومن نتائج ذلك يطرأ التوتر والاحتكاك بين القاضي والمحامي أو بين محاميي الخصوم غير أن ذلك يجب ألا يخرج عن إطار اللياقة والذوق وأدب المرافعة. ومن الطبيعي وبعد رفع الجلسة أن يكون مثل ذلك التوتر مدعاة للأنس والإلفة وعميق الصلات بين زملاء المهنة إذ إن الخلاف لا يجوز أن يكون شخصياً وإنما في سياق أداء العملية العدلية.
المبدأ الثاني: طبيعة عمل المحامي هي التصدي والمواجهة بكل أدب واحترام. واجب المحامي في احترام القاضي لا يقل عن واجب الأخير مراعاة مهنة المحامي الذي يعبر بكل وضوح وبدون مهابة أو خضوع أو تنازل عن الخصومة الشريفة التي يمثلها. إغفال القاضي أو المحامي لواجباتهما ينزع حرمة المحكمة المنعقدة وهي في نظرنا كيان مستقل عن شخوص الزملاء من قضاة ومحامين.
المبدأ الثالث: ندفع بهذه المقدمة تذكيراً بواجبنا في مراعاة المنظومة العدلية التي نمثلها ولا نريد أن تكون قضية بعينها مادة إعلامية أو سبباً للنقاش المفتوح بين أفراد البيت الواحد أو الفتنة أو الوقيعة بين زملاء المهنة وذلك لكون هذا المفهوم ظل راسخاً ولا نريد أن نكون طرفاً يسن سنة سيئة ظل القانون السوداني عاصماً لها فكان لزاماً علينا ألا نكون قاصمة تهدد هذا البنيان العظيم.
المبدأ الرابع: الخطأ في حق المهنة العدلية باب عظيم من أبواب الظلم التي تستوجب التذكير بقوله تعالى: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلمو منكم خاصة".. الآية. لذا فإن وضع الأمور في نصابها يلقي علي عاتق كل من يتناول هذا الموضوع أن يراعي تلك الأسس والقواعد بعيداً عن عصبية الانتماء الضيق أو الجهوية وإنما إحقاق الحق سيما وأن هذه المسائل ستظل تاريخاً يدرس في حق المهن العدلية وأطرافها.
المبدأ الخامس: يمنح قانون المحاماة 1983م بموجب المادة 22 أي محامي مقيد بجدول المحامين السودانين امتيازاً خاصاً وحصانة كاملة متى ظهر أمام أي محكمة طبقاً لتعريف المحكمة الوارد بالمادة 3 من قانون المحاماة 1983م سواء كان ظهور المحامي أمام تلك الجهات محامياً أو وكيلا بالخصومة أو صديقا أو بأي صفة أخرى، ويكفي لتطبيق أحكام قانون المحاماة أخذ الجهة التي يظهر امامها علماً بواقعة كونه محامياً بغض النظر عن الصفة التي يظهر بها. وطالما أخذت الجهة التي يظهر أمامها المحامي علماً بهذه الصفة (الواقعة) فلا يجوز رفض مراعاة حقوق المحامين المخولة بموجبة قانون المحاماة 1983م.
المبدأ السادس: التوسع في تعريف المحكمة طبقاً لقانون المحاماة 1983م قصد منه المشرع توسيع دائرة الحصانة والحقوق والامتيازات التي يتمتع بها المحامي بغض النظر عن نوع المحكمة التي يظهر أمامها سواء كانت تلك التي جاز تسميتها بالمحكمة هي بالفعل محكمة أم جهة قضائية أو شبه قضائية. غني عن البيان أن ما جاز تسميته بالمحكمة لأغراض قانون المحاماة 1983م يحتم على المحامي أن يراعي الواجبات المقررة بموجب هذا القانون بأن يحترم تلك الجهة التي تمت تسميتها "محكمة". يجدر بالقول أن القانون المذكور يكون واجباً التطبيق ولو كان المحامي خارج ساعات العمل بحيث تتم محاسبة المحامي بموجب هذا القانون لمجرد كونه محاميا إذ بفعله قد يكون حط من أخلاقيات المهنة المقررة قانوناً. بعبارة أخرى إن قانون المحاماة 1983م كما يمنح امتياز للمحامي بموجب التشريع ينص على واجبات يجب مراعاتها لمجرد أن المستحق محامياً.
