حول زيارة الشاعر الثائر المرهف فضيلي جماع إلي مدينة كاردف حاضرة مقاطعة ويلز بالمملكة المتحدة. المهموم الهميم بقضايا الهامش السوداني حتى الثمالة الشاعر الوطن فضيلي جماع ضيفا عزيزا لدى صالون بلدنا أحد روافد العمل الثقافي و الفكري و الأدبي و السياسي و الإجتماعي في مدينة كاردف صاحبة العطاء الكبير. زار مدينة كاردف في الأيام الماضيات إنسان مفعم بجمال النفس و بصفاء السريرة و بطيب المعشر ... إنسان يحمل في ثناياه صورة الإنسان السوداني القديم الذي في طريقه إلي الإنقراض إن لم يتدارك السودانيون الأمر ... زرانا حين أخرجت الأرض أثقالها و قال الإنسان السوداني مالها ... و فر المرء من أبيه و أمه و أخيه ... إلخ زارنا إنسان له أفضال جمة على هذه المدينة أقلها نشر الثقافة و بث الأدب فضلا عن أفضال أخرى كثيرة لا تحصى و لا تعد ... زارنا تلبية للدعوة الكريمة التي قدمت له من قبل أحد أركان العمل الثقافي و الفكري في مدينة كاردف صالون بلدنا الذي يعتبر بمثابة الشقيق الأكبر لمنتدى عبد اللطيف كمرات الثقافي إن كبرت العقول و طابت النفوس و اتسعت الصدور و نظفت القلوب من ادرانها لأن هذه المدينة واسعة و متسعة تسع الجميع بفنهم و أدبهم في ظل وجود المنافسة الشريفة ... زرانا الأخ العزيز فضيلي جماع لتقديم أمسية ثقافية فيها ثمر كثير و فواكه شتي مختلفة ألوانها. و هنا لابد لنا من إيصال صوت الشكر والتقدير للأخ العزيز حافظ عثمان و لكل أعضاء صالون بلدنا الذين جعلوا من هذا اللقاء بفضيلي جماع ممكنا. فضيلي جماع في يوم الأمسية على منبر صالون بلدنا : تفقد الإنسان فضيلي جماع الحضور فردا فردا و لاحظ غياب من له تواصل معهم منذ سنوات خلت فقال متسائلا أين ذهب هؤلاء؟ و لماذا لا أراهم الآن أمامي ليشدوا من أذر الأمسية الثقافية و أتجاذب معهم أطراف الحوار الثقافي؟ لذلك و بدون أية مقدمات ظل فضيلي الإنسان يبحث عن الرفاق فردا فردا فكان له ما أراد و أدار معهم جميعا حوارا عميقا عن جدوى وحدة السودانيين و جدوى التواصل الثقافي و الفكري و الحواري إن كنا نريد أن ننتصر على المشروع الظلامي الكيزاني في السودان و في أي بلد به سودانيون علما بأن مشروع الكيزان له رؤوس نووية فإن كانت الروح هي المنطلقات النظرية للمشروع الوصولي الأصولي الذي ينادي به الكيزان فلا شك في أن جسد هذا المشروع هم الذين ينادون بعروبة السودان و من هنا جاء إسم المشروع الاسلاموعروبي. في البدء و لأنه شاعر الثورة السودانية بلا منازع بحث عن السودانيين الدارفوريين لكي يطمئن قلبه على وحدة هؤلاء فيما بينهم فضلا عن وحدتهم مع بقية إخوانهم السودانيين الذين لهم مصلحة حقيقية في التغيير القادم. فكان اللقاء مع هؤلاء الثوار في منزل الإعلامي الأستاذ محمدين محمد إسحق و لم يكن هذا اللقاء سريا بأي حال من الأحوال لأن فضيلي الإنسان الشفاف تحدث مع الآخرين بنفس اللغة التي تحدث بها مع السودانيين الدارفوريين كاشفا لهم ما تجيش به نفسه من مطالب مشروعة أهمها على الإطلاق وحدة السودانيين و وحدة مصيرهم و عدم تجزئة قضيتهم التي تختلف من مكان لآخر إختلاف مقدار ... فقال بصراحته المعهودة لا يتساوى في الظلم الذي يبحث عن السكر مع الذي معرضة حياته للخطر صباح مساء ... هل يستويان؟ كلا. ملخص الجلسة الأولى في منزل الأستاذ محمدين محمد اسحق هو البحث عن تحقيق الوحدة السودانية وفق برامج واضحة دون لف أو دوران حتي لا يستفيد العدو المشترك صاحب المشروع الإسلاموعروبي من التفرقة و من تشتيت الجهود . إلا أن قلب فضيلي جماع قد أصبح مطمئنا عندما علم بأن موقف السودانيين الدارفوريين من الجالية السودانية بكاردف و جنوب ويلز لم يعد كما كان في السابق قبل أكثر من عشرة سنوات بفضل جهود العديد من الناس ... فهم الآن في عضوية المكتب التنفيذي للجالية و في عضوية صندوقها الخيري و يحضرون معظم الأنشطة التي تقيمها الجالية بل