@ في منتصف السبعينات أيام الدراسة الجامعية دخل علينا البروفيسور سيرجي ساروكوف الدكتور في علوم الفيزياء التطبيقية من أكاديمية العلوم السوفيتية والذي كان يعمل استاذاً زائراً في عدد من الجامعات ، يقوم بتدريس احد فروع علم الادارة قام بتطويره بناء علي بعض القوانين الفيزيائية ، كانت محاضراته تمتاز بنوع من الجاذبية و اقبال الجميع . في احدي محاضراته دخل القاعة و كتب في السبورة العبارة التالية ، ( لو لا شخصية فيديل كاسترو لما انتصرت الثورة الكوبية ) وبعد نقاش مستفيض خلص الي محصلة في علم الادارة حول الصفات الشخصية القيادية (الجاذبية ، المظهر الخارجي ، الملكات الخطابية والقدرة علي التأثير قوة الشخصية ..الخ .) او ما يعرف بالكاريزما ودورها في خلق القائد الناجح لأي مشروع سياسي ، اداري ، رئيس او زعيم لمجموعة . @ أسوق هذه المقدمة بمناسبة العيد التسعين للزعيم الكوبي فيديل كاسترو مفجر الثورة الكوبية المولود في الثالث عشر من شهر اغسطس 1926 من اسرة مهاجرة جاءت من اسبانيا عاش في العاصمة الكوبية هافانا وتخرج من جامعتها حائز علي درجة الدكتوراه في القانون وعمل محاميا ولنشاطه السياسي المعادي لديكتاتور كوبا باتيستا ، أُدين في محاولة انقلابية و حكم عليه بالإعدام و استبدل بالسجن 15 عاما . هاجر الي المكسيك وانضم للقوي الثورية الكوبية وهنالك التقي برفيق دربه الدكتور ارنستو شي جيفارا ودخلوا كوبا وظلوا يقاتلوا الديكتاتور باتيستا في حرب عصابات استمرت قرابة 7 أشهر حتي فر باتيستا خارج البلاد وتنتصر الثورة الكوبية في الأول من ينائر 1959 لتصبح كوبا اول دولة شيوعية علي بعد 50 ميل بحري من ولاية مياميالامريكية . @ ظل فيديل كاستروا يشكل رأس الرمح المعادي للامبريالية الامريكية وتعرض للعديد من المحاولات التي قامت بها وكالة المخابرات الامريكية لإغتياله وكان عقب كل محاولة يخاطب شعبه في ميدان (خوسيه ما رتيه) ويفضح كل محاولة امام شعبه الذي لا يخف عنه اّدق التفاصيل حتي تلك التي تتعلق بحياته الخاصة ومنها الخطاب العاطفي الرقيق الذي بعثت به زوجته التي فرت الي امريكا ولم تشارك في حرب التحرير وعندما استقرت احوال كوبا بعثت اليه برسالة تستسمحه الحضور و العيش معه في كوبا . قرأ الخطاب اما الحشد الجماهيري الذي قدر بمليوني مواطن بكل تعابيره الخاصة وخير الشعب صاحب القرار في عودة زوجته ليحسم الامر أخيرا قائلا من لم يشارك في حرب تحرير كوبا لا يحق له الاستمتاع بخيراتها ، رفض عودة زوجته . ظل فيديل لصيقا بشعبه في صفوف القهوة والخبز والجرائد بعد ان يهرب من حراسه . ظل يتمتع بحب مواطنيه حتي بعد ان تقاعد في عام 2008 و ترك الحكم لشقيقه راؤول كاسترو الذي يصغره بأعوام إلا انه كان يسبقه في عضوية الحزب الشيوعي الكوبي . @ يحتفظ الرفيق فيديل كاسترو بعلاقات طيبة و مميزة مع السودانيين واحترام لتجربة الحزب الشيوعي السوداني و احتفاظه بشخصيته التي ميزته علي سائر الاحزاب الشيوعية العالمية و تبعيتها العمياء لموسكو. في احتفالات مهرجان الشبيبة العالمية الذي استضافته هافانا لأول مرة عام 1978 شارك اتحاد الشباب العالمي بوفد ضخم ضم اكثر من مائة شاب وشابة شاركوا في اكثر من 80% من فعاليات المهرجان الذي كان تحت شعار التضامن المعادي للامبريالية من اجل التحرر و السلام . زار فيديل كاسترو معسكر وفد الشبيبة السودانية اكثر من مرة ولعل ابرزها تلك المرة التي شارك فيها بالرقص و اجري حوار مع (اسماعيل ) احد شباب السودان عامل من صك العملة بالخرطوم . رغم الحصار الاقتصادي الذي فرضته امريكا ومحاولات الاغتيال المتكررة ومحاولة الاطاحة بنظام الحكم في ما يعرف بحرب خليج الخنازير إلا ان كاسترو كان يمثل نظام صامد استطاع ان يسجل في سفر التاريخ انجح تجربة في نظام التعليم والرعاية الصحية علي مستوي العالم ويعتبر الاطباء الكوبيين من اميز اطباء العالم واصبحت كوبا تلك الجزيرة الصغيرة التي تحتل امريكا ثلثها في منطقة معسكر غوانتانمو بيه ، صمدت وانتصرت علي اكبر دولة امبريالية في العالم بفضل كاريزما فيديل كاسترو التي اصبحت مضرب للامثال و مثال يحتذي في كل بلدان القارة الجنوبية واللاتينية التي تستهدي بنهج كوبا فيديل ، التحية لهذا القائد العملاق في تسعينيته مع امنياتنا له بموفور الصحة . @ يا ايلا .. لا توجد بقعة غير مغمورة بالمياه في المناقل لإقامة سرادق عزاء وانت ما جايب خبر في شرم الشيخ !