*والصحيح لغوياً هو (عش) وليس (عيش).. *فالفعل هنا بصيغة الأمر كيلا نعطي ثُغرة للذين نعنيهم بكلمتنا اليوم.. *وكلمة (ثُغرة) هي بضم الثاء- بالمناسبة - لا فتحها.. *فهكذا علمنا جدنا (الأعجمي) سيبويه لا المستعربون في بلادي.. *رغم إن ما يفعله هؤلاء في لغة الضاد - الآن- يجعلنا نمد رجلينا ونحن نكتب.. *بل يمكننا أن نكتب برجلينا هاتين عوضاً عن اليد.. *ولو كان سيبويه عائشاً بيننا لقال (يا زول ها، أكتب ساكت ولا يهمك).. *ولم أقل (عائشاً البيش) ، وإنما وسط (البيش).. *وذلك بالنظر إلى (البشتنة) اللغوية المنتشرة هذه الأيام.. *في الصحف ، الفضائيات ، الإذاعات ، المنتديات ، وحتى الجامعات.. *أما مفردة (بيش) هذه نفسها فيعود فضل إلمامي بها إلى قارئ شاب.. *قال لي (يا أستاذ ما تتعب نفسك مع ديل وعيش زيهم البيش).. *وكان ذلك في خضم معاركي مع مناضلي الأسافير أيام الذي ظنوه (ثورة).. *وعرفت منه أن (البيش) هو شيء مثل (الوهم).. *هو أمر لا يقل خطورة عن الذي ذكره سمير عطا الله في كلمة له البارحة.. *فقد كنت أظن أن الحقد- بين الصحافيين-هو (ماركة) سودانية.. *صحيح هو أحد كريه الخصال المتفشية وسط السودانيين بشكل عام الآن.. *خصال كتبت عنها مرة تحت عنوان (إنت ليه سوداني كدا؟).. *وهي الحقد والغيرة والحسد والشماتة .. *ولكني ما كنت أظنها موجودة لدي رصفائنا العرب كذلك.. *أو على الأقل بكل هذه الحدة التي نتصف بها.. *قال عطا الله (أي مهنة في الأرض مليئة بالغيرة والحسد إلا الصحافة).. *(فهي الغيرة والحسد ، وجنون الغيرة والحسد).. *ويمضي قائلاً (بعض الزملاء يضرعون لفشلك أكثر مما يضرعون لنجاحهم).. *وهو لديه تجاربه الخاصة المؤلمة ؛ ونحن كذلك.. *تجارب قد تبلغ مرحلة ألا تميز بين الضحكة الصادقة والكاذبة في وجهك.. *بين الذي يُقال أمامك ، ونقيض له من وراء ظهرك.. *بين الاسم الذي تعرفه ، وآخر مستعار في مواقع التواصل الإلكتروني.. *وإن لم نصلح نفوسنا - كصحافيين- فكيف نصلح المجتمع؟.. *وإن لم نمارس فضيلة النقد تجاه ذواتنا فكيف نمارسه صوب الآخرين؟.. *وإن لم نتعامل بوجه واحد فكيف ندعو لنبذ رذيلة (الوجهين)؟.. *ويسخر سمير من بطل توفيق الحكيم- محسن- الذي عشق قاطعة التذاكر بالمسرح.. *بينما هو عشقته- حسب ظنه- سيدة المسرح (ذاته).. *أما أنا فقد عشقت- وعشقتني- (سياسة العزلة المجيدة).. *فهي خير لي من أن (أعيش البيش!!!). الصيحة