المبدأ السابع: حسب علمنا المتواضع، أن مفهوم جريمة ازدراء المحكمة التي تقع من الشخص العادي تختلف عن جريمة الزراية أو الاساءة بالمحكمة التي تقع من القاضي أو المحامي بحكم أن الأخيرين يعتبرا جزءاً من المحكمة، فجريمة الزراية بالمحكمة بمفهومها العادي لا تقع عن القاضي او المحامي. وفي حال وقوع مثل هذه الجريمة فإن محاكمة أي محامي أو قاضي عن الإخلال بإساءة المحكمة أو الإخلال بواجبات المهمنة لا تتم أمام ذات المحكمة وإنما بموجب إجراءات خاصة نظمها قانون المحاماة 1983م وقانون السلطة القضائية 1986م.
المبدأ الثامن: أي ادعاء عن فعل يشكل إخلالا بواجبات مهنة المحاماة لا يجوز لأي جهة بخلاف مجلس التأديب المنشأ بموجب المادة 3 من قانون المحاماة 1983م أن تختص بمحاكمة المحامي عنه طبقاً لما قررته المادة 52 من القانون المذكور. وتحقيقاً لذلك طبقت المحاكم السودانية هذه القاعدة في الحكم الصادر حديثاً في قضية عبد العظيم حسن ضد الأمين الشيخ مصطفى(2012) مجلة الأحكام القضائية، صفحة 267. في ذات السياق، مسألة عدم خضوع بعض شاغلي المهن العدلية للمحاكمة أمام القضاء العادي ليست بدعة منصوصاً عليها في قانون المحاماة 1983م فحسب، فعلى سبيل المثال تقرر التشريعات حصانة لمنسوبي الشرطة طبقاً للسوابق القضائية أو القواعد الواردة بالمادة 45/2 من قانون الشرطة 2008م.
المبدأ التاسع: أشرنا إلى أن قانون المحاماة 1983م بموجب المادة 22 يمنح المحامي امتيازاته الكاملة سواء كان ظهوره أمام محكمة محامياً أو خصماً في مسألة تخصه شخصياً أو وكيلاً بالخصومة أو صديقاً. تطبيقاً لذلك فسرت محكمة الاستئناف الخرطوم في قضية بنك الخرطوم ضد شركة تترا باك المحدودة [1] نص المادة 22 بأنه يمنح المحامي امتياز الظهور في أي دعوى مدنية أو جنائية بوصفه وكيلاً مفوضاً. وفي سياق تفسير النص المذكور والوارد ضمن قانون المحاماة 1983م رفضت محكمة الاستئناف المبدأ الذي قررته القضية الدستورية محمد عوض حمزة ضد عبد السلام العوض[2] والتي كانت المحكمة الدستورية قد ذهبت فيها للقول بأنه لا يجوز للمحامي أن يظهر في الدعوى بأكثر من صفة. الأمر الذي فسره البعض بأنه لا يجوز للمحامي مطلقاً أن يكون وكيلاً بالخصومة وهذا ما رأت فيه محكمة الاستئناف مخالفة لنصوص قانون المحاماة 1983م والتي تبيح صراحة للمحامي أن يظهر وكيلاً للخصومة متى كان يملك تفويضاً صريحاً للقيام بهذا الواجب. من متلازمات نص المادة 22 من قانون المحاماة 1983م أن المحامي يستمتع بالامتيازات التي يوفرها له القانون المذكور سواء كان ظهوره أمام أي محكمة بوصفه محاميا أو وكيلاً بالخصومة.
المبدأ العاشر: قانون المحاماة 1983م وبشأن الحصانات المقررة للمحامي لم يفرق بين محكمة جنايات أو غيرها من المحاكم. مع ذلك نود أن نشدد على واجب محكمة الجنايات، بوجه أكثر خصوصية، عندما تأخذ علماً بأن من يمثل أمامها محامياً. فلصفة المحامي يقرر القانون واجبات وفي المقابل ضمانات إضافية سواء لأغراض تفسير النصوص لمصلحة المتهم أو إعمالاً لمبدأ الشرعية لمتطلبات الجرائم المتعلقة بسير العدالة والتي من ضمنها المادة 116 من القانون الجنائي 1991م والتي تقرر مراعاة حقوقاً دستورية وأساسية واجبة التطبيق في حق المواطن العادي دعك كون من يظهر أمامها محامياً.
