الإنقاذ : طُويت صفحة ومات حلم - 4 -12 طُويت صفحة الشعارات ومات حلم المشروع الحضاري م / محمد حسن عبد الله : الأنظمة الشمولية لا تدمر البنى السياسية فقط وإنما تدمر البنى الفكرية والإجتماعية للأمة , سفيان مخلوفي عندما يدرك الناس أن الدولة تدار لحساب نخبة وليس لحساب أمة ، يصبح الفرد غير قادر على التضحية من أجل الوطن ، وينصرف ليبحث عن مصلحته الخاصة . د/ عبدالوهاب المستيرى أخطاء وخطايا التمكين : إقصاء ، إستقطاب ، إحتواء سياسة التمكين كانت من أهم إستراتيجيات الإنقاذ سلكت لها كل الدروب وجندت لها كل الوسائل والأساليب ووفرت لها المعينات وصكت لها المسميات من فقه ضرورة وإحالة للصالح العام ، فكانت إقصاءاً للمعارضين وإستقطاباً للمتسولين والمتسوقين على أرصفه السياسة بيعاً وشراءاً للولاءات والإنتماءاتوإحتواءاً للمتوالين . في الحلقة العاشرة من شهادته على العصر بقناة الجزيرة إعترف د/الترابي بأن مجزرة الصالح العام بدأت بإحلال الإسلاميين غير المؤهلين في مختلف مؤسسات الخدمة المدنية وأجهزة الدولة وإن التعيينات كانت تتم بواسطة الأجهزة المستترة خلف نائب الأمين العام وعلى رأسها المرحوم مجذوب الخليفة مسئول المهن والفئات الذين كانوا يديرون الأمور من وراء ستار مما نتج عنه مذبحه لمؤسسات الدولة والمجتمع نتيجة للدفع بأهل الولاء إلى المناصب دون أهل الكفاءة كما اعترف بقيام بيوت الأشباح والتعذيب بواسطة جهاز الأمن والذي اشترك فيه الإسلاميون من أبناء الحركة الإسلامية وعندما قال أحمد منصور مقدم البرنامج بأن ذلك جريمة في حق الإنسانية والمواطن السوداني أمن الترابي على كلامه ولكنه قال كل ذلك قد حدث في التاريخ الإسلامي . من أجل التمكين وترسيخ أركان حكمها لجأت الإنقاذ الى إقصاء غير الموالين من الخدمة المدنية والعسكرية وتدمير الفعاليات السياسية والإقتصاديةوالإجتماعية وتفتيت وتمزيق الكيانات والإدارات الأهلية . بدأت الإنقاذ بالخدمة المدنية والعسكرية – رفعت شعار الصالح العام مما أدى الى إبعاد وتشريد الالآف من ذوي الخبرة والكفاءات في مختلف المجالات طرداً وإحالة الى المعاش والى المؤسسة العسكرية فأحالت المئات من الضباط والكفاءات العسكرية الى المعاش فدمرت تحت هذا الشعار الخدمة العسكرية والمدنية وصارت المؤسسات حكراً لأهل الولاء والحظوة . ولإقصاء الفعاليات السياسية بدأت حملة منهجية إتسمت بكل أنواع الفجور في الخصومة وذلك بتشويه سمعتهم والتشهير بهم أما في المجال الإقتصادي فقد تولى القطاع الإقتصاديإحتكارالإستيراد والتصدير لأهل التنظيم والولاء من رجالات الأعمال وحجبه عن الآخرين وسار على هذا المنوال في كل المجالات الإقتصادية والخدمية الآخرى. ثم التفتت الإنقاذ إلى الإدارة الأهلية فعملت الى تفتيت كيانات الإدارة الأهلية وأثارت النعرات العنصرية والجهوية ، فقامت بإعادة تقسيم هذه الكيانات وحواكير الإدارات الأهلية في دارفور من أجل كيانات محلية تدين لها بالولاء والإِنتماء السياسي . يقول د/عبد الرحيم عمر محي الدين في كتابة صراع الهوية والهوى ص 619 (تم استخدام أرصدة الحركة في الحكم والبنوك الإسلامية وغيرها لإستقطاب المؤيدين ومكافأة أهل الولاء وتقرر هذا الإتجاه بعد إنقلاب حزيران (يونيو) ووقوع الدولة وأرصدتها في يد القيادة مع تبني استراتيجية تفكيك وتدجين الحركة وكانت هذه الإستراتيجية واعية ومتفقاً عليها ) . اما العقلية الأمنية فقد لخصها الدكتور التجاني عبد القادر في مقاله (إِخواننا الصغار) بقوله (وصارت الملفات السياسية والعسكرية والإقتصادية جميعها تتحول وبصورة منتظمة الى الأجهزة الأمنية ، إن ظاهرة ان يبتلع تنظيم إسلامي من قبل الأجهزة الأمنية التي أوجدها قد تبدو غريبة الأمر ، اذ كيف تهيمن عناصر أمنية على تنظيم إسلامي يقوم أساساً على عقيدة في الدين تؤمن بحرية الإنسان وكرامته وكيف تهيمن عناصر فرعية ناشئة على تنظيم إسلامي عتيق ظل هو نفسه يعاني من الإضطهاد ومطاردة الأجهزة الأمنية ردحاً من الزمن ) . في الحلقة العاشرة من شاهدته على العصر أفاد الترابي بأن للحركة جهاز أمن خاص بعيداً عن الدولة يتعامل مع الحركات الخارجية وكان نافع علي نافع مسؤول عن أمن الدولة ولقد طلب نافع ضم جهاز أمن الحركة الى جهاز الدولة وتم رفض ذلك ولقد أضرت هذه الإزدواجية بأمن الدولة . لقد تحول تحالف السوق والقبيلة والعقلية الأمنية الى تحالف غير مقدس لإدارة شؤون البلاد والعباد . هذه هي سياسات الإنقاذ ، إقصاء ، إستقطابوإحتواء التي أوردت البلاد المهالك وأورثتها الإِحن والمحن . وأخيراً : أعذر الظلم وحملنا الملام * نحن أرضعناه في المهد إحتراما في الصبا نحن دللناه طفلاً * وحملناه الى العرش غلاما وغرسنا عمره في دمنا * فجنيناه سجوناً وحماما إن خلف الليل فجراً نائماً * غداً يصحو فيجتاح الظلاما وغداً تخضر أرضى وترى * في مكان الشوك ورداً وخزامى [email protected]