في هذه الزاوية تحدثت أمس عن سوء التغذية الذي يعاني منه أطفال السودان وقد كشفت العديد من المنظمات العالمية استمرار هذه المشكلة وعلى مدى سنوات، ورغم ما تقوم به من جهود تساعد بها الحكومة، إلا أن هناك تقصيراً رسمياً كبيراً يجعل نسبة عالية من الأطفال معرضون للموت والتخلف العقلي والتقزم وأمراض أخرى كثيرة بسبب سوء التغذية مما يؤثر على مستقبل البلد. ما يعلمه الجميع ليس هناك سبباً وجيهاً يجعل أطفال السودان يعانون من سوء التغذية وهو دولة تملك كل الخيارات التي تجعلها تضمن الغذاء للأطفال بكل سهولة، ولكن المشكلة أن الحكومة دائماً منشغلة عن المشاكل الملحة والقضيا المصيرية بقضايا ثانوية. قبل أيام في الاحتفال بتدشين برنامج الاستثمار في التغذية بالخرطوم الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع منظمة اليونسيف، قال ممثلها: إن اليونسيف ومنظمة الغذاء العالمي ووكالات الأممالمتحدة تلعب دوراً كبيراً في هذه الإستراتيجية، وطالب ممثل برنامج الغذاء العالمي قطاعات التعليم والمياه والصحة بتكامل الجهود لتوفير الصحة للأطفال في القرى والأحياء، مبيناً أن الاستثمار في التغذية لتغطية 90% من السكان يقلل نسبة وفيات الأطفال دون سن الخامسة إلى الثلث ويقلل من سوء التغذية الحاد بنسبة 25% والتقزم بنسبة 6% وأيضاً يقلل فقر الدم لدى الحوامل إلى النصف. لقد درجت المنظمات التي تهتم بمعالجة سوء التغذية عند الأطفال، على توفير المكمّلات الغذائية الغنية بالفايتمينات والحديد وحمض الفوليك والأغذية المدعومة (بالمغذيات الدقيقة)، وحسب علمي هناك منتج عالمي ينتج في السودان ولكن مؤخراً لم يستطع المصنع الذي ينتجه تغطية حاجة السودان، فلجأت الجهات التي تعمل في محاربة سوء التغذية لاستيراده من فرنسا وهو منتج مكلف جداً. الآن هناك أفكار ومشاريع مكملات غذائية أعدها مختصون من منتجات محلية جاهزة للإنتاج وهي تصلح للأطفال دون سن الخامسة وأطفال المدارس بمختلف أعمارهم، أعرف واحد من هذه المشاريع ما زالت صاحبته تبحث عن من ينتجه. الآن تحتاج الحكومة إلى أن تلعب هي الدور الأكبر، فالمنظمات مهما فعلت فهي مجرد يد مساعدة وليست صاحبة قرار وسياسات، وعليه يجب أن تقوم بوضع سياسات جادة تدعم برنامج الاستثمار في التغذية مع التنفيذ العاجل، ليس بالضرورة أن تكون هي المنفذ، فقط عليها أن تفتح المجال للمستثمرين السودانيين وتقدم لهم كافة التسهيلات حتى يتم إنتاج كميات من المكملات الغذائية تغطي كافة أنحاء السودان وربما يصبح لدينا فائض نصدره للدول المجاورة. على الحكومة أن تعلن الآن للذين يريدون الاستثمار في التغذية كامل استعدادها لمنحهم الفرصة دون قيود أو شروط من أجل مصلحة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية بسبب الفقر، فهل يمكنها أن تخالف هوى نفسها لمرة واحدة وتفعل . التيار