المبدأ الحادي عشر: قواعد السلوك المضمنة بلائحة تنظيم العمل القضائي لسنة 1405ه نصت في المادة 11 على عدة واجبات ألزمت الزملاء القضاة بمراعاتها. من ضمن تلك الواجبات ألا يستغل القاضي سلطته أو نفوذه لجلب منفعة أو دفع مفسدة. كما لا يجوز للقاضي أن يجلس في نزاع أو خصومة تخصه أو له فيها مصلحة. ويجوز أخذاً بمفهوم المخالفة منع القاضي من أن ينظر خصومة له فيها عداوة حقيقية أو محتملة أو قد ينتصر فيها لنفسه وكبريائه. تأسيساً على ذلك لا يجوز لأي قاضي أن ينصب نفسه شاكياً وخصماً وحكماً الأمر الذي تأباه قواعد الشريعة الإسلامية ومباديء العدالة التي سارت عليها محاكمنا طبقاً لما قررته قضية حكومة السودان ضد حاج بلال حاج الإمام (1978) مجلة الأحكام القضائية صفحة 228 حيث كانت المحكمة العليا قد انتهت للقول: "تولى القاضي محاكمة قضية هو في واقع الأمر طرف فيها وله مصلحة شخصية في إدانة المتهم يشكل خطأ جسيماً يخالف كل القواعد الأصولية وأسس العدالة والتقاليد المعمول بها.. ويجعل الحكم الصادر لا محل له وغير نافذ".
الحوادث المتكررة والتي برزت مؤخراً وبالإضافة لمخالفتها لتقاليد المهنة خرجت عن المسار القانوني كما أنها افتقرت لعدة شروط أساسية أغفلت القواعد الأساسية والحقوق الدستورية لما يلي:
1/ تنص المادة (3) من قانون الإجراءات الجنائية 1991م على: (تطبق أحكام هذا القانون على إجراءات الدعوى الجنائية والتحري والضبط والمحاكمة والجزاء المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي 1991م أو أي قانون آخر مع مراعاة أي إجراءات خاصة ينص عليها في أي قانون آخر.) فالجريمة تحت المادة (116) من القانون الجنائي 1991م تستوجب وحسب نص المادة (3) أن يتبع في نظرها جميع الأحكام الواردة في قانون الإجراءات الجنائية 1991م المادة (33) من ذات القانون تنص على (تفتح الدعوى الجنائية بناء علي علم لدي الشرطة الجنائية أو وكيل النيابة أو بناء علي ما يرفع الى إليهما من بلاغ أو شكوى.) في كل الظواهر التي طفحت لم يتم فتح دعوى أمام النيابة أو الشرطة. بل تمت محاكمات وإدانات وتوقيع عقوبات دون أن تكون هنالك دعوى جنائية مقيدة أصلاً. أحكام قانون الإجراءات الجنائية 1991م لا تمنح القاضي الحق في فتح الدعوى الجنائية إلا في حالة واحدة وهي عدم وجود وكيل النيابة في دائرة الاختصاص، فعند ذلك حصراً يمارس القاضي سلطات وكيل النيابة حسب نص المادة (7/2/د) من قانون الإجراءات الجنائية 1991م، وحتى في تلك الحالة لا يقوم بذاك بصفته قاضٍ، بل بصفته وكيل نيابة، وحيث إن تلك الأحكام قد صدرت دون أن تكون هنالك دعوى جنائية مقيدة أصلاً، فإنها جسدت أحكاماً باطلة وفي حكم المنعدمة وما زلنا ننتظر قضاء المحكمة العليا بشأنها.
2/ تأخذون علماً بأن المادة 116 من القانون الجنائي 1991م واردة ضمن المواد من 104-116 وهذه الجرائم طبقاً للمادة 35 من قانون الإجراءات الجنائية 1991م مما لا يجوز فتح الدعوى الجنائية بشأنها إلا بعد الحصول على الإذن من الجهة المختصة، وحتى إذا قلنا بأن أي محكمة يقع أمامها الإخلال بسير العدالة هي جهة الاختصاص في منح الإذن فإن الإذن مرحلة سابقة لوجود دعوى واجب تحريكها وبانعدام كل من الإذن والدعوى المقيدة فإن ذلك الانعدام يعتبر سبباً كافياً لبطلان المحاكمة بموجب المادة 116 من القانون الجنائي 1991م. يجدر بالقول أن عدم الحصول على الإذن في الجرائم المخلة بسير العدالة سارت المحكمة العليا على إبطال أي إجراءات تتخذ في غيابه لصريح النص الذي يجب أن يفسر لصالح المتهم. ومن النماذج القضائية التي قررت ذلك نذكر منها على سبيل المثال قضاء المحكمة العليا في قضية حكومة السودان ضد الوافر بابكر وآخرين[3]. يبقى القول، وبغض النظر عن صفة المتهم، وبغياب الإذن طبقاً لمتطلبات المادة35 من قانون الإجراءات الجنائية 1991م يجعل الإجراءات باطلة بطلاناً محضاً.
