هذا نظام غريب لا يوجد له مثيل فى كل أنحاء المعمورة ففيه شقيق رئاسى "محلى" وشقيق رئاسى "أجنبى" التزم الصمت لعدد من السنوات كما قال الذين عاشوا معه فى مدينة "برمنجهام" وتمسكن الرجل حتى تمكن وبعد حصوله على الجواز الأنجليزى وهو يعلم أن الدولة التى منحته جنسيتها وذلك الجواز فيها قانون يحترم لا كما يعامل شقيقه أهل السودان ولا يمكن أن تنزعهما عنه بسهولة وربما مطلقا. المهم أنه بعد أن ضمن ذلك الوضع خرج للعلن وبدأ يجند "السودانيين" فى منطقة تواجده لصالح "المؤتمر الوطنى" .. والنظام فيه ما شاء الله تبارك الله "خال" رئيسى مدهش لم يجود الزمن بمثله .. وفيه إضافة الى كل أولئك "صحفى" رئاسى وربما هم أكثر من واحد، ونحن كسودانيين نكره الحديث عن النساء ولذلك لن نتحدث عن "نون" النسوة الرئسيات !! الشاهد فى الأمر أن الإخوانى – اليسارى – والصحفى الرئاسى "محمد لطيف" قريب رئيس "النظام" عمر البشير ومن عجب أن الخال الرئاسى يصفه "بالعلمانى"، محتج على تمسك الحركة الشعبية ب 20% من الإغاثة لكى تأتى عن طريق الخارج وتحديدا عبر مدينة "أصوصه" الأثيوبية حاضرة بنى شنقول المتاخمة لإقليم النيل الأزرق فى السودان ولإثيوبيا علاقات أكثر من مميزة مع نظام لا تتفق معه أيدلوجيا فرضتها حربها مع أرتريا، التى جعلت أرتريا كذلك مضطره للتوافق مع النظام بعد أن سلمت ذات يوم الشفارة السودانية فى اسمرا للمعارضة خلال فترة "التجمع". ولكى يعضد الصحفى "الرئاسى" من حجته ويجعلها مقبولة تمر على البسطاء والسذج ومن لا يتابعون بإهتمام وتفاصيل دقيقة ما يدور فى السودان حتى بين النخب والمثقفين وما أكثرهم، كان لابد له أن يأتى بأمثلة وأراء منقولة على لسان شخصيات محسوبة على المعارضة أو الحركة الشعبية تحديدا، مثلا الدكتور"الواثق كمير" ثم لم يكتف بذلك بل قرر أن شهادتهم لا يمكن أن تكون مجروحة لا أدرى هل يقصد قبل "إنفصال" الجنوب أم بعده؟ وشخصى الضعيف له نقد وملاحظات سجلتها فى أكثر من مقالة نشرت على موقع آخر ناقدة للأراء "المستغربة" التى ظل يدلى بها الدكتور الواثق كمير، تاسفت فيها كثيرا على مثقف وأكاديمى فى حجمه ترجم أهم كتاب للدكتور والقائد السودانى الراحل المقيم "جون قرنق"، فإذا به يفاجئنا بمثل تلك الأراء "الإنبطاحية" لنظام دموى وفاسد و"عميل"! وكأن الأكاديمى المحترم الواثق كمير لم يقرأ فكر ومنهج "الأخوان المسلمين" أو كأنه لم يسمع بفتاوى عديدة مثل التى صدرت أخيرا من أحد "علمائهم" وهو المدعو "الكارورى" فى آخر خطبة جمعة قال فيها " كل من يخرج على الحكومة هو إما يهودى أو كافر أو جاحد بكتاب الله"، فالبرغم من أن هذا كلام غير متجانس وركيك، لكن ماذا تسمى دولة يقال فيها "مثله" اليس هى دولة "ثيوقراطية" أى دينية بإمتياز؟ الا تنص الدساتير فى العديد من دول العالم التى تحترم حقوق الإنسان وتعترف "بالديمقراطية" على حق المواطنين فى التظاهر والخروج على الحاكم إذا أخطأ أو قصر دعك من أن يكون فاسدا لا يقرب منه غير الفاسدين والمنافقين؟ كنت أحسب الدكتور/ الواثق كمير "مفكرا" لا مجرد "مترجم"، تندهش حينما تقرأ لأرائه المنشورة فى مقالات طويلة،على أن شخصا مثله لا يعرف حقيقة "فكر" الإخوان المسلمين ومنهجهم حتى لو أعتبرنا نظام الإنقاذ كما يقول السيد/ الصادق المهدى ليس إخوانيا وإنما "يقوم على مرجعية إخوانية". مثل تلك الأراء عن إمكانية التوافق مع "الإخوان المسلمين" تجوز للبسطاء ومحدودى الثقافة لكن كيف تجوز لمثقف وأكاديمى مثل "الواثق كمير" لم يدرس طلابا فى الجامعات السودانية وحدها بل درس فى جامعات أجنبية عريقة! هل يعقل أن الواثق كمير لم يقرأ كتابى "سيد قطب" – "معالم فى الطريق" و "فى ظلال القرآن" ؟ الم يستمع د. الواثق كمير للهتاف الإخوانى الذى ظلل يردده عمر البشير منذ 30 يونيو 1989 وحتى قبيل زيارته لدولة الأمارات التى تنكر فيها "لإخوانيته"؟ أعيد نشر ذلك "الهتاف" الإرهابى الدموى الذى يذكرنا بأفلام "دراكولا" والشخصيات المتوحشة التى تسيل الدماء من فمها: "في سبيل الله قمنا..نبتغي رفع اللواء لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فِداء فليعُد للدين مجده أو تُرق منا الدِماء.. أو تُرق منهم دِماء أو تُرق كل الدماء". كيف يمكن التوافق مع رئيس "نظام" يقال عنه "رئيس جمهورية" فى القرن الحادى والعشرين تصل به درجة الجهل والغباء أن ينبهر بمثل هذا الهتاف؟ هنا أتذكر مقولة عثمان بن عفان لواليه عمر بن العاص حينما عزله من ولاية مصر وأستبدله بوال آخر، حيث قال له: "كيف تحكم قوم هم لك كارهون" واضيف اليها "كيف يحكم عمر البشير شعبا لا يعمل من أجل دنيتهم" بل من أجل قتلهم وفنائهم وإستعبادهم، متاجرا بإسم الدين وملتحفا جلبابه؟ وإذا اراد الصحابى عمر البشير "الدين" والآخره فقط، فلماذا لا يذهب ويعيش داخل كهف أو مغارة؟ وهل يختلف ذلك الهتاف الأخوانى عن فكر "الدواعش" وعن سلوكياتهم وما يرددونه؟ وهل يعترف الفكر الإخوانى "القطبى" الذى ينتهجه "البشير" ونظامه، بالديمقراطية وبالتيادل السلمى للسلطة وبعزل الحاكم "المسلم" إذا فسد وبغى وظلم مثله؟ هل يعلم الأكاديمى "الواثق كمير"لماذا قتل "النظام" الإسلاموى "الإخوانى" الثوار والمتظاهرين فى سبتمبر 2013 بتلك البشاعة وسلط عليهم مليشياته؟ بببساطة لأن النظام يعتبرهم "رافضة" و"خوارج" دق عنقهم حلال ومشروع ومطلوب، يجب الا يشعر عليه "الحاكم" بالحرج بناء على النص القرآنى الذى يقول: "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ". فالخروج على الحاكم خاصة إذا كان "إخوانى" مثل عمر البشير فى السودان ومرسى فى مصر فساد فى الأرض ومحاربة لله ورسوله، مع أنهم أجازوا قتل الرئيس المصرى الأسبق "أنور السادات" وهو يصلى ولم يمنع الصلاة بل لقب "بالرئيس المؤمن"! وإذا كان الصحفى الرئاسى"محمد لطيف" لا يعلم وهو معذور لأنه من "حاشية" رئيس النظام، وهذا نظام "عنصرى" بأمتياز يناصره ذوو القربى ويناصره "الأسلامويون" فكيف لا يعلم دكتور مثل "الواثق كمير" أن ما يجوز "للسياسى" لا يجوز "لمفكر" ولمثقف؟ بمعنى لا يمكن أن يمنع سياسى نفسه من التحاور والتفاوض مع أى طرف آخر مهما وصلت درجة الإختلاف والخصومة بينهما بغرض تحقيق مصلحة ومكسب للجهة التى يحاور بإسمها والدليل على ذلك أن "النظام" نفسه غير المستعد لتحقيق وفاق وسلام حقيقى ، يحاور ويفاوض شخصيات مثل الأخ "ياسر عرمان" وهو قد حكم عليه ظلما "بالإعدام"، لماذا؟ لأن "النظام" يريد أن يخدع المجتمع الدولى الذى يخشاه أكثر من شعبه، بأنه نظام "معتدل" وجاد فى التوصل لإتفاق ينهى الحرب ويحقق السلام وهو فى حقيقة الأمر يريد إتفاقا على طريقته يبصم عليه الجميع، يطيل من عمره ويمكنه من تشكيل حكومة برئاسة "البشير" حتى يسلم من ملاحقة "الجنائية" ويجلس بجانبه فى تلك الحكومة، الطبال الأرزقى "أحمد بلال" ممثلا لفرع من فروع "الإتحاد الديمقراطى" التى صنعها "المؤتمر الوطنى" والى جانبه كذلك " الحسن الميرغنى" ممثلا للإتحادى الأصل. أى حتى حينما يتفق مع الأصل لا يستغنى عن الفرع وعن الأرزقية. وكذلك يفعل مع حزب الأمه ومع حركات المقاومة .. والسيد/ مبارك الفاضل الذى لا يشعر بالحياء على فشله كوزير داخلية سقطت الديمقراطية عام 1989 وهو يشغل ذلك المنصب، ولف ودار من أديس ابابا مع التجمع الى جيبوتى ودخول القصر ثم التوقيع على "الفجر الجديد" ثم أخرى قريب من "القصر" يغازل فى المؤتمر الوطنى ورئيسه بحثا عن دور جديد. يتحدث بغسم حزب نفض يده عنه واسس حزبا آخر بدعم من "المؤتمر الوطنى" إعترف به مسجل الأحزاب دون أن تكزن لديه جماهير مع أن مسجل الأحزاب يرفض ظهور أحزاب لها جماهير غير قليلة. تحدث تلك "الخرمجة" السياسية والدكتور "الواثق كمير" الذى إستشهد به الصحفى "الرئاسى" لا يرى عيبا – جوهريا - فى النظام، بل يطالب القوى السياسية أن تتوافق معه وتصل لإتفاق وبكل هذا العوار الواضح الذى لا يمكن أن يساهم فى بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، لا اشك فى أن الدكتور/ الواثق كمير يتمناها للسودان وشعبه. وهل سمع الصحفى الرئاسى " محمد لطيف" أو الدكتور الأكاديمى " الواثق كبير" فى أى بلد من بلدان العالم المتقدم أو المتاخر بمثل هذا الوضع أعنى أن تمثل فى الحكومة عدد من الأحزاب "الكرتونية" منتحلة إسم حزب رئيس – دون سند جماهيرى - بدعم من الحزب الحاكم إذا كان فعلا حزبا لا عصابة إختطفت الوطن وموارده؟ الشاهد فى الأمر ما يجوز "للسياسى" لا يجوز "لمفكر" ولمثقف و"أكاديمى" مثل د. الواثق كمير الذى عضد به الصحفى الرئاسى "لطيف" رؤيته الخبيثه وغير الأمينة وكأن اراء "الواثق كمير" قرآن مقدس أو أنجيل. الذى يريد أن يعرف موقف كاتب من النظام وأن يحترمه أو لا، فعليه الا يتبع أسلوب "الإنبهار الساذج" بالآخرين كما سميته من قبل بل عليه أن يقرأ لمن هم مثل الصحفى "لطيف" أو يستمع لبرامج "حسين خوجلى" وغيرهم كثيرون، فهم يخدعونك من – مظهر – الكلام وقشرته ويظهرون لك خوفهم على الوطن وعملهم من أجل مصلحته لكنهم فى حقيقة الأمر حادبون على النظام وعلى رئيسه وعلى إستمراريته حتى بعد ذهابه للقبر. فسقوط "النظام" يفقدهم الكثير حتى لو كانت مصلحة الوطن فى ذلك السقوط. فكيف لصحفى يدعى "الوطنية" أن يؤيد موقف نظام يتعنت ويرفض الإسراع فى وصول الإغاثة والدواء لمواطنين يعانون، وافق الطرف الثانى على أن يشرف ذلك النظام بكل قبح فيه، على 80 % منها على الرغم من عدم الثقة فيه، على أن تأتى ال 20 % من الخارج، وهو المقترح وافقت عليه الحركة الشعبية التى تمتلك جيشا نظاميا منضبطا وقوة حقيقية على الأرض لا يستهان بها. وذلك موقف تفاوضى "سياسى" من حق السياسيون الذين يقدرون الموقف القبول به أو أن يرفضونه، اما شخصى الضعيف كمثقف وككاتب "متواضع" أهتم بما يدور فى وطنى، فإنى أرفض أن تأتى نسبة 1% من تلك الإغاثة والأدوية بإشراف النظام، خاصة بعد ما تاكد أنه قد إستخدم السلاح "الكيمائى" فى قتل أطفال دارفور، فمن يضمن الا يخلط "سما" مع تلك المواد الغذائيه والصحية للفتك بأهل "النيل الأزرق" أو "جنوب كردفان" للتخلص منهم؟ وهل النظام على درجة عالية من الأخلاق والمصداقية حتى يوثق فيه؟ اليس هو النظام ذاته الذى صفى 28 ضابطا و150 جنديا خلال ساعات فى محاكم جائرة لا يمكن أن يجرى مثلها فى القرون الوسطى؟ لا داعى أن اعيد واكرر الذى فعله فى جنوب السودان وفى دارفور وفى جبال النوبة وغيرهم من مناطق، فقد اصبحت محفوظة تلك المعلومات. ثم من يضمن الا يمارس الفساد فى تلك الإغاثات وأن نراها فى الغد معروضة للبيع فى الأسواق؟ الذى ينتقد (إصرار) الحركة الشعبية على (ضرورة) وصول 20 من الإغاثة والدواء عبر جهة خارجية طالما انها وافقت على إشراف النظام على 80 % من حجم تلك الإغاثة، هو فى حقيقة الأمر شخص غير أمين ومؤيد للنظام ويستغفل الناس ويشبه حاله حال، من يقول لك أن العمل على إسقاط النظام سوف يتسبب فى فوضى عارمة، وهذا يعنى أن "النظام" هو الذى سوف يتسبب فى الفوضى والواجب نصح قادته فى أن يذهبوا من حيث أتوا دون إحداث فوضى بعد أن حكموا وفشلوا وفسدوا لمدة 27 سنة. أخيرا على رئيس النظام أن "يبل حليفته ويشرب مويتها"، فقد "نفست" أمريكا التى يهابونها أكثر من خالقهم "حوار "الوثبة" الذى يضم أحزاب "الفكه" والأرزقية وكل من ليس له وزن. تاج السر حسين – [email protected]