قديماً قيل لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، لكن الرئيس البشير في سبيل حماية نفسه من الجنائية والمحاولات البائسة لرفع العقوبات ظل يصدق الكذبة تلو الأخرى والوعود الجوفاء ويسرع الى جحر الضب ليلدغ منه مرة ومرات ولا يتوب...! لماذا لا يتوب وينتهي ويكف عن التدخل والإقتراب عما يدور في الجنوب بعد أن دخل موسوعة التاريخ كأول رئيس سوداني قسم البلد وسعى إلى ذلك جاهداً مفتخراً وأفراد حزبه بزبح الزبائح ليلة الإحتفال بشطر البلد..؟ لقد تخلى عن كل ثروات البلاد ظناً منه بأن الذين خدعوه لتقسيم الوطن سيرفعون عنه العقوبات ويطبعون علاقاتهم معه ويعفونه من الديون والمساءلة القانونية عن جرائم دارفور، لماذا يريد الوقوع في فخ الجنوب ثانية لتقريب الفرقاء كما أوعز له من خدعوه في الماضي..؟، إنه الآن في حالة إنتشاء لإختياره دون زعماء العالم كوسيط بين المتحاربين شركاء السلطة، ولو قالوا له أذهب بجيشك المنهك بحروب لا طائل من ورائها، لذهب كما نادي بها العميل صلاح قوش، لكنه ينتظر توجيهاً صريحاً من الذين ظل يعمل لهم طيله 27 عاماً ولم يجد في المقابل سوى اللطم ومزيداً من اللدغات لإفقار الوطن وتفريغه وتقتيل أبنائه وتشريدهم ..! لقد قلنا مراراً إن إنفصال الجنوب كان خطأ إستراتيجياً لن يسفر بأي حال من الأحوال عن إستقرار الجنوب ولا الشمال، بل أنه الجحيم الذي يشعل النار هنا وهناك ويسبب كوارث إقتصادية وإجتماعية وسياسية، وفي النهاية يستدعي تدخلاً أممياً في كلا الدولتين تحت ذرائع شتى، الهدف منها على المدى القصير والطويل هو تفتيت الوطن شماله وجنوبه. بشهادة كل المنظمات والمؤسسات الدولية فقد أصبح السودان دولة فاشلة سياسياً وإقتصادياً ولا وجود للدولة المدنية التي تنظم حياة الأفراد فيها بتوفير فرص العمل حسب الكفاءات، تم تدمير النظام الصحي والتعليمي والزراعي والصناعي وقطاعات النقل بأنواعه والطاقة والمياه بصورة ممنهجة لم يسبق لها مثيل، غلاء فاحش لم يقدر 80% من السكان الذين أصبحوا في عداد الفقراء على مواجهته، بينما تستحوذ ما نسبته أقل من 20% من جملة السكان على كل أموال الدولة، دولة فاشلة لا تعرف كيف تضبط حركة الأجانب وتعدادهم داخلها كما صرح وإعترف بذلك أحد أكبر مسؤوليها، فما هي مقومات الدولة إذن..؟ دولة هذا هو حالها لا يمكن أن يكون رئيسها مؤهلاً بأي حال من الأحوال لوساطة سلام أو التقريب بين الفرقاء، ففاقد الشيء لا يعطيه، وهو الرئيس الذي لا يؤمن إلا بسياسة إشعال الحرائق وتقتيل شعبه منذ أن سطى على السلطة في ليلة ظلماء، لذلك لم يكن إختياره وحثه إلا لتوريطه كبداية لسيناريو المرحلة الأخيرة لتدمير الوطن تماماً...!! الذهاب الى الجنوب هو الفخ بعينه، واذا لم يتداركه النظام ستكون هي المحرقة التي ستشعل النار ليس في الجنوب وحده، بل ستتعدى دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق لتحرق الخرطوم وما تبقى من أجزاء المليون ميل مربع..! من الممكن أن يقبل أهل الجنوب دخول أي قوات أممية لحمايتهم إلا الجيش السوداني وما ذالت المرارات باقية والنفوس تحمل في دواخلها ما تحمل، سيتهمون الجيش بأنه ما أتى إلا لإحتلالهم من جديد، لذلك فإن أي دخول لقوات شمالية ولو كتيبة واحدة تحت المظلة الأممية سيوحد الجنوبيين ليوجهوا بنادقهم ضد العدو الذي صوتوا بنسبة 100% لينفصلوا عنه، وعندما يختلط الحابل بالنابل ستتدفق الأسحلة عبر الحدود ويتدفق اللاجئين، ويصبح الشمال هو الحاضن للملايين وتتفجر أوضاعه أكثر مما هي عليه عسكرياً ومعيشياً. لذلك ليس لنا إلا أن نقول صراحة، على الرئيس وأهل الحكم إن يتركوا الجنوب لأهله وينأوا بأنفسهم عن أي تدخلات، كفوا عنهم وأتركوهم ليقرروا مصيرهم الذي إختاروه بعيداً عنكم، لأن أي حراك لن يجني الوطن من ورائه سوى الإتهامات الجاهزة وسيرمي الفرقاء كل إخفاقاتهم على الشمال وسيجدون كل الدعم من الإعلام الغربي والذين ينصبون لكم الفخ بالدخول. ...أبوناجي... [email protected]