(أ) نقلت الوسائط الإلكترونية خلال الإسبوع المنصرم تصريحات قادة المؤتمر الوطني في الخفاء والعلن، تشير الي نوايا تنفيذ عمليات اغتيالات خاطفة لقادة سودانيين سياسيين منتسبين للحركة الشعبية لتحرير السودان، وفي مقدمتهم أمين عام الحركة الشعبية ورئيس وفدها لمفاوضات السلام الأستاذ/ ياسر سعيد عرمان، و أورد بعض النشطاء معلومات عن محاولات مخابرات المؤتمر الوطني سابقا لتنفيذ هذه المؤامرات الخبيثة والمعلوم أن بدايات كانت منذ العام 2011م عند الهجوم الإنقاذي المشهور علي النيل الأزرق وجنوب كردفان، حيث شهدت منازل الرفاق رصد وحصار كامل وتمت تصفيات واعتقالات متعددة، وفي الشهور الماضية حمل الإعلام تصريح لقيادية برلمانية تابعة للنظام قالت انها ستقوم بتفخيخ نفسها بقنابل لم تحدد نوعها بهدف اغتيال ياسر عرمان اينما تجده، ولازم المشهد السوداني عمليات مماثلة منذ سطوة عساكر الأخوان المسلمين علي السلطة ووعد الديمقراطية بقوة البندقية، حيث قتل عدد كبير من النشطاء السياسيين والمثقفين المعارضين لسياسات الإنقاذيين، ولم تكن هذه الإغتيالات موجهة لفئة معينة من مكونات المعارضة بل تستهدف كل من اختلف مع النظام وخالفه الرأي وسعى لمناهضة الظلم والإستبداد، ولذلك السلوك العدواني تفاسير كثيرة تحتاج الي تحليل النفسية الإنقاذية بدراسة المراحل التاريخية لتشكلها والبيئة الفكرية والسياسية التي نمت فيها، فالنفس المشوهة بالسوء والكراهية لكل قيم ومبادئ الإنسانية تكون خصما علي المجتمع وخطرا عليه بتوسطها إياه، ومن باب البحث عن دواء لداء مصاصي الدماء، نقترح عرضهم علي اطباع علم النفس لتشخيص امراضهم ومعالجتها بوسائل علمية حتي يتوقفوا عن انتاج المزيد من الكراهية التي تصل الي مرحلة الشروع في تدبير مؤامرات القتل العمد، والصراع الذي يدور بين القائد ياسر عرمان ورفاقه والنظام، لو نظرنا لأصله وحقيقته ووضعناه في مساره العقلاني الصحيح، نجده صراع بين النظام الدكتاتوري المتسلط من جهة وعرمان وعامة الشعب السوداني من جهة آخرى، ولأن السبب الرئيسي الذي اوصل ياسر الي محور الإستهداف، هو امساكه بلواء الكفاح من اجل آمال العمال وسائر المجتمعات المهمشة، وتمسكه بضرورة قيام ثورة تغيير شاملة في البلاد، واجراء حوار متكافئ بين السودانيين يبدأ بلقاء تحضيري في مقر الآلية الإفريقية رفيعة المستوى بالعاصمة الأثيوبية أديس ابابا وينتهي بمؤتمر قومي دستوري تشارك فيه كل القوى السياسية والمدنية، ويؤدي الي اعادة هيكلة الدولة السودانية من جديد، وبناء مؤسسات مدنية وعسكرية تظهر التنوع السكاني الذي يمثل السودان ويحقق الديمقراطية في دولة مواطنة بلا تمييز، وهذه مطالب يتفق معها معظم السودانيين الذين يعملون علي خط التغيير والتحرر، والمؤتمر الوطني يعمل لمواصلة الحروب التي لا فائدة منها ولا تنتج إلا المزيد من النزوح والتشرد والهجرة الإجبارية للشباب والعقول النيرة من مختلف المجالات، يريد المؤتمر الوطني الإنفراد بالسلطة ولا يقبل بحل قضايا السودان، لأن حلها سيقود الي دخول الشعب كعنصر اساسي في ادارة الدولة، وهذا يتعارض مع توجهات الحزب الحاكم الذي ابتدر حوار (الوثبة) لتضليل الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي، وفي ظل حواره ظل يمارس القمع ضد الرأي الآخر ويصادر الحريات بشكل عام، وشهدت السودان حملات ارهابية واسعة ضد الطلاب في الجامعات وما زال عدد منهم داخل السجون ينتظرون المحاكمة السياسية ونتائجها واضحة، بالإضافة الي ارتفاع مناسيب انتهاك حقوق النساء والأطفال بالتعذيب الجسدي والنفسي بسبب الإغتصاب والتخويف بالقتل او الحبس والجلد، وما الحديث عن قتل عرمان إلا ضعف حقيقي اصاب النظام خاصة بتمكن الحركة الشعبية من تحقيق تحولات نوعية في ملف السلام واقناع المجتمع الدولي بأن الحكومة لا تريد وقف الحرب وفتح المسارات الإنسانية لنجدة المتضررين من النزاعات المسلحة، ودخل النظام في نفق ضيق عندما ارسل وفده (مسلوب القرار) ليفاوض الحركة الشعبية في الجولة الخامسة عشر بعد توقيع المعارضة علي وثيقة خارطة الطريق، وكانت الصدمة وارتباك المواقف لدى الوفد الحكومي الذي رفض الإعتراف بوثيقة الإتفاق الإطاري ولم يقبل بها إلا بعد ضغط الآلية الإفريقية، والربكة الثانية عندما طالب رئيس وفد الحركة الشعبية ياسر عرمان بهيكلة الجهاز العسكري بكل فروعه وحل المليشيات الحكومية المنتشرة، فخرج الوفد الحكومي من جلسات التفاوض ثم عاد لفتح موضوع الإغاثة بعد رفض الحوار عنها وأخيرا لطموا خدود بعضهم وولولو بكل لغات الخيبة وقرروا الإنسحاب والهروب الي الخرطوم وصرح البشير صحف الخرطوم الورقية بأنه لن يحاور معارضيه إلا بالبندقية وأنه لن يقبل بغوث انساني ياتي للمناطق المنكوبة عبر الحدود، وخرج عرمان من مقر المفاوضات منتصرا وفيا لشعبه ورفاقه وحلفاء الحركة الشعبية، ودل هذا الموقف علي نضج الوعي السياسي وتماسك قوى المعارضة وهذا ما يجعلنا لا نخاف علي مستقل السودان الأتي، ولا خوف ايضا علي حياة الرفيق ياسر عرمان لأنه محتمي بجماهير شعبه ويعمل بشجاعة وحماس لتحقيق السلام، مع كل دعاة السلام، فالمنية تأخذ مهجة الشخص وتترك رؤيته حية وذكراه خالدة والقضية لا تموت بقتل من حملها. سعد محمد عبدالله القاهرة [email protected]