ثقة أغلب المغتربين في جهاز شئون السودانيين العاملين بالخارج " ليس على مايرام " ، فهم ينظرون للجهاز على أنه مجرد محطة يلزمون بزيارتها لسداد الضرائب ، وتزداد الهوة بين الجهاز ومعشر المغتربين ، كونه لم يقدم لهم خدمة ملموسة في " إغترابهم وعند عودتهم النهائية " ، وحتى تبنيه لبعض مطالبهم كإعفاءات السيارات عند العودة " أصبح مجرد تصورات على ورق لايرى النور. قبل أيام أعلن "الصندوق الخيري لرعاية السودانيين بالخارج" تحت مظلة جهاز المغتربين عن خدمة تمويل للعائدين من الاغتراب تقضي بتمويل مشاريعهم ، وهو فعل حسن ، كون الجهاز التفت لقضايا تلامس أشواق المغتربين ، وأبتدر تجربة ستكون رائدة في خدمتهم،ان قدر لها النجاح، غير أن "الصدمة " كانت كبيرة حين مطالعة "الشروط" غير المنطقية للحصول على التمويل . نعم بدأت الاشتراطات ليست "معيبة" بل مضحكة حد "السخرية" تقول " أن يكون المتقدم لهذا التمويل سوداني الجنسية ، أن يكون عمر العائد من الاغتراب بين 18 الى 35 سنة ، وأن " يكون من عائد من الاغتراب" ويقدم مايثبت ذلك . بداية ليس هناك ضرورة للتذكير بأن يكون العائد "سوداني" ،وهل يعود الى بلادنا غيرالمغتربين السودانيين! .و لكن الذي أستوقفنا اشتراط عمر 18 الى 35 سنة ، وهو إشتراط يطرح سؤال مهم ..متى كان يعود معشر المغتربين من بلاد الاغتراب وهم في سن ال18 الى 35 سنة.. والمنطقي أن تكون هذه بداية سني الاغتراب . قبل أن نمضي بعيدا في تناول هذه القضية ، نستصحب توضيحات جهاز شئون السودانيين العاملين بالخارج ،حينما أستشعر بعدم منطقية اشتراط العمر 18 الى 35 سنة ، ففد سارع بتقديم توضيح قال فيه: أن هذا التمويل المعني به هم " الشباب العائدين " ، ويتم عبر" صناديق عربية" ، وهو خاص بالشباب من سنة 18 الى 35 سنة ، ولكن حتى هذا التوضيح الذي ينفي نسب التمويل للصندوق ، لم يشف غليل المغتربين ، فكان الأحرى بمنسق التمويل أو المشرف على ترتيب هذا العمل من قبل جهاز المغتربين أو وزارة المالية ، أن يبين للقائمين على الصناديق العربية المعنية ، طبيعة المغترب السوداني الذي لا يعود الى وطنه الا أن يكون فقد وظيفته ببلوغه ال60 سنة ، أو أي أسباب تحول دون وجوده في أرض الاغتراب ، وبمثل هذا المنطق يمكن أن يتم تعديل سنوات العمر ، خاصة ان الذين بحاجة التمويل هم من أمضوا سنوات طويلة وعادوا لايحملون أموالا كثيرة في حين تضيق جيوبهم بالإيصالات الدالة على سداد الضرائب. المغتربون لم يعرفوا بأمر تمويل الصناديق العربية، وماهي الدول التي تتبنى هذه المشاريع، الا حينما شعر جهاز شئون المغتربين بأن اشتراط ال18 الى 35 سنة أمر غير منطقي ، فألقى بالأمر على الصناديق صاحبة التمويل كمن حرقته "المديدة" . المؤكد ان هذه الشروط إن ظلت على حالها "المعيب" فان أحدا لن يستفيد من التمويل ..أما أصحاب ال 18 سنة ربما لم يتخرجوا في الجامعات بعد. وأعمار ال 35 سنة، يقدمون حاليا العطاء،في دول الاغتراب ، ولن يغامروا بالعودة من أجل تمويل ، مجهول " النسب" .الذين يمكن أن يستفيدوا من التمويل هم من بلغوا الستين أو نحوها، فهل من سبيل؟ . مصطفى محكر. [email protected]