3/ المادة (138) من قانون الإجراءات الجنائية 1991م لا تمنح المحكمة الحق في أن تحاكم أي جريمة تقع أمامها بصورة فورية إذ لا بد من وجود دعوى مقيدة، فالمادة (138) تنص على ((1) (1)ضبط جلسة المحكمة وادارتها منوطان بالقاضي وله أن يخرج من قاعة الجلسة من يخل بنظامها وأن يتخذ أي اجراء قانوني لذلك. (2)إذا ارتكب شخص اي فعل مما يعتبر جريمة وفق احكام المادة 116 من القانون الجنائي لسنة 1991، اثناء انعقاد الجلسة فيجوز للمحكمة التي ارتكبت الجريمة امامها محاكمته بالغرامة أو احالته لمحكمة أخرى . (3)اذا قضت المحكمة بناء علي أحكام البند (2) بادانة الجاني ومعاقبته ،فيجوز لها متى أذعن الجاني لقرار المحكمة أو قدم اعتذارا مقبولا لديها،أن تصدر أمرا بالعفو عنه واسقاط العقوبة.) إذا أمعنا النظر في هذا النص نجد فقرته الأولى تنص على سلطة المحكمة في إخراج من يخل بنظام الجلسة من القاعة، وأن تتخذ أي إجراء قانوني لإخراجه. وهذا هو فقط الإجراء المباشر الذي يمكن لذات المحكمة أن تتخذه بنفسها وفي الحال، وهو إخراج من يخل بنظام الجلسة خارج القاعة ولها أن تستخدم أي إجراء قانوني لذلك، كأن تأمر الشرطة بإخراجه مثلاً. أما إذا ارتكب الشخص فعلاً يعتبر جريمة بموجب المادة (116) من القانون الجنائي 1991م فإنه لا يجوز للمحكمة أن تحاكمه مباشرة، وذلك لثلاثة أسباب: أولها: أن مبدأ الشرعية يستوجب اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها بصريح القانون ولا يجوز الخروج عن النصوص الصريحة لتقرير قاعدة أو مبدأ يضر بالمتهم. بعبارة أخرى من واجب المحكمة أن تتبنى القواعد والتشريعات والنصوص ما يكون في مصلحة المتهم متى كان ذلك ممكناً ولا يجوز تفسير النصوص بما يكون ضاراً. ثانيها: أن نص المادة (138/2) من قانون الإجراءات الجنائية 1991م لا يقرر ولا يعفي المحكمة من اتباع إجراءات فتح الدعوى الجنائية المنصوص عليها في مواد القانون. ومما لا شك فيه أن الشرعية الإجرائية تستوجب عدم إغفال ما يطرأ في طريقة فتح الدعوى الجنائية والذي أصبح بيد النيابة وليس المحكمة بحيث لا تكون الأخيرة خصماً وحكماً. ثالثها: إن مواد القانون تقرأ وتفسر بعضها بعضاً. سواء كانت فقرات متعددة أو مواد مختلفة. نشير هنا لطفاً لقضية الأمين الرسمي للتفليسة ضد أحمد بابكر محمد (2004) مجلة الأحكام القضائية، صفحة 220، فلا بد إذاً من الوضع في الاعتبار أن المشرع لم يقصد أن يفسر نص المادة (138) بما يخالف نص المواد (3) و(35) من قانون الاجراءات الجنائية 1991م، فهما جاءا في نص المادة (138) من جواز أن تقوم بالمحاكمة المحكمة نفسها أو تحيلها لمحكمة أخرى فلا ينبغي أن يفهم منه أن المحاكمة تكون مباشرة وبصورة تلقائية ودون فتح الدعوى الجنائية وبواسطة نفس القاضي. وإنما يجب فهم المقصود أن المحكمة المقصود بها الكيان وليس القاضي وأن ما ارتكب أمامها كان لكونها محكمة منعقدة وقعت أمامها الجريمة تحت المادة (116) من القانون الجنائي 1991م فيجوز من ثم أن تأذن بفتح الدعوى الجنائية، ويجوز أن يكون القاضي الذي تمت المخالفة امامه شاكياً. غير انه وفي جميع الأحوال وعند