منذ فتره طويله وانا فى حاله اضراب او اعتصام عن الكتابه عن كسلا تلك المدينه التى احببت وعشقت . كنت اكتب عنها وعن قضاياها دنونما خوف او وجل او انحناءه لاحد دهاقنتها , واكتشفت باننى متشبث باحلام الخاسرين والموتى فى جبهات القتال . ورغم ذلك سوف امضى فى شموخ وكبرياء بالرغم من تعثر قدرى واحسب اننى تحت ظلال السيوف , فقد قال لى صديقى الذى كان من رجال المؤتمر الوطنى والذى عاش عصر التمكين وتم امتصاص ما فيه من قوه ولؤم وعنف , ثم قذف به المؤتمر الوطنى مثل كيس ايسكريم فارغ وتم وضعه فى سله المهملات ثم فى مكب النفايات فتقاذفته الرياح من شارع الى شارع . احيانا اجده معلق على شجره مسكيت ومره اقابله ما بين خطوط الضغط العالى للكهرباء , والى الان لم يتم حرقه او ابادته , تركوه كالمجنون يتخبط هنا وهناك تتعثر خطاه ادرى اذا ما كان يرغب فى الاحتراق الذاتى او يعض اصابع الندم . قال : لى اين انت الان من كسلا ؟, لماذا لم تعد تكتب ماكنت تكتبه فى الحكومه السابقه , وهو لا يعلم باننى كنت ا صارع , الريح وكم كم ضربت الحديد ( بالمرزبه ) والارض ( بالازمه ) الا ان الحديد كان بارد جدا لم يتمدد ولا قيد انمله . والارض هى الارض لم تحدث الازمه فيها ولا حفره بحجم الفأر او مكان لاختباء العقرب وما اكثر العقارب التى تسير بيننا بلا استحياء , لم تعد تخاف النعل ولا ( المركوب ) , سنين عدا وانا اقاوم واضرب هنا وهناك والحديد بارد ويزداد بروده وتقلصا وتماسكا ويصدر صوتا مثل دوى الرصاص . ارسلوا لى رجال الامن بمكتبى نهارا جهارا , اخرج لى احدهم بطاقته يحمل اسم (أ) ومعه اخر من قبيله عزيزه تجاورنى فى الحى ناظرها المتفرد الزاهد العابد مراد شكيلاى . ومن سخريات القدر كان معى بالمكتب صديقى اللواء الركن معاش عبد الله عواض . ومعى ابنى الاوحد . قالوا لى هناك امر بان ناتى بك الان الى مكاتب الامن . قلت لهم سوف اذهب معكم بالرغم من عدم ابرازهم تكليف بالحضور او امر قبض . اغلقت مكتبى وقلت لابنى هولاء هم حماه السلطان يا بنى . انظر اليهم جيدا فقد يتم تصفيتى على ايديهم كما فعلوها فى يوم من الايام مع المرحوم جمال فقراى ذاك الشاب الوديع ذو الخلق الرفيع , قلت له دقق النظر فيهم جيدا لعلك تكون طالب ثأر لتعرف من من تنتقم , هم هولاء فى اثرى , وليست امتلك عصا موسى ولا بحر بيننا وبين مكاتب الامن , انهم الفراعنه . وذهبت معهم ووسمعت منهم التهديد والوعيد و تناسوا باننى محام وكنت فى يوم من الايام وكيل للنيابه , وان كنت سلفا اعلم بانهم يمتلكون ناصيه القانون . ولم يعرفون باننى ربيب ضابط من قوه دفاع السودان علمنا ان نمضغ الجمرعلمنا ان لا ننحنى لطاغيه . وامروا بوضعى بحراسات الامن , وعلمت كسلا كلها بالامر , ومن سوء قدرهم كانت هناك ندوه فى نفس اليوم الذى تم فيه القبض على , تحدث فيها الهرمزان الكسروى عن الحريات العامه وحريه الراى . وفوجىء حيث اسكته رجال الاحزاب بانه لا حريات طالما انتم تصطادون حتى الراى واصحاب الراى , احاطوه علما بانه امر اليوم بالقبض على محام من ابناء كسلا . فقط لانه قال رايه بصراحه . حبيبتى كسلا ما عدت انا ذاك الحبيب الذى يشتاق اليك وانت بقربه وفى داخله . ما عدت انت كسلا تلك الجميله الصارخه التى تتغنى وتتثنى ولا زال معشوقك الحلنقى يتغنى لك وبك, بالرغم من رحيل الطير الخدارى وحضور طائر ( الكوليا ) حتى السمبريات ما عدن يحتفلن لكسلا , ولا ادردب واشوشيت وكلوج كلوج ومحمد ابو سيف . اين رحلت ام قيردون ؟واين اختفى القمرى والبلوم وابو ملوت . هاجروا منك اتعرفين لماذا ؟ لانك تحولت الى سوق للنخاسه وتجاره الناس , لهفى عليك يباع الناس فيك بالفديات . يغسلون اموال السحت بشراء الاراضى باهظه الاثمان . وجوههم مكلله بالدقون الكبيره التى تحتك مع الصدر وغرر الصلاه على الجباه بلا استحياء . هل يعقل ان تكون بكسلا اسواق للناس , المحاكم تشهد على البيع والشراء والتهريب وحتى الاغتصاب . كسلا لم تعد هى تلك الورده المتفتحه التى تحمل كل الوان قوس قزح فهى الان تعشق رائحه الشواء البشرى والتهريب كيف كان . تفوح منها رائحه امرأه مبتذله وخائنه . تشققت شفتاها وغلظ كبدها وجفت فيها توتيل . ومعذره حبيبتى كسلا غدا عندما تغتسلين من روائح الخبث وتعودين الى ماضيك التليد وتاريخك الشامخ الباذخ , عندما تقاتلين الطليان مع طلعت فريد والعقد الفريد من ابطال قوه دفاع السودان , عندما تركبين قطار الموت مع الراحل محمد جباره العوض , عندما يعود نادى كسلا الى ارثه وثقافته واراك هناك . عندما يختفى البنقو والحبوب المخدره من وسط شبابك . عندما تتحول الجامعات للعلم والنشاط الثقافى والاجتماعى والسياسى , عندما تعود مكتبه كباشى الامين وابراهيم داؤد ومحمد خليل , عندها فقط سوف اعاود الكتابه ولسوف اكتب عن مخازيك وافضح عهرك وكل ما هو سيىء فيك الى ان تعودى راشده ومستغفره وتائبه , وجرحى اليوم غائر ويزداد كل يوم قيحا وورما ودما واشعر بان النهايات قريبه جدا , فاذا ما رحلت لا تبكينى فانا لست فى حوجه لبكاء من باعنى رخيصا واضاع حبى , معذره لكل الذين يتشوقون لكتاباتى عن كسلا . فكسلا ماتت و ( رفعنا الفراش ) دعونى فقط اكتب عن بعثها من جديد ..من اجل ان تعود لى حبيبه وعشيقه اتمرغ فى تراب قدميها كما كنت افعل سابقا . عبد الله احمد خير السيد المحامى / كسلا [email protected]