سئلونى فى منتدى يناقش ابعاد الحرب ... عن الشروط اللازم توفرها لتلافى اثارها وتحقيق متطلب سلامها الناجز ؟ ... فاجبت قائلا : بغض النظر عن ( برتكول ) اللغة الواجب استخدامها فى مثل هذه المنتديات الثقافية لاضفاء الهيبة التى تليق بشكل الموضوع ( مثار النقاش) ، الا اننى اعتقد ، بان شروط تحقيق السلام ، فى وطن متسامح مثل السودان ، شروط ( ساذجة ) وبسيطة ( بساطة اهله ) لا يتعدى مطلبها اكثر من رتق النسيج الاجتماعى فى المقام الاول ...وثانيا ، وضع استراتيجية طويلة الاجل تراقب تموج المجتمع ، وتوزن ايقاع مده وجذره بالصورة التى تضمن تمحوره عند نقطة الايمان المطلق بالثوابت الوطنية العلياء ... وتحقيق ذلك لا يتطلب اكثر من وجود الية واعية ومتوعية بدورها الرسالى فى تعليم وتثقيف ( مزاج ) المجتمع .. لان الامية السائدة فى المجتمع الان ، ليست امية كتابة ولا قراءة ولا كمبيوتر ، الامية الحقيقة التى يعانى منها مجتمعنا هى امية ( المزاج ) ان جاز التعبير فالمناخ الاستوائى الحار ، ليس هو اس المشكلة كما يدعى البعض ... هو برى من تشكيل مزاجنا ( الخرب ) ، براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، لاننا لسنا الوحيدين على خط الاستواء ، هناك العشرات بل المئات من الشعوب التى تتقلب على (نار هادئة ) من سخانة المناخ وارتفاع درجات الحرارة ، ومع ذلك متوعية بدورها وتعيش انسانيتها بانسانية متحضرة للغاية .. . اذا المناخ لا علاقة له البته بتذمت وتشكيل (عنصرية ) العقول فى التفاعل مع المحيط ... فالواقع المتصالح مع النفس هو ان امتنا السودانية امة يعصفها (المزاج ) عصفا يستعبدها ويفعل بها الافاعيل التى لاترضى ( الله ولا رسوله ) ... فاذا استطعنا تطويع جموح المزاج ، نستطيع بالتالى العبور بالوطن الى رحاب اوسع ... فالتصور يقوم على محاولة اعادة تصميم وهندسة البناء الجمالى ( للمزاج ) ، بحيث يرتقى درجة التسليم بالسياسة كثقافة ( كمالية ) تؤخز بحدها الادنى الذى يبعدها عن التطرف والغلو ( المزاجى ) ... فكل مايتطلبه الامر كما اسلفت الية ذات تخطيط استراتيجى تنفذ البناء الهيكلى بالمطلوب العاجل الذى يمكن من تدارك ما تبقى من اثر للوطن ... هذا من وجهة نظرى فالسلام الناجز لا يمكن ان يتحقق والناس ترزح تحت سطوة وعبودية ( المزاج ) .. فالحرية مطلب نافز ، والثورة قرار ، لا يتخلف عن ركبها الا ( متخلف معلوم التخلف ) ... خذ مثلا الحركة الشعبية قطاع الشمال ، لا تلوح لها فى الافق بادرة تحضها على مسار الحرب ، اللهم الا طغيان وجنوح (مزاج ) قادتها عن جادة الاخلاق ...باعتبار ممارسة الحرب وممارسة ( الفاحشة ) وجهان لعملة واحدة فى مطلق الاخلاقيات ، وكلاهما نتاج لنذوة ( مزاجية ) عابرة ، وكلاهما لايبدران الا من انسان ( رهيف ) المحتوى النفسي وضعيف التشكيل ( الانسانى ) ،ليس بالضرورة مشكوك فى صلاحية ( نسبه ) لكن لذاما ان يكون جاهلا تسيطر عليه امية ( المزاج ) ...لذلك ستظل نار الحرب مستعرة الى ان ينظر الله فى امرها ، والخاسر الاكبر فى نهاية المطاف مواطنى جبال النوبة ومناطق النيل الازرق .. .. انتهت افادتى عن السؤال فى المنتدى ، لكن صراحة تمنيت لو اننى اسهبت واطنبت فى الفكرة بالكيفية المجردة التى اختصرمن خلالها كل تلك المسافة فى عبارة واحدة مفادها : لايمكن للسلام الناجز ان يتحقق كما يجب ان يتحقق سلاما شاملا وناجزا فى المجتمعات التى تعانى الامية ( المزاجية ) الا تحت ظلال البنادق ... فالسلام تصنعه البنادق المقاتلة ... البنادق التى تقطر، بارودا ،ودموعا ، ودما ،هى الكفيلة بتحقيق السلام وهى ايضا الكفيلة بحمايته وفق شروطها الناجزة التى فى الغالب الاعم ، شروط مرضية لكل الاطراف ... اقول ذلك ولايرتد طرفى عن مجريات الحوار القائم الان باديس ابابا .. ويقينى ( حلم الجعان عيش ) الاهرام [email protected]