تأتي الأنباء والتقارير من شتى أنهاء السودان ومن مصادر قريبة موثوق بها، كلها تؤكد رصد حالات جديدة لمصابين بوباء (الكوليرا) الذي انتشر بشكل سريع بين السودانيين، وسط تجاهل وتكتم السلطات الرسمية عن هذه الحالات، ويتصدر المشهد العام إقليم النيل الأزرق، الذي رصدت فيه بدايات ظهور (الكوليرا)، حيث أدت الي تزاحم المواطنيين داخل مستشفى (الدمازين) ووفات عدد منهم، نسبة لعدم توفر الخدمات الصحية مع قلت الأطباء في المستشفى. وذكر الدكتور عاصم عيسى في إفادته التي انتشرت علي مواقع التواصل الإجتماعي نقلا عن صحيفة حريات الإلكترونية، بعد زيارته لمستشفى (الدمازين)، أن المواطنيين هناك يملئون ثلاثة عنابر، ويفترشون الأرض بصالة الإستقبال وصالة المرافقين، وأن عدد الأطباء المتابعين لهذه الحلات خمسة(5) طبيب عمومي، لا يوجد نواب ولا اخصائيين، هذا مع إنعدام الأدوية بصيدلية المستشفى، وأضاف النشطاء من إقليم النيل الأزرق، أن الحكومة ترفض تعاون المتطوعيين وتفرض حراسة علي وزارة الصحة، خوفا من إنفجار الإحتقان الشعبي المتصاعد. وفي تصريح صحفي قال حاكم إقليم النيل الأزرق سابقا، ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان القائد مالك عقار، متحدثا حول تدهور الوضع الصحي في الإقليم، إنه قد قام باجراء اتصالات مباشرة مع عدد من الأطباء والمتخصصين، وتأكد له من خلال إفاداتهم، أن وباء (الكوليرا) قد انتشر بشكل سريع جدا في تلك المناطق، مستنكرا تكتم الحكومة علي هذا الوباء الخطير الذي أدي لعدد من الوفيات، معتبرا صمت النظام جريمة تضاف لقوائم جرائمه ضد الإنسانية، وتقدم بدعوة صريحة لإعلان الإقليم منطقة طوارئ موبؤة بوباء (الكوليرا)، مناشدا كافة المنظمات المحلية والإقليمية والدولية للإسراع في التدخل وإغاثة المواطنيين. وفي ذات السياق رصد نشطاء ظهور وباء (الكوليرا) في مناطق متعددة في البلاد، ووجود حالات كثيرة في مستشفيات (حلفا - كسلا - سنار - جنوب كردفان)، تحتاج لعناية طبية عاجلة. لا تزال الحكومة تصر علي تغيب الحقائق ورفض الإعتراف بالتقارير التي تؤكد تدهور الوضع الصحي في السودان، وكأنها تريد تسطير رسالة الي المواطنيين، تخبرهم بأنها فرصة التخلص منهم قد أتت، فلا أحد يحلم بالدواء، ولو أنه سيأتي من قبل المنظمات الإنسانية وليس من وزارة الصحة التي أثبتت فشلها وسقوطها الإنساني والأخلاقي والمهني. كنا قد تقدمنا بطلب لوزير الصحة الإتحادي السيد أبو قردة، في رسالة نشرت عبر صحيفة (الراكوبة) يوم 15 سبتمبر 2016م، طالبناه بكتابة استقالته فورا لتأخره عن القيام بواجبه تجاه الشعب السوداني في كارثته الصحية القائمة، ولكنا كنا نعلم أن سيادته لن ولم يستجيب لها وسيضرب بها عرض الحائط، لأنه وزير في نظام دكتاتوري لا يكن أدنى تقدير لشعبنا، واليوم نتوجه برسالة الي شعبنا، ندعوه لضغط النظام بالإحتجاج المتواصل والمطالبة برحيل السيد الوزير ومحاكمته علي صمته الذي تسبب في موت عشرات المواطنيين الأبرياء. فلا مبرر منطقي يجيز لسيادته الصمت وعدم التحرك الجاد لإسعاف المواطنيين، ولا يوجد سبب واحد يمنعه من الإستجابة لنداء الأطباء والنشطاء وكل من طالته (كوليرائيات السودان الخبيثة). لنكن صريحين مع انفسنا ومخلصين لبلادنا، ولنطالب معا صادقين بحقوق شعبنا في الحياة الكريمة، وحق الحياة من اقدس حقوق الإنسان، ومكفول لكل سكان العالم، وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948م، والذي تبنته الأممالمتحدة مع وثيقتي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966م، والعهد الدولي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية لسنة 1966م، ونضيف اليها إعلانات حقوق المرأة والطفل، نظرا لتسبب وزارة الصحة الإنقاذية في وفاة عدد من النساء والأطفال سوا بوباء (الكوليرا) أم بالجوع والعطش، وتلك جرائم حرمتها كل المواثيق والمعاهدات الدولية، ولا بد من محاكمة مرتكبيها باسرع ما يكون، ولأنها قد تصل الي حد الجريمة ضد الإنسان والإنسانية، ندعوا النشطاء السياسيين والحقوقيين والمدنيين والصحفيين السودانيين، لتبني حملة عالمية تطالب بتحرير بلاغ جديد لدى المحكمة الجنائية الدولية، في مواجهة نظام الخرطوم خاصة وزارة الصحة الإتحادية. فما يجري في السودان يعتبر كارثة إنسانية بكل المقايس والمفاهيم، ولا تقف عند حدود جغرافية الدولة السوانية، بل يحتمل إنتقال وباء (الكوليرا) الي دول مجاورة عبر الحدود المفتوحة من كل الجونب. ونتوقع في مقبل الأيام توسع انتشار هذا الوباء القاتل، ما لم تتدخل المنظمات وتحاصره، كما نتوقع ارتفاع عدد الضحايا، في ظل تجاهل السلطة الحاكمة وعدم توفير الدواء اللازم، ونتوقع ايضا تزايد احتجاج الشارع السوداني، لأن السودانيين في حالة ثورة لم تنقطع رغم صروف الظروف الإقتصادية والسياسية والمدنية التي تحيط بهم. هذا جانب من تطورات الأحداث خلال الأيام السابقة، وغدا لناظره قريب. نتمنى الشفاء العاجل لكل المصابين في بلادنا الحبيبة ≈≈≈ ونعزي كافة الأسر التي فقدت أناس اعزاء. سعد محمد عبدالله [email protected]