القيادة الرشيدة والواعية والقادرة على تسيير دفة الحكم في اي بلد كان لها متطلبات يجب ان تتوفر في شخصية الشخص القائد. هذه المتطلبات يتعلق بعضها بالشخصية القيادية نفسها من ناحية النشأة والبيئة المحيطة وبعضها يتعلق بالخبرة والتدرج في العمل السياسي حتى يكتسب الخبرة الكافية وهناك قادة في محيطنا العربي والافريقي جاءت بهم ظروف معينة الي سدة الحكم معظمهم وصلوا الي كرسي السلطة عن طريق انقلابات عسكرية دموية كانت ام بيضاء ولانهم يعلمون تماما ان لعنة الانقلاب وعدم الشرعية ستطاردهم حاولوا ان يكسبوا وجودهم في الحكم صفة الشرعية بانتخابات تفتقد الي ادنى درجات المصداقية ولا ينطبق عليها معيارا واحدا من معايير الانتخابات النزيهة والشفافة. اذا مثل هؤلاء الحكام الذين اصبحوا رؤساء بين عشية وضحاها يفتقدون الي الخبرة في العمل العام ويجهلون حتى مبادئ العمل السياسي ويمكننا ان نقول انهم في مرحلة مراهقة سياسية يتخبطون في قراراتهم كما يتخبط المراهق في تصرفاته ولذلك نلاحظ ان كثير من الدول العربية والافريقية تعاني في كل شئ لان القيادة التي على سدة الحكم لاتحسن ادارة البلد ولايهمها امرها ولا امر مواطنها حتى اختيارهم لوزرائهم ولمساعديهم يكون من انصاف متعلمين او حملة درجات علمية وهمية ومن اصحاب مصالح دنيوية يزينون لهم اعمالهم ويطبلون ويزمرون لولاة نعمهم حتى صارت كثير من الدول العربية شبه مملوكة للرئيس ووزرائه وخاصته واقاربهم وكل من يدور في فلك المسئولين من اهل الحظوة . فالسودان كمثال لدولة ابتلاها الله بحكام لا تتوفر فيهم صفة واحدة من صفات الشخصية القيادية وهذا ينطبق على بعض المسئولين في الدولة السودانية من مسئولي الصف الاول الي اصغر مسئول تنفيذي فيها لان معيار الاختيار للاسف الشديد حتى على مستوى الخدمة المدنية ناهيك عن الوزراء والولاة والمعتمدين وغيرهم يتم عن طريق الولاء الحزبي او عن طريق تزكية من احد اهل النظام او عن طريق اي توازنات منها ماهو حزبي ومنها ماهو قبلي ولذلك وصلت كل مؤسسات الدولة الي الدرك الاسفل وبعضها اختفى اصلا من الوجود وتوقفت عجلة التنمية الحقيقية في بلادنا والدليل على ذلك انهيار سعر الجنيه السوداني وهجرة اعداد كبيرة من ابناء شعبنا متعلمين وغير متعلمين اما التنمية التي يتحدث عنها اهل الحزب الحاكم ومن شايعهم هي تنمية كتل اسمنتية لا فائدة منها سواءاكانت كباري او حتى السد الذي يتشدقون به فكلها طلعت(مواسير) جنى منها بعض المسئولين اموالا طائلة كعمولات او حتى اختلاسات وغيرها من اشكال النصب والاحتيال التي برع فيها هؤلاء واصبحوا ينافسون حتى الشياطين في مسائل التحايل والغش واكل اموال الشعب والدولة. وكما اسلفت فان القيادي الحقيقي يتلمس اوجاع الوطن والام المواطنين ويسعى الي علاجها وليس الحديث عنها وهي مازالت تراوح مكانها منذ ما يزيد عن ربع قرن لانه ببساطة شديدة لا تتوفر اي ارادة لاتخاذ قرارت جريئة وشجاعة وتنفيذها فورا لان حالة البلد لا تتحمل اي مجاملات لافراد او كيانات او حتى احزاب على حساب مصلحة البلد.فالبلاد حالها معلوم للقاصي والداني وهذا النظام منذ وصوله الي السلطة عبر انقلابه المشئوم وعد الناس بحياة الرفاهية ومع قناعتي التامة ان كل ماقاله اي مسئول في هذا النظام البائس منذ مجيئهم وحتى يومنا هذا كلام للاستهلاك الاعلامي فقط وهم انفسهم يعرفون هذه الحقيقة ولكن ليس لهم خيارا اخرا لان الشعب ببساطة تعود على كذبهم ومراوغتهم واصبح لا يهتم كثيرا بما يقال لذلك ادمن اهل النظام الكذب وتكرار نفس الموال عاما بعد عام حتى وصلنا الي مرحلة عدم وجود دولة حقيقية وانما اقطاعيات يتحكم فيها