نظر المحكمة لهذه القضية يجب أن تكون أمام قاضٍ آخر بذات المحكمة أو لمحكمة أخرى. واضح من صياغة النص أن المشرع وباستخدامه للفظ يجوز راعى الجانب العملي إذ قد لا يكون بالمحكمة إلا ذات القاضي الذي ارتكبت أمامه المخالفة على أن يبين ذلك بالمحضر. السلطة الجوازية الواردة بنص الفقرة 2 من المادة 138 من قانون الإجراءات الجنائية 1991م ومباشرة سلطة الإحالة لمحكمة أخرى قصد منها المشرع مراعاة كون من يمثل أمام المحكمة ووقعت منه المخالفة قد يكون محامياً وفي هذه الحالة فإن المادة 46 من قانون المحاماة 1983م تصبح هي القاعدة الواجبة التطبيق ويصبح لزاماً على المحكمة التي وقعت أمامها المخالفة الإحالة لمجلس تأديب المحامين والذي هو بنص القانون محكمة طبقا للمادة 3 من قانون المحاماة 1983م.
4/ هناك تفسير يذهب إلى أن نص المادة 138/2 من قانون الإجراءات الجنائية 1991م يمنح محكمة الجنايات سلطة إجرائية محدودة في الأوقات التي يرقى فيها سلوك أحد الخصوم بما يعتبر مخالفة لنصوص المادة 116 من القانون الجنائي 1991م. وهذه السلطة في حدود ضبط الجلسة وبما لا يرقى للقول بأنها دعوى جنائية. وتفعيلا للسلطة الإجرائية منح القانون المحكمة أن تفرض غرامة رمزية. ورمزية الغرامة المقررة بموجبة المادة 138، ليست دعوى جنائية، إذ يجوز للمحكمة ذاتها أن تلغيها متى اعتذر من أخل بالانضباط وتسقط حتى تلك الغرامة الرمزية. السلطة الإجرائية الاستثنائية المحدودة واضحة لكون الغرامة المقرررة بموجب المادة 138/2 مقيدة وتختلف عن العقوبة المقررة بموجب المادة 116 من القانون الجنائي 1991م كما أن الغرامة بموجب المادة 138 لم تتضمن عقوبة سجن بديل مما يؤكد أنها إدانة بموجب إجراءات المادة 138 من قانون الإجراءات الجنائية 1991م وليس المادة 116 من القانون الجنائي 1991م.
5/ بغض النظر عن صحة هذا التفسير للسلطة الإجرائية المقرر لمحكمة بموجب المادة 138 من قانون الإجراءات الجنائية 1991م فإن هذه السلطة ظلت تخرج عنها محاكم أول درجة وبكل أسف حتى بعض محاكم الاستئناف مما يعد مخالفة صريحة للتفسير العادل ومقتضيات السلطة الإجرائية الاستثنائية. فأي محكمة لا تملك أن تعتبر هذه الإجراءات الاستثنائية بموجب المادة 138 من قانون الإجراءات الجنائية 1991م دعوى أو تمنحها رقم محاكمة. الحال كذلك فإن ما قامت به بعض المحاكم وأيدتها فيه بعض محاكم الاستئناف يتضمن عدة مخالفات تتمثل في: المخالفة الأولى: كافة المحاكمات لم تخضع للسلطة الإجرائية المقررة بموجب المادة 138 بدليل ان كل المحامين تعرضوا للحبس وهو تدبير غير وارد في النص المذكور. المخالفة الثانية: خضوع المحامين لمحاكمة وعقوبة بموجب المادة 116 من القانون الجنائي 1991م والمحاكم لا تملك ممارسة المحاكمة بموجب هذه المادة إلا في سياق دعوى ممنوح عنها الإذن ويتم تحريكها بواسطة النيابة الجنائية المختصة. المخالفة الثالثة: تظل جميع القواعد الإجرائية المقررة لمحكمة الجنايات غير واجبة التطبيق على من هو محامي يستمتع ويجب أن يستمتع بالحصانات المقررة في قانون المحاماة 1983 متى ظهر أمام أي محكمة بأي صفة كما أوضحنا.