يدفعون من حر مالهم لبرامج الجالية و لمشروع الإخوة تحديدا الذي وفروا له مبلغ 50 جنيها إسترلينيا لعدد من الأسابيع. في الجلسة الثانية و في المكان الذي يقيم فيه القائمون على أمر مشروع الإخوة برنامجهم الإسبوعي برئاسة إبنه الجالية شوق عبد اللطيف كمرات و سكرتارية علي صالح و نائب رئيس المشروع محمد بابكر الضباط الثلاثة لهذا المشروع تحدث فضيلي من القلب إلي القلب شاكرا صنع جميع أعضاء المكتب التنفيذي للمشروع فردا فردا و في حضرة الأسر التي تشارك إسبوعيا في عملية إنجاح هذا المشروع العملاق الإنساني الذي يعد أحد روافد العمل الإنساني (لصباح ) الجمعية السودانية البريطانية للعون الإنساني التي تعمل تحت المظلة القانونية للجالية السودانية بكاردف و جنوب ويلز و هذه المنظمة الجديدة معنية بمد يد العون للذين تحدث لهم كوارث طبيعية أو تلك التي يتسبب في حدوثها الإنسان نفسه وهم خارج حدود المملكة المتحدة . في الجلسة الثالثة في منزل كاتب هذه الخاطرة حيث لبى الدعوة نفر كريم من السودانيين تتقدمهم الأستاذة وداد عطية و الأستاذ محمدين محمد اسحق و أحمد أبكر و ناصف بشير و عبد الوهاب همت و حمزة فاروق و صاحب الدعوة الرئيسية لفضيلي الأخ حافظ عثمان ممثلا لصالون بلدنا المنبر المضيف لفضيلي و علي صالح ... فأرجو ألا أكون قد نسيت أحد الرفاق ... فأمام كل هؤلاء تحدث فضيلي بعمق طالبا من الناس تحقيق الوحدة السودانية على أسس واضحة و عدم إعطاء العدو المشترك أو عناصره الكثيرة المنتشرة في كل أرجاء المعمورة فرصة اللعب على كرت التفرقة الذي يجيده بإمتياز و أمن الجميع على تحقيق هذا المسعى الذي طرحه شاعرنا الكبير فضيلي جماع. تحدث فضيلي جماع أيضا عن زيارته للمدرسة السودانية وهو إنسان تربوي له باع طويل حول التربية والتعليم في السودان أو في بلاد المهجر مطالبا بتجويد المنهج الذي يجب أن يجد فيه جميع السودانيين أنفسهم و إن كان دوام المدرسة مرة واحدة في الإسبوع بإعتبارها مدرسة معنية بتدريس المواد التي لها علاقة مباشرة ببعض مكونات الجذور السودانية. تحدثنا مع فضيلي الإنسان عن لقاءات تمت معه منذ سنوات خلت في مدينة بيرمنغهام عندما ذهبنا لحضور النشاط الثقافي الكبير الذي أقامه السودانيون في تلك المدينة حيث شرفه بالحضور فضيلي جماع و أستاذنا العزيز بالجامعة دكتور عبد الله بولا و أستاذنا العزيز الدكتور محمد محمود الذي كنا نطلق عليه رب الإنجليزي نظرا لإمكانياته المهولة في تدريس الأدب الإنجليزي و تدريس اللسانيات بصورة عامة. في تلك الأمسية التاريخية بمدينة بيرمنغهام ذهب كل من شخصي و الأخ معاذ الفكي و الأخ محجوب حسين من مدينة كاردف تلبية للدعوة التي وصلت إلينا من القائمين على أمر تلك الأمسية و تحديدا من صديقنا المشترك أبو بكر آدم ( بوكو حلال ) كما يحلو لي تسميته بذلك. فكانت من أجمل الأمسيات في حياة الفرد منا ... ذهبنا بعدها مع فضيلي إلي منزله في لندن لنكمل ما انقطع من حوار ... أطلقنا عليه إسم : دعونا ننظر إلي كذا و كذا في الإطار التاريخي له على أن نتحدث الآن عن المستقبل الذي هو الأهم دون أن نسجن أنفسنا في زنزانة التاريخ... فالتاريخ لأخذ الدروس و العبر و ليس لأي شيء آخر. تحدث فضيلي مع الكل في مدينة كاردف و كان محور حديثه في كل جلسة عن حتمية وحدة السودانيين على أسس جديدة بعيدا عن المجاملات ... فمال لله لله و مال قيصر لقيصر. نقول و بكل أمانة و صدق إن هذه الزيارة التي قام بها فضيلي جماع لمدينة كاردف بسبب الدعوة التي وجهها له الأحباب في صالون بلدنا تعد زيارة تاريخية بكل المقاييس . و قد أوضحت لفضيلي نفسه بأنه شخصية قومية سودانية محل اتفاق الجميع ذلك الإتفاق الذي ذكرنا بالراحل المقيم عبد اللطيف كمرات طيب الله ثراه فقد كان كمرات نسيج وحده في كل شيء. هذا الكلام يقودنا إلي مفهوم الكبير ... فمن هو كبير القوم عند السودانيين؟ هل هو الشخص الذي بلغ من العمر عتيا؟ أم أنه الشخص القائد الذي يتحلى بالشجاعة و يقول هذا صح و هذا خطأ و يعمل دوما على إصلاح ما يمكن إصلاحه ؟ ... فضيلي و الراحل كمرات من فصيلة كبار القوم و من الأعيان الذين نالوا هذه المنزلة عن جدارة و عن استحقاق تاريخي سوف يسجله لهما التاريخ. و إن لم يكن فضيلي جماع من كبار القوم و من الأعيان لما كان شغله الشاغل معالجة الإشكاليات التي تضر بالعمل القومي السوداني في أي مكان به سودانيون حريصون على التغيير . في خاتمة هذا المقال نريد أن نؤكد على ما قاله العزيز فضيلي جماع فوحدة السودانيين على أسس جديدة ضرورة تاريخية و حتمية دونها خرط القتاد و لكن بالمقابل نقول إن الوحدة تقتضي الشفافية و الوضوح و الصراحة و عدم دفن الرؤوس في الرمال. المشروع الاسلاموعروبي في السودان ليس بمشروع (مشروع) فهو أبعد ما يكون عن المشروعية و لم ينجح في تفتيت وحدة السودانيين بسبب إنه مشروع خطير لا يمكن للناس المستفيدين من التغيير هزيمته و لكنه نجح إن جاز هذا التعبير بسبب لف و دوران ضعاف النفوس الذين ماتت ضمائرهم فيؤشرون يمينا و يذهبون شمالا و الذين يعملون ليل نهار ضد أية مفرزة حقيقية للكيمان ... فإن أبعد الناس أحد أعداء العمل النضالي المشترك التف حوله هؤلاء الذين يجيدون اللعب على الحبال و اعادوه الي دائرة الضوء بصورة مذهلة. نعم لوحدة العمل المعارض و نعم لوحدة السودانيين يا عزيزنا المفضال فضيلي جماع و لكن على أسس جديدة واضحة وضوح الشمس في كبد سماء القارة السمراء لأن في ذلك الأمر مصير ناس و حياة ناس. التحية والتقدير مجددا للأخ حافظ عثمان الذي جسد كل معاني العمل الوحدوي في المدينة ملبيا للدعوة الكريمة التي وجهناها للعزيز فضيلي جماع لذا نأمل صادقين في تكون زيارة الجميل فضيلي جماع لمدينةكاردف علامة فارقة في تاريخ العمل بهذه المدينة. لقد سيطر الكيزان عليهم اللعنة على كل شيء في السودان و لكنهم ذهبوا أبعد من ذلك و سعوا بكل قوة لضرب مكونات الشخصية السودانية السوية فانتشرت جميع الأمراض في الجسد السوداني ... فالسؤال المحوري هو : هل سيلبي الناس الحادبون على وحدة العمل السوداني المعارض نداء شاعرنا الكبير فضيلي جماع ؟ أم أنهم سيواصلون في خوض الحروب بالوكالة ؟ حروب عبثية يقودها أناس لهم مصالح حقيقية في أن يبقى الوضع كما هو عليه الآن. هل سنجد في الإسبوع القادم على سبيل المثال لا الحصر مجموعة من الأسر الجديدة في برنامج الأخوة الأسبوعي ؟ و هل سيذهب الجميع الي جميع الأنشطة الثقافية الموجودة في المدينة لأن مقاطعة العمل الثقافي و الفكري علامة من علامات التخلف المتفشي في أي مجتمع و إن كان الناس الذين يقومون بالمقاطعة هذه يعيشون في مدينة النور أي في باريس. المستقبل أمام الجميع و بالجميع و الكرة الآن في ملعب الحادبين على أمر وحدة السودانيين يا سارية الجبل أليس كذلك؟ أخيرا نقول إن مطرب الحي لا يطرب و لكن للحقيقة و للتاريخ و الله على ما نقول شهيد و ستكون شهادتي مجروحة دون شك بسبب علاقتي الحميمة بالرجل و لكن أقول إن ما يفعله الأخ العزيز أحمد أبكر في هذه المدينة ليل نهار و في الساعات الأولى من الصباح أحيانا من أجل وحدة السودانيين عملا لم يقم به عتاة قيادات الحركة السياسية السودانية ... لذلك إن متنا غدا لأن الأعمار بيد الله ... فهذه هي شهادتنا للتاريخ ... فالرجل يحترق يوميا من أجل أن تتوحد جهود الجميع ضد عدو واحد مشترك ... فإن أخطأنا يقول لنا يا برير هذا خطأ ... و إن عملنا الصح يقول لنا يا علان هذا هو الصح حسنا فعلت ... و ليس في قلبه مثقال ذرة من حقد ضد أحد من العالمين ... فالكل عنده يمكن أن يتغير فلله درك يا أحمد أبكر و خذ مقعدك مع كبار القوم الذين لا يعرفهم الكثير من الناس في هذه المدينة التي ترتفع فيها الأصوات النشاز. لكم الشكر والتقدير برير إسماعيل يوسف 28 سبتمبر 2016 ميلادية.