اقطاعي يقال عنه كذبا انه وزير فاصبحت الوزارات كما الشركات العائلية راسها الوزير المعني ووكيله احد اشقائه او احد اقاربه وقس على ذلك كل التسلسل الوظيفي لاي وزارة او شركة حكومية لتعلم ان البلد الان اقطاعيات تتحكم فيها اسر بعينها بمباركة وتأييد من الحزب الحاكم وعضويته التي فاقت عشرة ملاين عضو على ذمة غندور . والقيادة الحقيقية تضع مصلحة الوطن فوق الجميع رئيسا كان او وزيرا او مواطنا فعندما يكون نداء الاوطان تتضائل امامه كل المصالح الضيقة للجميع ويجب ان تتخذ قرارات جريئة وشجاعة ويتم تطبيقها دون اي تردد او محاباة لان مصلحة الوطن تقضتي ذلك. ولان المسئولين في بلادي يتحدثون اكثر ممايعملون خصوصا اذا كان الامر في صالح الوطن والمواطن يستهلك اعلاميا فقط اما اذا كان الامر يخدم حزبهم ويطيل من بقائهم في السلطة فيتم تطبيقه باسرع فرصة مثل رفع الدعم وزيادة الاسعار والضرائب والعوائد واشيائهم الكثيرة التي لا حصر لها. اما فيما يتعلق بتقليل الصرف الحكومي والغاء كثير من الوظائف والمسميات التي لا فائدة منها وانما مزيد من تمدد الظل الاداري وخلق وظائف وهمية لعضويتهم لافائدة من ورائها والغاء بعض مخصصات التنفيذين والدستورين فهذه يجتمع المجلس الوطني المفترض انه يتكون من ممثلي الشعب يجتمع هذا المجلس ويخصص جلسات لمناقشة رواتب ونثريات النواب ومخصصاتهم من سيارات واجهزة اتصال وفلل او شقق سكنية في دولة تعد من افقر بلاد الدنيا وفي بلد يعتبر مؤشر الفساد الحكومي فيه الثاني عالميا. ولك ان تتخيل كم عدد الوزراء الاتحاديين وكم عدد نواب الرئيس ومساعدوه ومستشاروه؟؟ ولك ان تتخيل كم عدد وزراء الدولة؟ وكم عدد الولاة ونوابهم ووزراء الولايات؟؟؟ كم عدد المعتمدين ومساعدوهم؟ كم عدد نواب المجلس الوطني؟ كم عدد اعضاء المجالس التشريعية الولائية؟ كم عدد اعضاء مجالس المحليات؟ وكم وكم؟؟؟ .بالله عليكم اكبر بلاد الدنيا مساحة واكثرها عددا سكانا واكثرها مواردا كم عدد المسئولين الذين يديرون هذه الدولة؟؟ وكم تبلغ مخصصاتهم من جملة ميزانية البلد وقس ذلك على بلدنا بموارده الشحيحة وعدد المسئولين من تنفيذين ودستورين وغيرهم. فالامر عندنا مبالغ فيه فهؤلاء اذا اضفت لهم الرتب العسكرية الرفيعة ممن يتمتعون بامتيازات الوزراء من سيارات خاصة للمنزل والمدام والاولاد ومن اشخاص يفرقون للخدمة المنزلية كسائقين او عمال منازل ويتقاضون رواتبهم من الدولة فهؤلاء كثر في بلادنا فالدولة عندنا(تدلع) منسوبيها من الخاصة حد الدلع و النظام الحاكم عندنا وصل ارقاما قياسية في عدد الوزراء والمسئولين لا يوجد في اي دولة اخرى في العالم.واهل النظام يتحدثون عن تقليل المصروفات الحكومية فكيف تريدون تقليل الصرف الحكومي ومجلس الوزراء في بلدنا يعقد اجتماعا خاصا لمناقشة واجازة حقوق وزيرة من حزبهم انتدبت للعمل في جهة ما داخل البلد لمدة ثلاثة اشهر اكاد اجزم انها لم تذهب فيها الى مقر عملها اكثر من نصف المدة وانها لم تنجز شيئا واحدا وانما قضت الوقت القصير الذي تواجدت فيه داخل هذه المصلحة في المجاملات الهاتفية او استقبال اقاربها وربما قضت وقتا في(الفيس والواتساب) ولك ان تتخيل مقدار هذه الحقوق التي يجتمع لها مجلس الوزراء لاجازتها. وكيف تريدون تقليل المصروفات الحكومية وكل ولاية تثقل كاهل مواطتها بالضرائب والعوائد لتغضية مصروفات الحكومة وليس لتوفير الخدمات وكيف تريدون تقليل المصروفات الحكومية وكل ولاية لها وزير مالية فاين تلك الاموال ومصادر الدخل والمشروعات الانتاجية التي تستحق ان يكون هناك وزير اتحادي للمالية ناهيك من وزير ولائي وكيف تريدون تقليل الصرف الحكومي وهناك وزير زراعة في كل ولاية واين تلك الزراعة ونحن نستورد الخضروات والفاكهة من مصر والطماطم من الاردن والنبق من ايران والثوم من الصين والقمح من بلاد الواق واق؟؟؟؟ فهل تستحق الزراعة في بلدنا وزيرا اتحاديا ناهيك عن كم من وزراء الزراعة في الولايات .وكيف تريدون تقليل الصرف الحكومي وهناك وزراء صحة في كل ولايات السودان حتى تلك الولايات التي لا توجد فيها مستشفيات بالمعنى المعروف فيها وزراء صحة وتفتقد تلك المستشفيات لابسط معينات العمل مثل خيوط العمليات الجراحية وامصال لدغات العقارب وشاش الحريق ومع ذلك هناك مبنى فخم مكتوب عليه(وزارة الصحة ولاية شارع الموردة) ودولة مثل المملكة العربية السعودية حباها الله بثروات هائلة ومتعددة وبقيادة حكيمة ورشيدة. هذه الثروات واضحة لكل زائر لهذا البلد مما يشاهد من شبكة طرق برية تعتبر الاحدث والاكبر على مستوى المنطقة دون منازع ومما يشاهد من مؤسسات صحية متكاملة تضم خيرة الكوادر الطبية من مختلف انحاء العالم وعلى مستوى التعليم العام في توفر مدارس تضاهي جامعات في دول اخري ومؤسسات تعليمية عالية مميزة واصبحت تصنف من ضمن الجامعات المميزة في العالم. من ناحية الحياة اليومية تعتبر ضرورات الحياة اليومية الاسهل في السعودية دون غيرها من دول الخليج العربي. ويعتبر الاقتصاد السعودي هو الاقوى في المنطقة ويعتبرسعر صرف الريال السعودي الاكثر استقرارا منذ عشرات السنين. وكما ذكرت فان الدولة السعودية رغم وجود مصادر دخل اخرى غير البترول الا ان نظرة المسئولين فيها عميقة وبعيدة المدى. فقد ايقن قادة هذا البلد بخطورة الاعتماد على مصدر دخل رئيسي واحد وان مشاريع التنمية والبنية التحتية تحتاج الي تواصل والي امتدادات اخرى لان المدن تتمدد ومدن اخرى تنشا وقرى تكبر ولذك تحتاج البلد من فترة لاخرى لمزيد من البنى التحتية كالطرق والمياه والكهرباء وشبكات الصرف الصحي والاتصالات وغيرها مع تزايد عدد السكان وعليه كانت رؤية 2030 وهي خطة طموحة مع اني لست بخبير اقتصادي لأدخل في تفاصيلها لكنها في مجملها استراتيجية مدروسة وطموحة لحفظ توازن الاقتصاد السعودي وضمان استمرار وتيرة التنمية والبناء والعمران واستمرار وتيرة الحياة الرغدة التي تتوفر للمواطن السعودي وحتى المقيمين على ارض المملكة. ولان القيادة تعي جيدا مسئوليتها تجاه وطنها وتعي جيدا ان الوطن فوق الجميع كانت القرارات الشجاعة والجريئة من خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بترشيد الصرف العام وتنفيذ ماتقرر فورا في كل جوانب هذه القرارات فماذا يضر الوزير او المسئول الحكومي اذا خفض راتبه او اذا استعمل هاتفه الجوال الخاص او حتى اذا قام بصيانة سيارته من حر ماله ماالذي يضيره ولم تبخل عليه الدولة في ايام الرخاء ولعلها سحابة صيف سوف تنغشع قريبا بحول الله ويكون كل من شارك في تخطي هذه المرحلة قدم السبت كما نقول نحن في السودان وبكل تأكيد سوف يجد الدولة بجانبه يوم الاحد. هكذا تكون القيادة الحقيقية عندما يتعلق الامر بمصلحة البلد تتخذ قرارات حاسمة وقوية ولا تماطل في تنفيذها وتطبيقها على المسئولين قبل المواطنين فيكون ذلك دافعا لكل فئات الشعب على التعاون بنفس راضية ومقتنعة بما تفعل لان المحصلة النهائية مصلحة الوطن والاجيال القادمة التي سوف تفتخر وتسجل باحرف من ذهب على صفحات من نور سيرة الاجيال السابقة مسئولين كانوا او مواطنين اوحتى مقيمين لانهم شاركوا وبكل فخر في تنمية بلد عملاق في حجم بلاد ارض الحرمين الشريفين وليتهم يتعلمون ويستفيدون من هذه الدروس المجانية والله المستعان وعليه التكلان. مجذوب محمد عبدالرحيم [email protected]