أمر إختيار اعضاء المعارضة المسلحة في جوبا لتعبان دينق قاي خلفاً للنائب الاول لرئيس الجمهورية الدكتور ريك مشار تينج الذي اختفى عن المشهد عقب احداث جوبا الأخيرة تحت ظروف غامضة واصبح يتواصل مع وسائل الاعلام من مكان مجهول، حتى قرار اقالته لوزيره (وزير المعادن تعبان دينق) اصدره ريك من مكان مجهول، فان ألخطوة التي اقدمت عليها عناصره في جوبا واختيارهم خلفاً له الامر الذي رحب به انصار الحكومة شديد الترحيب لا يحل الأزمة السياسية القائمة في البلاد في اعتقادي حتي لو انضم ريك مشار نفسه الي الحكومة وتنازل طوعا عن مطالبه وقضيته فستظل المشكلة قائمة لان الامر قد تجاوز نطاق (الصراع السياسي) واصبح له ابعاد آخرى لا يعلم مداها الا الله وحده، ويمكننا تلخيص البعض منها في الآتي: اولاً الأثر الذي احدثه عنصر القبلية في نفوس المواطنين الجنوبيين نتيجة لعزف الساسة لهذا الوتر خلال فترة الحرب لتحقيق مكاسب سياسية بلغ مراحل لا يمكن السيطرة عليها سياسياً. ثانياً: مستوى الكراهية التي احدثتها الحرب بين الجنوبيين لبعضهم البعض وخاصة بين بعض عناصر القبيلتين الكبيرتين (الدينكا والنوير) بالاضافة الي الجروح العميقة التي اصابت النفوس اثناء الحرب ومشاهد مجازرها المروعة لايمكن ان تزول في مخيلة الذين اكتووا بنارها بين ليلة وضحاها مع اي اتفاق او توافق سياسي مزعوم يتوصل له خصوم السياسة. ثالثاً: السياسية الحكومية الميالة الي سماع اصوات من يحملون السلاح وعقد صفقات سياسية معهم شجعت الي حد بعيد كل من له مطالب سياسية الي حمل السلاح ضد الدولة والخاسر دائما وابداً هو المواطن، وهذا يعتبر اكبر التحديات المستفحلة التي ستقعد بجنوب السودان كثيراً. ولسبب كل ماورد ذكره وما لم يذكر، فإن الطريق الصحيح نحو الحل والتعافي من الازمة الحالية ليس في(شق صفوف المعارضة المسلحة) او اضعافها، وانما في تقويتها ليتحمل الجميع مسؤولية جماعية مشتركة تجاه عملية السلام والمصالحة والتحول السياسي الايجابي الذي سيخرج بالبلاد من هذا النفق المظلم الى فضاءات السلام الحقيقي والتعايش السلمي بين مكونات جنوب السودان بقبائلهم المختلفة وهذا يتطلب الإلتزام الكامل بتنفيذ اتفاقية (حل النزاع) المبرمة في اديس ابابا من كافة اطراف هذه الاتفاقية، وان يعطى لبند ( المصالحة وضمد الجراح) الذى ورد في الاتفاقية اولوية قصوى من قبل حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية وتفعيله بصورة سليمة من اعلى مستويات الدولة، بالاضافة الي الشروع الفوري في تفعيل مسألة المحكمة المختلطة التى ستنظر في جرائم الحرب السابقة وتقديم المتورطين فيها الي العدالة وهو امر ورد ايضا في الاتفاقية، فمن شأن هذه الخطوات ان تساهم ولو على نحو ما في خلق بيئة صالحة يمكن تطويرها فيما بعد بغية الوصول الي سلام اجتماعى كامل شامل لكل مكونات جنوب السودان المختلفة. نعم الهوة كبيرة بين الفرقاء الجنوبيين (سياسيا واجتماعياً)، وليس من المنطق ان نتوقع ميلاد حب من رحم الكراهية، بهذه الخطوات التصالحية والعملية، ولكن تاريخ الجنوبيين والتجارب السابقة اثبتت انهم - اي - الجنوبيون قادرون على تجاوز مشاكلهم بكل اقتدار ومسؤولية وبالتالى ينسون مراراتهم. ما نراه الان من بوادر خلاف داخل (بيت المعارضة المسلحة) لا يجب لحكومة الوحدة والوطنية الانتقالية السماح بحدوث ذلك، لان مسألة حل تعبان دينق قاي لمكان ريك مشار في الحقيقة تاصيل للازمة اكثر من حلها ونحسبه اطالة لامد الحرب التى ستنتج مزيد من الدمار والخراب لانه لو فرضنا ان المشكلة ستنحصر داخل بيت المعارضة التي ستحارب نفسها بنفسها كنيجة حتمية متوقعة من خلافات ( ريك وتعبان) التى طفحت الى السطح هذه الايام، فهذا ليس بالسلام المقصود طالما هنالك من سيموتون في صراعات جانبية في ظل سلام مزعوم، فمن الحكمة ان تستمر الحكومة في سيعها بدعوة ريك مشار واقناعه بالعودة الي جوبا لتنفيذ الاتفاقية المبرمة بينهما والاطراف الأخرى. وان تنأي الحكومة بنفسها من خلافات المعارضة المسلحة. ألقاكم.. سايمون دينق جوبا - 25 - يوليو 2016م