الإنقاذ : . البدايات الخاطئة – المآلات الفاجعة (2) الأنظمة الشمولية لا تدمر البني السياسية فقط ، وإنما تدمر البني الفكرية والاجتماعية للأمة سفيان مخلوفى إن التمكين للدولة في الوضع الصحيح هو الذي يكون نتيجة وفرعاً من التمكين للأمة،أما حين يصير التمكين للدولة علي حساب التمكين للأمة ،وحين يصبح التمكين حكراً للدولة ممنوعاً علي الأمة،فذلك حين ((تلد الأمة ربتها)) دكتور احمد الريسوني أخطاء وخطايا التمكين : . سياسة التمكين التي تبنتها الإنقاذ كانت نتاجاً طبيعياً لخطيئة الصعود والاستيلاء على السلطة من غير سند شعبي وكان لابد لها والوضع هكذا إن تستخدم كل الوسائل والإمكانيات للتمكين لسلطتها فأطلقت يد الأجهزة الأمنية التي عمدت إلى تمزيق وتدمير البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية ليخلو الجو لهذا القادم الجديد للتحكم في مفاصل الدولة والمجتمعٍ من أجل التمكين مارست الإنقاذ كل الوسائل التي تناقض سمو المثال الإسلامي الذي تدعو إليه . من اجل التمكين السياسي قامت الإنقاذ بتسييس الخدمة المدنية والعسكرية فرفعت شعار الإحالة للصالح العام فأبعدت وشردت الآلاف ثم عمدت إلى الإحلال والإبدال وليتها طبقتها بكل عدل وشفافية وإنما لجأت إلى المحاباة والجهوية وصارت معايير الانتقاء والارتقاء أحاديث المجتمع والمنتديات من اضطراب في المعايير وجهوية وصفوية في الاختيار.وكان نتيجة ذلك كله إن استيقظت الو لاءات الخامدة من قبلية وجهوية وتحركت كل نوازع الردة والتخلف ودعاوى الجاهلية وصارت مؤسسات الدولة حكراً على أهل الولاء والحظوة. في ورقته الحركة الإسلامية السودانية وجدلية المراجعة والتراجع .تناول الهادي عبد الصمد تحليل الوجهة الفكرية لنظام الحكم في السودان متسائلاً هل مقتضى التمكين للدولة أم للدعوة؟ فيقول ( لئن سألت عن بروز جهاز الأمن كفاعل قوى في حركة الدولة الإسلامية خلال العقدين الماضيين لقلنا إن موجبات التمكين للنظام قد اقتضت ذلك دون ريب لكن لماذا هل مقتضى التمكين للدولة أم للدعوة . هذا سؤال جدلي ولكنه مركزي.وبعد أن يفسر الاتجاهات الفكرية في مسالة السلطة والدولة والدعوة يؤكد أن ما يعين النظام هو السعي لتمكين المظاهر المادية بموجبات الشرع ، ولكن أخفقت إلى درجة ملحوظة في تمكين السلوك النبوي لدى عدد من القيادات البارزة ، فهناك تجاوز للمؤسسية في اتخاذ القرارات ، مع أن الإسلام يقوم على بسط أمر المسلمين شورى حتى لا تنثني على صدور ثلة قليلة ، كما يجب ألا يكون المال حبيساً في خزائن ثلة قليلة من الناس (حتى لا تكون دولة بين الأغنياء)، وهكذا فان أمر المسلمين كله قائم على البسط والتداول غير إن البعض ممن تم اصطفاؤهم لقيادة مؤسسات فاعلة كالمصارف والمؤسسات الاقتصادية وإدارة الولايات طغي عليهم التجبر والعناد والإعجاب بالرأي السحيل !! وربط الكثيرون منهم بقاءهم بالمناصب ذات البريق الأخذ بالألباب ،فتشبثوا بها، وظهرت في قاموس أدبيات السياسة كلمة ((الكنكشه)) حتى أصبحت لفظاً سائغاً لدى خاصة القوم وعامتهم . لقد توارت بعض القيم والقواعد الإيمانية بشان الحكم وتدبير أمور الرعية وراء متطلبات الولاء للسلطة والإسناد القبلي والاقليمى . أما د. المعتصم احمد على الأمين في ورقته عن الحركة الإسلامية فيقرر أن مبدأ التغاضي عن المحاسبة المشددة للذين يملكون القوة في جسم الحركات الإسلامية نتيجة لتأمينهم الدولة أول مراحل التنازل عن بعض مبادئ الحركة الإسلامية إذ انه سرعان ما يؤدى ذلك إلى إغراق الدولة في الفساد. لقد أشار د. تجانى عبد القادر إلى العقلية الأمنية التي سيطرت على مفاصل الدولة في مقاله (إخواننا الصغار) بقوله وصارت الملفات السياسية والعسكرية والاقتصادية جميعها تتحول بصورة منتظمة إلى الأجهزة الأمنية لقد خلص إلى قناعة تؤكد سيطرة ثلاثي السوق والقبلية والعقلية الأمنية ، على مؤسسات النظام من اكبر أخطاء وخطايا التمكين والذي شهد به نفر من أهل الإنقاذ هو التحالف الثلاثي بين السوق والقبيلة والجهوية والعقلية الأمنية والذي أدار شؤون البلاد والعباد في غياب تام عن مبدأ المحاسبة المشددة مما أدى لتنامي الفساد والمحاباة والمحسوبية. ولقد اقر أمين حسن عمر بأن المؤتمر الوطني يمتلك شركات داخل السودان وخارجه وأن أخوانه في المؤتمر الشعبي استولوا علي بعض منها (صحيفة اليوم التالي العدد الأول) يقول د. صديق أمبدة (الإنقاذ من العقيدة إلى القبيلة) ربما يرى الانقاذيون بمنظار مصالح السلطة والمال المكتسب . أن التمكين المنكفئ على أهل الولاء بالقبيلة وصلات الرحم هو الدرع الذي يحميهم من شعبهم خاصة بعد خروج الوسط (الجزيرة والنيل الأبيض وحتى أم درمان) من دائرة عين الرضا وربما يكون صحيحاً لفترة ولكنه ليس كافياً (لان العدل هو سياج الحكم ) فهي لم تجد لا في كنانة الإسلام ولا في جراب السياسة الحديثة من الوسائل والأساليب ما يعينها على المحافظة على الحكم إلا التمكين والعنف والإقصاء وعنف الدولة ولها في القذافى عبرة إذ لم تستطع أن تحميه من شعبه سراديب باب العزيزية ولا قبائل القذاذفة ولا الكتائب. أن التعددية العرقية والثقافية والتباين الاقتصادي والتنموي لاتعالج بالتمكين والإقصاء وإنما تدار بروح القبول للأخر وبالرؤية والبصيرة النافذة والعمل الدءوب على ردم الهوة وتجسيرها. والتمكين بالشكل المتوحش يصبح منفلتا وينغمس في المصالح الشخصية والاثنية بعد الدمار الشامل الذي أحدثته سياسة التمكين في جميع مؤسسات الدولة مدنية وعسكرية يعلن الرئيس عمر البشير بتحرير الخدمة المدنية من سياسة التمكين لكافة شرائح الشعب السوداني ((دون محسوبية)) وأقر بتلقي الخدمة المدنية ضربات بسبب (سياسات التطهير وأحب وطني والتمكين). في كتاب الأمة هي الأصل يورد دكتور احمد الريسوني في باب بين التمكين للأمة والتمكين للدولة .أن التمكين للدولة في الوضع الصحيح .هو الذي يكون نتيجة وفرعاً من التمكين للأمة. نعم للدولة مهام قيادية وريادية لأتنكر، ولكن الدولة التي تهمش الأمة وتلغي صلاحياتها وتكبت مبادرتها، لا يمكن أبداً أن تكون دولة رائدة ولا مبدعة حقاً. إن مركزية الدولة وأمومتها وهيمنتها واحتكارها للوظائف والصلاحيات تجعل الآلاف أو الملايين من القادرين علي الإبداع والعطاء الحضاري يقفون مشلولين أو يقفون مناوئين، لان الدولة هي التي تفكر وتبادر، وهم ليس لهم مكان في الدولة. م. محمد حسن عبد الله [email protected]