يوم أمس 10 ديسمبر 2016م إحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان، ومرت ساعات يوم أمس علي السودانيين مثلها مثل الأيام السالفة، فالحقوق الإنسانية التي تنادي بها الأمم وتحتفل بعيدها العالمي كل عام، كانت وما زالت حبيسة الظلم والدكتاتورية في ظل حكم جماعة الحركة الإسلامية، الذين افسدوا حياة الشعب السوداني بفساد منهجهم الفكري المتطرف الذي انتج سلوكهم العدواني تجاه المجتمع. مرت تلك الساعات وسجون الإنقاذيين تحتضن عشرات الثوار السودانيين ومحاكم التفتيش المسيسة تواصل إنتهاك حقوق الإنسان والرئيس الإنقاذي يدعوا الي جلد التلاميذ في المدارس مستشهدا بجلده (60) جلدة عندما كان تلميذا، يضاف كل هذا الي الإنتهاكات الجماعية التي تقوم بها السلطات السودانية في المدن والقرى المختلفة علي طول وعرض البلاد، ثم الي سياسات التجويع والتعطيش والتشريد والتفرقة العنصرية، وصولا الي تحطيم النسيج الإجتماعي وتبديد رؤى المستقبل لدولة السودان. الكوارث التي تحد بنا يصعب علي الإنسان عدها او وصفها فهي كوارث متشابكة ومتداخلة، والذين تسببوا في تفجيرها يتمسكون بالسلطة ولا يريدون تخفيف معاناة المواطن وذلك برفضهم كل مبادرات السلام التي وجهت لهم من أجل حقن دماء الأبرياء وفتح مسارات جديدة لتطوير الدولة المنهارة إقتصاديا وسياسيا والأمن فيها (صفر)، ولكنهم شيطنوا الجميع وحكموا علي معارضي توجهاتهم بالإعدام السياسي بتهم لا اساس لها، وعرضوا بضائع الحرب علي المجتمع السوداني امام العالم اجمع، وكانت النتائج ابشع ما يتصوره العقل في هذا العصر، فقد وقعت الإبادات البشرية وتمت التصفيات العرقية علي نهج التطهير العرقي وسياسة فرق تسد، وما زال العالم يشاهد ما يجري في السودان من خراب ودمار هو الأشنع من نوعه. لكن هذا الشعب العظيم رغم ما يعانيه في عيشه وحرياته وسلمه وأمنه وسائر حقوقه المسلوبة، هو الآن يبعث اعظم رسالات الثورة الي كل شعوب العالم، وقد كتب شعبنا رسالته الأولى بخط ذهبي لامع في عصيان 27 نوفمبر المنصرم، ويعد العدة بذات الوعي المستنير لعصيان 19 ديسمبر الجاري، وحتما سينتصر بنضاله الخلاق علي نظام الجلابة (البرجوازيين الإنقاذيين) الذين سرقوا موارد البلاد لبناء رفاهيتهم علي حساب الفقراء والمهمشين. تبقت ايام قليلة لرد كرامة السودان والسوانيين ولم يتبقى للنظام الطاغي الباغي فرص آخرى للمتاجرة بحياة الشعب، فالمعركة الثورية القادمة ستكون حاسمة بنسبة كبيرة، لأن معاركنا السابقة كانت لإضعاف مقدرات النظام علي الهجوم، ووضعه في موضع الإنعزال الجماهيري وفقدان السيطرة علي الشارع السوداني بحيث يجعله يسقط مع أخر ضربة تأتيه، ونجح الشعب في تحقيق ذلك، والضربة (الديسمبرية) ستكون قاضية ولا مفر من وقوعها. نتابع عن كثب توحد الوجدان الشعبي في مسألة العصيان المدني كواحدة من آليات مقاومة النظام الإنقاذي لتحقيق التغيير والتحرر من قيود الظلم والخروج من ظلمات العهد الإسلاموي ومشاريع فاشية الفاشلين، ويعتبر هذا التوحد نوع من انواع إعادة بناء المجتمع السوداني الإنساني التعاوني الذي لا يقبل التقسيم بمفاهيم القبلية والجهوية التي إستخدمها المؤتمر الوطني لتمتين قبضته علي المجتمع، وهو نوع من انواع الثورة المتحضرة التي ادهشت العالم اجمع، وليست غريبة علي السودانيين الذين انجزوا ثوارثهم التاريخية بجدارة. وكي لا يجرنا الحديث بعيدا نعود الي نقطة البداية لنتحدث عن اليوم العالمي لحقوق الإنسان وما يجب علينا فعله وما يجب علي المجتمع الدولي إتخاذه حيال هذا النظام. اولا/ علينا مواصلة الدعوة الي العصيان المدني العام وكل وسائل المقاومة مشروعة لصد الظلم وتحقيق العدالة لرد الحقوق الي مستحقيها، والعدالة ترد الحقوق إذا كانت الدولة حرة ديمقراطية تحترم الشعب وتفصل السلطة القضائية عن المفاهيم الحزبية التي تجعل مصالح الحزب او الأشخاص فوق القانون، لذلك علينا أن نعمل لبناء الدولة الديمقراطية بعد إسقاط هذا النظام. ثانيا/ علينا أن نعمل علي توحيد خطاب المعارضة السودانية بشكل يعبر عن مطالب الجماهير ونجعل المجتمع السوداني يتماسك اكثر ويتوحد اكثر حول قضاياه المصيرية، وهذا يصب في إطار توحيد الرؤية المستقبلية للسودان وتمتين بنيان المجتمع يمتن قوة الدولة ويجعلها تقف من جديد بعد أن اقعدها هؤلاء الطغاة بسياساتهم العرجاء. ثالثا/ علي المجتمع الدولي إتخاذ قرارات شجاعة تجاه الوضع في السودان، واولها إيقاف أسفار الرئيس الإنقاذي واتباعه، والشروع في تكوين لجنة تحقيق دولية تنظر في إنتهاكات حقوق الإنسان السوداني من استخدام الأسلحة الكيميائية في دارفور والتحقق من إستخدامها في جبال النوبة/جنوب كردفان والنيل الأزرق، والنظر في مسائل اضرار مصانع السيانيد ومدافن النفايات السامة والسدود، وصولا الي الإعتقالات التعسفية والإغتيالات التي طالت عدد من النشطاء في مختلف المواقع والمجالات. رابعا/ لا بد من تحريك مذكرات لمجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الإفريقي والمحاكم الدولية والمنظمات الإنسانية والحقوقية من قبل القوى الشعبية والسياسية تشرح الواقع السوداني وتطالب بقرارات سريعة تحسم ما تم النكوس عن حسمه بشكل او بأخر، والمطالب ايضا بوقف مساعدة النظام الحاكم بالدعم اللوجستي والدبلماسي من بعض الدول، وإغلاق سفارات النظام لأنها لا تمثل السودانيين. خامسا/ الشعب السوداني وحده الذي يخوض معاركه التحررية ضد نظام غير إنساني ولا يحترم حقوق الإنسان، فلا يمكن للشعوب الإنسانية أن تقف مكتوفة الأيدي ولا تدعوا لصد الظلم ووقف التعامل الدولي مع الظالمين. نحي شعبنا الصامد الصنديد في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ونناشد كافة القوى السياسية والمدنية وكل سوداني علي إمتداد البلاد وخارجها لمساندة العصيان المدني العام، ونؤكد وقفتنا مع شعبنا العظيم حتي ننال الحرية جميعا ونعيش معا في دولة سلام ومحبة وإنسانية. سعد محمد عبدالله [email protected]