فقدنا زول ما ساهل .. فقد رحل عن الدنيا العلم الاتحادي العالي الرمز الوطني البارز العالم المعماري المعروف الدكتور محمد يعقوب شداد .. هذه ميادين ثلاثة كان لفقيدنا فيها جميعاً حضور قوي , ذلك لأنه بوعيه اللافت قد أدرك أن حزبيته لا تطغى على وطنيته , و أن وطنيته يلزمها التزام حزبي ببرنامج متقدم و فهم عصري ؛ فقاد تيار القوى الحديثة في الحزب الاتحادي الديمقراطي ليعبر عن دور الحزب التاريخي في الاستنارة و الاعتدال . و تصدي لقضية الديمقراطية التي وهب لها عمره , مدافعاً عن النظام الديمقراطي في حضوره , و مناضلاً مع الوطنيين الأحرار لاسترداد الديمقراطية عندما يتغول عليها الشموليون , فلم يساوم و لم يناور و لم يتردد , إذ عرف عنه موقف مبدئي صارم ضد الأنظمة الدكتاتورية .. و من عجب أن هذا الحضور القوي في الميادين السياسية و الوطنية لم يصرف الفقيد عن تخصصه العلمي بدعوى أن السياسة تتطلب منه تفرغاً ما دام يحتل مواقع قيادية في الحزب أو في تحالفات المعارضة ؛ فظل دكتور محمد يعقوب شداد حاضراً بين تلامذته و زملائه في ميدان المعمار , يحاضر و يعلم و يبني , ليقدم بالدليل العملي البرهان على إمكانية خدمة القضية الوطنية من أي ميدان , فلم يغب عن الاجتماعات و الندوات و المظاهرات حتى صعدته الجماهير لمواقع سياسية قيادية , مثلما هو حاضر في المرسم و قاعة المحاضرات و المؤتمرات العلمية حتى تبوأ موقع العمادة في كلية المعمار بجامعة الخرطوم . كان يجمع في حديثه الممتع بين قضية الوطن و موضوعات ذات صلة بتخصصه , فيشير إلى بيت المفتش في بارا الذي بني في عهد المستعمر بما يناسب أجواء شمال كردفان , فلم يحتاج المفتش القادم من بلاد الصقيع إلى مكيفات أو مراوح بينما احتاج لهذه الكماليات المعتمد ابن السودان الذي سكن في ذات المنزل . و يحدثك شداد عن ضرورة توظيف المعماري السوداني علمه ليتواءم مع البيئة السودانية , و يدعو لأن يعمل المعماريون و المهندسون المدنيون لتقديم تصور لمنزل يجمع بين البساطة و الراحة للمواطن البسيط . و لا يبدي حماساً للواجهات الزجاجية و الكلادن . لقد شق نعيك علينا , أخانا الكريم الشقيق الرفيع محمد يعقوب شداد , لكنا لا نقول إلا ما يرضي الله و إنا لفراقك يا شداد لمحزونون .. العزاء لأسرته و لآل شداد الكرام و لكافة الاتحاديين و الوطنيين الأحرار و لزملائه و تلامذته المعماريين .. إنا لله و إنا إليه راجعون . [email protected]