تطرقت فى الحلقة الاولى الى بيان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السودانى واوضحت ان البيان يطرح الكثير من الأسئلة التى لا بد من ان تجيب عليها قيادة الحزب بشأن تبرير فصل عضو قيادى لأسباب هى كالهدف المتحرك. فتارة هو متهم بالتكتل وتارة اخرى بالتغيب وثالثة بمناقشة أمور الحزب الداخلية فى وسائل الاعلام. فى الحلقة الثانية سأناقش كيف تدير قيادة الحزب هذه المعركة وكيف يرد بعض قادة الحزب على الصحفيين الذين يناقشون هذا الامر. سأقوم بتحليل نموذج واحد فى الرد على صحفي مشهود له بالدقة والشجاعة المهنية. و النموذج هو مقال الاستاذ فيصل محمد صالح المنشور بصحيفة الراكوبة بتاريخ 14-7-2016 بعنوان ويسألونك عن الشفيع ورد الاستاذ السر بابو القيادى بالحزب واحد الذين يعملون بهمة لاستخدام اللائحة كاداة لإدارة الصراع السياسى والفكري. التحليل لا يعنى أننى اأخذ على عاتقى الرد نيابة عن الاستاذ فيصل فهو اقدر منى على الرد. الغرض من التحليل محاولة اكتشاف منطق الكتابة ومدى سعة الصدر والالتزام بالديمقراطية والمقدرة على التواصل مع من لا يتفق معك ومحاولة فهمة بتجرد واحترام. أودّ لفت الانتباه ان هناك نماذج اخرى ستفرد لها مقالا خاصا لإشاعة الضوء على منطقها الداخلي. مقال الاستاذ فيصل محمد صالح وكعادته واضح ومحدد ويستعمل لغة رفيعة جدا بعيدة عن أية اتهام او مهاترة. ويمكن تلخيص مقال الاستاذ فيصل المعنون "ويسألونك عن الشفيع" فى ثلاثة نقاط وهى: 1- شؤون الأحزاب الداخلية وكيف تديرها ليست أمرا داخليا محضا ما دامت تسعى الى حكمنا والتصرف فى امورنا فى يوم من الأيام. 2- التأمين على أهمية كل من الحزب الشيوعي والشفيع فى الحياة السياسية السودانية 3- التصريح وبطريقة مهذبة جدا عن راية فى التهمة الموجهة للاستاذ الشفيع خضر والتى ساقها الحزب لتبرير فصله وهى نقل القضية للإعلام وعدم حرصه على بقائها فى الأُطر الداخلية للحزب. ورأى فيصل الصحفي وهو المشهود له بقول كلمة الحق فى وجه نظام الإنقاذ ولقد دفع ثمن ذلك غاليا ان الشفيع قد " التزم الصمت ولم يصرح اى يجرى لقاءا مع الاعلام لفترة طويلة قبل مناقشة قرار لجنة التحقيق وبعده، بينما انفردت قيادة الحزب بالإعلام وظلت تكيل له التهم وتحاكمه على صفحات الصحف بدءا من السكرتير العام السيد الخطيب ومرورا بقيادات الحزب الاخرى" وختم بإبداء الأسف على الطريقة التى ادار بها الحزب قضية الشفيع خضر. ألمتوقع من أية قيادى بالحزب ان يشكر الأخ فيصل محمد صالح على الكلام الطيب فى حق الحزب والتأكيد على نقطة هامة اثارها فى بداية مقاله وهى تاكيد الحزب ان شؤون الأحزاب ليست أمرا داخليا محضا ثم تسطير قاءيمة مدعمة بتواريخ توكد المقالات التى كتبها الشفيع والمقابلات التى اجراها واظن هذا كاف تماما لإثبات خطاء الاستاذ فيصل محمد صالح. والرجل ذو اخلاق مهنية عالية ولا أشك لحظة فى كتابته لمقال اخر يعتذر فيه للحزب الشيوعي. أنا متاكد تماما ان الاستاذ فيصل لا يكتب من فراغ ولا من يكتب من الذاكرة او يردد آراء الآخرين بلا فهم بل هو يقوم بالبحث والتوثيق ولا يطلق القول جزافا. وبدلا من الرد بمقال فى ذات الصحيفة يدحض ما ساقه الاستاذ فيصل محمد صالح بالبرهان كما قلنا اكتفى الاستاذ السر بابو بالرد ضمن تعليقات القرّاء وهو رد لا حجة فيه بل عنف لفظى وكأنه رد من مدير جهاز أمن النظام لا من احد قيادي حزب يدافع عن الديمقراطية وحرية الرأي والصحافة. والرد يتكون من حوالي 1.2 كلمة هى عبارة عن تشكيك فى مهنية فيصل وانه حشر نفسه فى امر لا يعنيه وانه لا يمتلك معلومات دقيقة وانه ادلى بمعلومات غير صحيحة وانه يريد تزييف الحقائق وان يصبح طرفا فى صراع داخلي وانه منحاز لطرف ضد الاخر والتساؤل عن مهنيته ومصداقيته الصحفيه والختم بان الغرض من الكاتبه هو الهجوم على الحزب كبقية زمرة الصحفيين المهرجين. العنف اللفظي المفرط فى حق صحفي يحترمه الأعداء قبل الأصدقاء يوضح تماما افلاس القيادة الحالية فى الحزب والتى تحاول تغطية جريمة فشلها فى إدارة عمل الحزب على كل الاصعدة بافتعال معركة الحرص شيوعية الحزب واهمية اسمه والترويج ان الحزب مستهدف وتحويل الأصدقاء الى أعداء لمجرد ابداء رأيهم الذى لا يروق لها ولا يتفق مع روايتها. حتى الأصدقاء يتحولون الى أعداء فى نظر القيادة الحالية لمجرد ابداء الراى وعدم الاتفاق معها. هناك جريمة يعرفها الكل ولا يمكن إنكارها وهى تعطيل الحزب الشيوعي وتحويله الى اسم فقط. فالحزب لا وجود له فى واقع الحياة السياسية السودانية منذ ان تولت هذه القيادة أمره. الحزب مخترق وأعظم إنجازاته حتى الان هو محاكمة بعض قادته من قبل السكرتير السياسى فى صحف النظام ثم فصلهم. اذا لا بد من متهم او متهمين لتعلق الجريمة على رقابهم وللاسف هؤلاء المتهمين هم الشفيع خضر ومجموعته. القيادة الحالية وكما نبهنا مرارا تصاب بقصر النظر وتسيى قراءة الواقع. الضرر الذى احدثته هذه الممارسات لا يساوى ثمن فصل عضو او أعضاء قياديين بالحزب. الامر الان بين ان تظل هذه المجموعة فى القيادة او ان يتحول الحزب الى مجرد اسم يتغنى بالماركسية على النهج السوفيتي كما قال سكرتيرة السياسى وبين ان ينفض من حوله المزيد من الأذكياء من بنات وأبناء شعبنا الذين يريدون حزبا يحترم عقولهم ويريدهم فاعلين فى صياغة سياساته لا باصمين ومهللين. [email protected]