6/ من المسائل الجديرة بالملاحظة أن المحاكم السودانية وقبل صدور قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م حينما كان لها سلطة أخذ العلم بالجريمة وفتح الدعوى الجنائية، سلكت سلوكاً رفيعاً في تطبيق نص المادة (71) من قانون الإجراءات المدنية 1983م وذلك بان ينأى القاضي الذي وقعت أمامه الجريمة عن نظر الدعوى، لينظرها قاضٍ آخر. فقد جاء في مؤلف د. محمد الشيخ عمر (قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م) الطبعة الثامنة (2008م) على صفحة (248) في تعليقه على المادة (71) من قانون الإجراءات المدنية 1983م ما يلي: (.. وقد جرى العمل عادة في حالة المخالفة المشار إليها تحويل القاضي للشخص المخل لقسم البوليس للتحقيق معه لمحاكمته بواسطة قاضٍ آخر بتهمة الإساءة للمحكمة وذلك توفيراً للعدالة المطلقة). كما جاء في مؤلف د. محمد شتا أبو سعد (قانون الإجراءات المدنية الإسلامي السوداني معلقا عليه) الطبعة الأولى، مايو (1985م) على صفحة (300)، وفي تعليقه على ذات المادة، ما يلي: (وفي السودان جرى العمل على قيام القاضي بتحويل من يخل بالجلسة إلى قسم البوليس لكي يُحقّق معه، توطئة لمحاكمته بواسطة قاضٍ آخر خلاف من كان يرأس الجلسة، وذلك بتهمة الإساءة للمحكمة، وهذا مسلك صائب يستلزمه توفير العدل المطلق بتوفير قاضٍ آخر لا تأخذه حالة الانفعال التي تعتري نظيره وقت الإساءة للمحكمة).
7/ الحوادث الشاذة التي ظهرت مؤخراً مثلت مجافاة صريحة لأحكام قانون المحاماة لسنة 1983م وتعديلاته حتى 2014م، والتي تمنح المحامي حصانة قانونية وتستلزم اتباع إجراءات معينة في حقه، فالحالات المشار إليها ضربت بعرض الحائط كل تلك النصوص القانونية، وكانت مراعاة نصوص القانون المذكور محصورة في الكتابة لنقابة المحامين بصورة من الحكم (!!) وكأن المحاكم الأدنى لم تعرف في قانون المحاماة ما يستحق التطبيق سوى نص المادة (68) التي تُلزم المحكمة بإبلاغ نقابة المحامين بالحكم الجنائي الصادر ضد المحامي!! تجاهلاً وقفزاً عن المواد (22)، (46) و(48) منه والتي تنص على الحصانة التي منحها القانون لكل من يشتغل بالمحاماة وبأي صفة يظهر. المحاماة وصف يستدعي ما قررته المحكمة العليا في قضية حكومة السودان ضم عمر سيد أحمد (1997م) مجلة الأحكام القضائية صفحة 32 ما يلي: (لا يجوز إغفال نصوص قانون المحاماة لسنة 1983م عند حدوث إخلال بنظام الجلسة من جانب المحامي بل يجب على المحاكم تطبيق النصوص الواردة في قانون المحاماة والمتعلقة بحصانة المحامين المواد 46-47-48-49-50 وهي نصوص خاصة). التدابير التي ظهرت مؤخراً خالفت نصوص قانون المحاماة 1983م مخالفة واضحة ومتعمدة، فحسب نص المادة (46) من قانون المحاماة ليس لأي قاضي الحق قانوناً في تقديم المحامي للمحاكمة، دعك من أن يقوم هو بمحاكمته، بل لا يجوز له أن يكون حتى عضواً في المحكمة التي ستحاكمه. لأن تقديم المحامي للمحاكمة حصره القانون على رئيس لجنة قبول المحامين بعد أن يطلع على تحقيق لجنة الشكاوى. وقد أضيف نص الفقرة (5) من المادة (46) مؤخراً ليقطع الطريق تماماً أمام أي تصرف يمكن أن ينال من حصانة المحامي، فقد منع النص المذكور من طرد المحامي من القاعة وبالتالي لا يمكن تجاوز ذلك بمنح الحق في محاكمته.
