*مأمون حميدة ظهر في الصور وهو فرحان.. *ظهر وهو يضع يده على رأس صبية طلع مرضها اسهال مائي والحمد لله.. *وحمد الله هنا منسوب إلى لسان حال مسؤولي الصحة ببلادنا.. *فهم مصرون على خلو بلادنا من الكوليرا.. *مثل إصرار مسؤولي (مايو) على نفي المجاعة أواخر عهدهم.. *قالوا (والله بس شوية فجوة غذائية ومش مجاعة).. *والفجوة هذه جعلت الناس ينبشون (فجوات) النمل بحثاً عن الغذاء.. *ورغم هذا هي (مجرد فجوة غذائية بسيطة).. *ولا أدري ما هو تعريف المجاعة الذي كان في أذهانهم وقتذاك؟.. *وإن مات أناس من الجوع قالوا (سوء تغذية).. *يعني موتهم ليس بسبب الجوع (بعيد عنك) وإنما أنيميا حادة.. *وكل (اللولوة) هذه هرباً من تسمية الأشياء بمسماتها.. *فمن العيب على من (جاب اللقمة للجوعان) أن يتفشى في زمنه الجوع.. *وهكذا يتمدد مسرح اللامعقول في فضاءات بلادي.. *والانقلاب العسكري نفسه لا يجب أن يُسمى كذلك ما دام قد نجح.. *فهو في هذه الحالة (ثورة شرعية) تعني استلام السلطة.. *وإن فشل فمصير مدبريه الإعدام رمياً بالرصاص بتهمة تقويض (الشرعية).. *ويُسمى - في هذه الحالة- (محاولة انقلاب فاشلة).. *فالأنظمة (القابضة)- في كل مكان- لا تعجبها الحقائق المؤلمة.. *يعجبها فقط شعار (الدنيا ربيع والجو بديع قفل على كل المواضيع).. *ولو كان من هذه المواضيع صحة الرئيس نفسه .. *وأصدق مثال على ذلك ما كان يحدث في عهد المخلوع مبارك بمصر.. *فكثيراً ما كان يتعرض لوعكات صحية بحكم عامل السن.. *فإذا بالصحف تشير في عناوينها إلى أن صحة الريس (آخر حلاوة).. *وتمتلئ الشوارع بصور له أيام كان في ( شهر العسل).. *والآن في دولتنا نرى ما يتسق مع هذا (النهج) الذي نتحدث عنه.. *نراه أيام (الضحك في زمن الكوليرا).. *ومفردة الضحك هنا ليست من قبيل المبالغة ولكن هذا ما حدث فعلاً.. *حدث أثناء اجتماع بين مسؤولَين عن (الوباء).. *ثم خرجا ليقولا إن الوباء هو (اسهال مائي فقط) وليس كوليرا.. *طيب نفترض إنه إسهال؛ فهل هذا يستدعي ضحكاً؟!.. *لا سيما أن ضحايا (شوية الإسهال المائي) بالعشرات.. *فما دام هو إسهال يقتل أيضاً (الضحك في شنو؟!).. *تماماً مثلما أن تصريح (بعوضتين بس لكل غرفة) لا يستحق احتفاءً به.. *وفي بلدة ما كان قد كثر الموت جراء الملاريا.. *وخلال عزاء امرأة سأل أحد المعزين (ملاريا يا أخوانا؟).. *فلما قيل له يرقان صاح (الحمد الله!!!).