" أقرب موارد العدل القياس على النفس" .. جمال الدين الأفغاني ..! نحر خروف الضحية لا يعدو كونه سنة واجبة، على المستطيعين، في بلاد أخرى .. بينما فرحة شعبنا بعيد الأضحى – دوماً - مُلبَّدة بهم الخروف، الذي هو في شرع الآخرين سنة محكومة بالاستطاعة .. بينما هو بحسب أعرافنا فرض عين ..! خروف الضحية عند جمهور العلماء سنة واجبة على من ملك قوته وقوت عياله يوم الأضحى وسائر أيام التشريق، زائداً عليه ثمن الأضحية (إذا دخلت العشر .. وأراد أحدكم أن يضحي .. فلا يمسن من شعره و لا بشره شيئاً) .. وهو عند الحنفية واجب على من ملك نصاب الزكاة زائداً عليه ثمن الأضحية (من كان له سعة ولم يضحِّ فلا يقربن مصلانا) ..! ترى كم عدد أفراد الشعب السوداني الذين يملكون قوتهم وقوت عيالهم في أيام العيد زائداً عليه ثمن الخروف ؟! .. كم عدد السودانيين الذين يملكون نصاب الزكاة زائداً عليه ثمن الخروف .. ؟! الذين يدخلون في قبيل (ذو السعة) و(المستطيع) هم المترفون .. وبقية الشعب الفضل – بحسب التصنيف المذكور – فقراء ومساكين ..! الفقهاء المختصون بفئات مستحقي الزكاة يقولون إن من كان بحاجة إلى الزواج وهو عاجز عن تكاليفه المعتادة لمثله فهو يستحق سهم الفقراء والمساكين.. ويستحقه طالب العلم العاجز عن الجمع بين طلب العلم والتكسب .. ومن لم يجد عملاً يليق بمكانته ومروءته .. والعاملين في وظائف عامة أو خاصة ممن لا تكفي دخولهم من مرتبات أو غيرها لسد حاجاتهم .. كل هؤلاء وأولئك يستحقون سهم الفقراء والمساكين ..يعني .. الغالبية العظمى من أفراد الشعب السوداني (الفضل) مساكين و تجوز عليهم الرحمة (الزكاة) .. فما بالك بخروف العيد ..؟! كان على ديوان زكاة هؤلاء أن يجتهد في إظهار استحقاق هؤلاء ل(سهم الفقراء والمساكين) أمام صناديق الزكاة في الدول الإسلامية الغنية، عوضاً عن إرسالها إلى الفقراء والمساكين ال «خمسة نجوم» في الشعوب الأخرى ..! ومع كل هذا فإن شعبنا (الفضل) الذي تجوز عليه زكاة الشعوب (المستطيعة) يرتقي بخروف العيد من مرتبة السنة الواجبة على المستطيع إلى مرتبة الفرض .. فيقطع من لحمه لشراء الضحية .. ليس لأنه مستطيع .. بل لأن (ضبيحة العيد) عنده طقس ملزم يمتزج فيه الحرص على تطبيق شعائر الدين مع الامتثال لسطوة مجتمع عدالته (مٌفتِّحة) وانتقائية .. بينما أعرافه عمياء ..! عودتنا هيئة علماء السودان على فتاوى المناسبات .. وكعادتها صرحت قبل يومين بأن موجة الغلاء التي تعصف بالبلاد والعباد هي بلاغ من الله للأمة بأن تتوب إلى الله .. عوضاً عن استفزاز مشاعر الصابرين المحتسبين والدنيا «قبايل عيد» أين هي – أي الهيئة - من توعية المواطن بوجوب إتيان الرخص ومراعاة الفروقات بين سنن الدين وفرائض المجتمع في مواسم الأعياد ؟! .. عوضاً عن توعية المجتمع بضرورة اجتناب لزوم ما لا يلزم، ما يزال فقهاء السودان يناقشون جواز اقتراض ثمن الأضحية .. فكيف بالله عليكم لا يكون استتباب الغلاء بلاغاً للأمة ..؟! اخر لحظة