* قال بعض السلف: (أول خطيئةٍ عُصِيَ الله بها هي الحسد.. فقد حسد إبليس آدم عندما أُمِرَ أن يسجدَ له فحمله الحسد على المعصية). * مجابهون في حياتنا بقوى شريرة (ظاهرة مستترة) من أبرزها الحُسَّاد..! ومهما حاول الحاسد التخفي تظهر (طويته) في وجهه؛ أو تسوده (قترة).. هذه (مذلته الأولى) كما أرى..! * إن طول التبرُّم من النِعم والمِيزات التي يهبها الخالق للآخرين؛ يحوّل الحاسد إلى (مكروه) حتى لو ظل صامتاً إلى حين أجله..! وقد كان الإمام علي حصيفاً حين قال: (الرغبة مفتاح النصب، والحسد مطية التعب(. * الحاسد بغير رغبته في أذى الآخرين؛ قلبه دائماً متعب (بحمولاته!)..! * قال كرم الله وجهه: (ثلاث موبقات: الكِبرُ؛ فإنه حط إبليس من مرتبته.. والحرص؛ فإنه أخرج آدم من الجنة.. والحسد؛ فإنه دعا ابن آدم إلى قتل أخيه). * سيدنا الفاروق رضى الله عنه يرغبنا في الرفق بقوله: (ما رفق أحدٌ بأحدٍ إلاّ رُفِق به يوم القيامة). * والحاسد (المتمرس!) لا يرفِق حتى بنفسه...! ثم.. نجد صنف الطغاة على هذا النحو لا يزينهم رفق أو شفقة بذواتهم أو بالآخرين.. فالطاغية إن لم نعهده حسوداً حقوداً فمعنى ذلك أنه ليس دكتاتوراً (مكتملاً!)..! * من آثار بعض الحكماء: (ثوب الرياء يشف عما تحته، فإذا التحفت به فإنك عارٍ). وهل ثمة حاسد غير (مرائي)؟! * قال صلى الله عليه وسلم: (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء). * وجاء في الأثر: (المكاره قسمان: قسم فيه حيلة فالاحتيال دواؤه، وقسم لا حيلة فيه فالصبر شفاؤه). وهل للحسود حيلة بالإحتيال أو بالصبر لكي يُشفى؟! فلو كانت باليد حيلة؛ فإن الحاسد أحوج ما يكون إلى (مدخنة!) تخترق صدره؛ لعلها تريحه من (أوار) الخبث..! * قال هيغل: (الحسد أغبي الرذائل إطلاقاً، فإنه لا يعود على صاحبه بأية فائدة)..! * ومن فضاءات ابن عباس رضي الله عنهما: (لا يقل أحدكم: ليت ما أعطي فلان من المال والنعمة والمرأة الحسناء كان عندي، فإن ذلك يكون حسداً، ولكن ليقل: اللهم أعطني مثله، أي: أن الحسد ممنوع، والغِبطة جائزة). * وروى عن ابن سيرين قوله: (ما حَسدتُ أحداً على شيء مِن أمر الدنيا، لأنه إن كان مِن أهل الجنة، فكيف أحسده على الدنيا وهي حقيرة في الجنة؟ وإن كان مِن أهل النار، فكيف أحسده على أمر الدنيا وهو يصير إلى النار؟). * الأحاديث التي قيل بصحتها في هذا الشأن كثيرة ودالة على مدى خطورة هذه الخصلة البغيضة؛ فالحسد كأنه بمنزلة الوباء المهلك؛ من فرط ما قيل عنه بلسان سيد الخلق.. فقد أخبرنا رسولنا الكريم أن الحسد (داء)..! قال صلى الله عليه وسلم: (سيصيب أمتي داء الأمم، قالوا: يا رسول الله وما داء الأمم؟ قال: الأشر؛ والبطر؛ والتكاثر؛ والتناجش في الدنيا، والتباغض والتحاسد, حتى يكون البغي). * حاشية: (جاء في القاموس: أشر اسم تفضيل من شرَّ أي أكثر سوءاً وفساداً) أما التناجش؛ فنستشف معناها مما أورده القاموس أيضاً: (تَنَاجَشَ القومُ في البيع ونحوَه: تزايدوا في تقدير الأشياء إغراءً وتمويهاً). * عن الزبير بن العوام رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دبّ إليكم داء الأمم قبلكم "الحسد؛ والبغضاء" والبغضاء هي الحالقة, لا أقول تحلق الشعر, ولكن تحلق الدين). * وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين). * وروي عن ضمرة بن ثعلبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا). * ومن صميم البلاغة والحكمة قول الشاعر: (كُلُّ العَدَاوةِ قَد تُرجَى إِمَاتتُها.. إلاّ عَداوةَ مَن عاداك مِن حسدِ). * اللهم ألطف بالحسود فإنه (جاهل) مهما عَلِمَ من أمر الدنيا..! الجريدة