أثر البطالة على الفرد والمجتمع: تبرز أهمية العمل كأداة للضبط الاجتماعي من خلال الافتراض القائم على أن العمل يلعب دوراً أساسياً في عملية تعزيز حالة الشعور بالتوافق الاجتماعي عند الفرد، فدورة الحياة ( المعيشة الفردية) لها تأثير أثناء فترة البطالة على القابلية والاستعداد الشخصي للشعور والإحساس بالمعاناة والألم نتيجة حالة التعطل (العوامل الذاتية) من جانب وعدم إتاحة أو وجود فرص للعمل أو تعويضات عن البطالة (العوامل الموضوعية) من جانب آخر، فحالة الشعور والإحساس بالمعاناة تؤدي بالفرد إلى الوقوع تحت الضغوط وإذا استمر الشعور بالضغط نتيجة لاستمرار حالة التعطل فإن ذلك يولد لدى الشخص حالة من (التوتر الضيق الانفعال)، مما يؤدي إلى شعور مستمر بالقلق وعدم الأمان، الأمر الذي يقود الشخص في نهاية المطاف إلى حالة من عدم التوافق الاجتماعي قد ينتج عنها اضطراب في العلاقة بين الفرد والمجتمع، لذا تٌحدث حالة البطالة خللاً في عملية التكيف النفسي الاجتماعي للفرد مع مجتمعه، الأمر الذي يؤصل الشعور الدائم بالفشل والإخفاق مما يدفعه إلى العزلة وعدم الانتماء.( ) ترتبط قضية البطالة بشكل رئيس بالجوانب الرئيسية للبناء الاجتماعي للمجتمع والدولة والمتمثل بالجوانب بالاقتصادية و الاجتماعية والصحية، حيث أن قابلية الناس للشعور والإحساس بالألم ترتفع في حالة عدم العمل فتصبح البطالة المصدر الرئيس لعدم السعادة والرضا ومن ثم تأثير حالة التعطل على مستوى الالتزام والتوافق الاجتماعي والانتماء وكذلك على نظرة الفرد لذاته وللمجتمع من حوله وطبيعة تفاعله معه. أكدت الدراسات والبحوث العلمية الارتباط الوثيق بين حالة التعطل بمستوى الجريمة والعنف، فالبطالة تتسبب بأحداث اضطرابات نفسية مع الذات واضطرابات قيمية مع المجتمع وتؤدي في حالة انتشارها وارتفاع معدلاتها في المجتمع إلى ميل واستعداد ذاتي لارتكاب واقتراف مظاهر سلوكية مخالفة للأنظمة والقوانين ومن ثم حدوث عدم الثقة بين الناس والمؤسسات السياسية ويؤدي ذلك إلى تقليص وتراجع قوة تأثير دور الأسرة كمؤسسة غير رسمية للضبط الاجتماعي ثم ارتفاع نسبة ومستوى وقوع الجريمة والانحراف في القيم والسلوك الفردي والجماعي في المجتمع ثم الانحلال الأخلاقي، فسوء الأوضاع الاقتصادية يعد المسئول الأول عن العنف في المجتمعات ارتفاع معدلات الجريمة مثل جرائم ذات علاقة بالأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي والأمن الجنائي والأمن الفكري المتمثلة في : التفاوت الاقتصادي بين أفراد المجتمع تدني مستويات المعيشة انخفاض القدرة الشرائية لأفراد المجتمع التفكك الأسري ضعف الضوابط الاجتماعية ارتفاع معدلات الهجرة الداخلية والهجرة الجماعية للشباب والعقول للخارج وتعرض المهاجرين للقرصنة والاتجار بالشر وإنهاء الحياة في البحار والمحيطات والصحاري انعدام الترابط بين أفراد المجتمع تعاطي المخدرات إدمان الخمور والمشروبات الكحولية السرقة السطو جرائم الاغتصاب والعنف الأسري وسوء معاملة الأطفال سوء التكييف الاجتماعي عدم الالتزام والانسجام مع الأنظمة والمعايير والقواعد السلوكية والمبادئ المقرة والمقبولة المألوفة اجتماعيا التأثير في التوازن النفسي والحالة النفسية والمزاجية للفرد انتشار حالة الاعتلال النفسي والعقلي ومن ثم التأثير سلباً على الصحة النفسية والعقلية والشعور والإحساس بالمعاناة والوقوع تحت الضغوط النفسية المختلفة تنامي ورسوخ روح الرفض والعدوانية تجاه المجتمع ومؤسساته الإحساس بالإحباط واليأس الذي يدفع بدوره للانحراف بممارسة الرذائل ومصاحبة أقران السوء بسبب وجود الفراغ زيادة معدلات ارتكاب الجرائم والسلوكيات المنحرفة بصفة عامة ارتفاع معدلات الاعتداء على الأموال ارتفاع معدلات جرائم الخروج على النظام العام القتل الإيذاء الجسدي تنامي معدلات جرائم التطرف الفكري بين العاطلين لمزاولة الإجرام بكافة صوره وأشكاله و العنف والتمرد على النظام والتطرف والإرهاب والاعتداء على الممتلكات العامة. في الحلقة القادمة: حلول البطالة [email protected]