الهجمة الشرسة التي يقودها رجب طيب أوردغان الرئيس التركي باسم التطهير لا تتناسب شكلاً ولا مضموناً مع موقف الشعب التركي ، وهو يشكل سدا منيعاً لحماية النظام الدستوري في بلده.. قطعاً حملة اردوغان الغاضبة والمحتقنة بالشراسة بدافع الثأر على كبرياء عرشه لها ظلال سالبة على مصيره في الحكم ، ومكانته في أفئدة الشعب التركي.. الحكمة تتطلب مواقف عقلانية بعيدة عن عنفوان الغضب ونشوة الانتصار. من السهولة بمكان أن يستغل الرئيس التركي سلطاته وإمكانياته الأمنية لضرب خصومه ، ولكن من الصعوبة أن يكسب رضا الشعب إذا مزق كرامة من هم في الجانب الأيمن من البراءة ، وحينها تتضاعف التكلفة السياسية ، ويتناقض الولاء. بلا شك حملات أوردغان الانتقامية ستفتح بابا آخر يدخل منه الانقلابيون،وفي الوقت ذاته سيخسر التعاطف الشعبي مع النظام الديمقراطي ، خاصة في حال استمرار اتساع رقعة الاعتقالات والتصفية في الخدمة المدنية والعسكرية باسم التطهير، التي عبرت عن شراستها بأرقام كبيرة شملت إيقاف 18 ألفا من ضباط الشرطة والعسكريين والقضاة ، ونقلت وكالة ( رويتزر ) أن وزارة الداخلية التركية فصلت 8777 مسؤولا، بينهم 7899 ضابطا في الشرطة و614 ضابطا في الدرك و30 محافظا و47 من رؤساء و أوقفت قوات الأمن التركية 70 جنرالا وأدميرالا بالجيش التركي. ووزارة التربية والتعليم التركية، علقت عمل أكثر من 15 ألف و200من موظفيها يشتبه بارتباطهم بالداعية فتح الله كولن. امتدت شرر الانتقام الحقوق الدينية إلى درجة حرمان الانقلابيين الذين قُتلوا من صلاة الجنازة، وإقامة المأتم .. المثير للقلق في المنظمات الحقوقية أن أردوغان لم يكتفِ بالاعتقالات بل توعد بالإعدام، أي أن هذه الحملة ستحول تركيا إلى بركة دماء تسبح فيها الأحقاد، وبالتالي حملة أوردغان مواجهة بحملة انتقادات شرسة إذا لم يمض بعدالة وأسس حقوق الانسان في محاكمة المتورطين والمتهمين بالعملية الانقلابية، وها هي التحذيرات خرجت من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ، فقد حذر من أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) "يراقب" أنقرة عن كثب للتأكد من أنها تحافظ على المبادئ الديمقراطية للحلف واحترام سيادة القانون خلال مرحلة ما بعد محاولة الانقلاب.. رغم ان تركيا حليفة واشنطن في ملف الحرب على داعش ، إلا أن الاخيرة ستواجه ضغوطا أمريكية وعالمية إذا تجاهلت تصرفات أردوغان الانتقامية التيار [email protected]