8/ في ظاهرة جد خطيرة، خرجت الأحكام التي تصدر ضد المحامين مخالفة لما يحدث الأمر الذي يكشف بأن المحاكمة خصومة شخصية وليست موضوعية فهناك وقائع غير صحيحة ولا يمكن أن تكون صحيحة وذلك لكونها صادرة عن خصم وحكم ونتيجة حزمة إجراءات باطلة بطلانا مطلقا كما بينا. الأكثر من ذلك أن بعض الأحكام تضمنت إخفاء وتغييرا في وقائع جوهرية ظاهرة في التسلسل الزمني للحيثيات بما يكشف أنها مختلقة وخارج الإطار القانوني للمحاكمة. بل إن بعض القضاة تضمنت أحكامهم محاولات يائسة للاستناد للمنشور (23/1952م) والسوابق الصادرة في ظله لمخالفتها النظرية التي قررها قانون الإجراءات الجنائية 1991م الذي غل يد المحاكم في أخذ العلم بالجرائم وقيدها والتحري فيها وحصر سلطاتها في المحاكمة. كذا الحال بالنسبة لاستدلال بعض المحاكم للحكم الصادر في قضية حكومة السودان ضد س م س الواردة في (2008) مجلة الأحكام القضائية صفحة 44 سنداً للحرمان من حصانة لم ترعها بعض المحاكم بانتباهها أو تمنحها حتى يجوز لها أن تستدل فيما بعد بالتنازل عنها أو حتى تعترف للمحامين بأنهم مستحقين لها.
السيد رئيس المحكمة العليا
تعلمون أن العدل أساس الحكم، ونوقن بأنكم تعلمون بأن بذور الفتن التي حاقت بالسودان كمشكلة الجنوب وتداعيات مشكلة دارفور وغيرها من الأزمات التي تمر بها البلاد كانت من مستصغر الشرر وعازتها اتخاذ التدابير القانونية لرأب صدعها. لذا فإن واجب النصح والمشورة يستدعي القول بأن التدابير التي تم اتخاذها لا تتناسب وما تقتضيه هذه التطورات المتسارعة والتي قد تؤدي ولأول مرة في تاريخ السلطة القضائية إلى شرخ تاريخي في العلاقة المهنية بين القضاة والمحامين وغيرهما من الأجهزة العدلية وخروجا عن الأعراف والتقاليد التي سارت عليها المهنة. لذا فإننا نأمل وعلى وجه السرعة بأن تتكرموا بإصدار وتجديد المنشورات التي توجه السادة القضاة بالالتزام بنصوص تلك المنشورات فضلاً عن الالتزام الصارم بقانون المحاماة 1983م وميثاق أخلاقيات المهنة.
ولكم وافر الشكر والتقدير
موقعة بواسطة المحامين الواردة أسماؤهم في الكشف المرفق
صورة للسادة
سعادة و زير العدل
سعادة وزير الداخلية
* المحاكم "يقصد بها المحاكم المنشأة بموجب قانون السلطة القضائية لسنة 1986م ويشمل المحاكم المنشأة بموجب القوانين الخاصة والمحاكم العسكرية ومجالس التأديب وهيئات التحكيم واللجان القضائية وأي جهة أخرى ذات اختصاص قضائي أو شبه قضائي"
*حكومة السودان ضد علي عمر الشريف وآخرين (1987) مجلة الأحكام القضائية، صفحة 111
* تنص المادة 22 على: "يجوز للمحامي سواء أكان خصما أصيلاً أو وكيلاً في قضية أو مسألة معينة أن ينيب عنه في الحضور فيها محامياً آخر تحت مسئوليته ا لكاملة ما لم يكون ممنوعاً من ذلك صراحة".
[1] أ س م/ تجاري/ 51/ 2003، محكمة الاستئناف الخرطوم (غير منشورة)
[2] م د/ق د/8/2001 (1999-2003) العدد الأول مجلة المحكمة الدستورية، صفحة 519، المحكمة العليا وبموجب حكمها الرصين الصادر في قضية حكومة السودان ضد حسب الرسول عبد الله الرقم م ع/ط ج/134/2004 (غير منشورة) رفضت النتيجة التي توصلت إليها المحكمة الدستورية بموجب حكمها المذكور لمخالفته صريح القانون.
[3] (1976) مجلة الأحكام القضائية، صفحة 571 أنظر قصاء حديث للمحكمة العليا في القضية المنشورة في (1993م) مجلة الأحكام القضائية صفحة 112.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.