جدل كثير يدور في أوساط المغتربين السودانيين في اعقاب القرارات السعودية بتحصيل رسوم شهرية من العاملين والابناء الذين بلغوا سن الثامنة عشر، فاصبح الكل يفسر بحسب ما يريد للامور أن تكون ،بل بلغ حد تبادل رسائل من "شاكلة" "عاجل" "الملك سلمان يصدر قرارا بإلغاء نظام الكفالة! ،وأمر اخر بإلغاء الرسوم الجديدة الخ.. وكلها تكشف أننا لانزال تحت "الصدمة". فحين تطبيق هذه الرسوم المالية بمطلع يوليو القادم، سيكون الامر بالغ الصعوبة لأسر كثيرة ، لا تقوى على سداد هذه الرسوم ، وبالتالي لن يكون امامها من مخرج غير مغادرة السعودية. السودانيون في أرض الاغتراب يختلفون عن كل شعوب الارض، لذلك تمضي سنوات طويلة ، وحينما تحين لحظة وضع عصا الترحال ، تبرز مشاكل عديدة، من بينها أن المغترب العائد لا يملك بيتا يأوي أسرته كبرت ام صغرت، وكان بمقدور هذا العائد ان يمتلك اكثر من بيت غير انه كان بارا ورحيما باهله ، وهو في الاصل اغترب ليحقق طموحاتهم وتطلعاتهم، فمضى يغدق العطاء، على الذين يدرسون ،حتى تخرجوا في الجامعات، ويقوم على إعالة اسرته الممتدة، ويبعث "بالشنط " للراغبين في الزواج، ويعاون هذا وذاك في تشيد بيته ، وارسال كسوة العيدين بنفس كبيرة ، وهو في تواصله الحميم مع محيطه الاسري العريض، قد ينسى نفسه واسرته الصغيرة أو قد يرى بان ما يعنيه يظل مؤجلا لحين ..طالما لايزال ينعم بالصحة والعافية وهو على راس العمل ..فيما بقية الشعوب الاخرى قد ترى ذلك ضربا من "العبط" ولا تعرف حجم السعادة التي يوفرها هذا العطاء الجميل. ظل ذات المغترب يقوم بواجباته على أكمل صورة تجاه بلده من تبرعات وضرائب مباشرة وغير مباشرة ،مما يؤهله بجدارة لخدمة تقدم له في مثل هذه الظروف . المتغيرات التي تحدث حاليا في السعودية تستوجب من الدولة أن تقول لهذا المغترب "شكرا جميلا " واهلا بك في وطنك ، وهي لحظة حاسمة ان يكون لجهاز شئون السودانيين العاملين بالخارج دور يتجاوز أحاديث قد "رفعنا بتوصيات" ..فالامر جدي لايقبل التسويف. سألت السفير السوداني في الرياض عبد الباسط السنوسي ، عن الدور المنتظر من السفارة تجاه الواقع الجديد.. الرجل يقول انه لن يتوانى في تقديم كل مامن شانه خدمتهم ، وتقديم تذاكر سفر على أقل تقدير تكون مخفضة جدا للأسر،ولكن هذا وحدها لا تكفي. أما الدور المنتظر على الدولة فيجب ادخال المغتربين العائدين الذين أمضوا سنوات طويلة في الاغتراب ولا يملكون بيوتا ، في مشاريع الاسكان الشعبي التي تنتشر في جميع ولايات السودان ..فهذا اقل ما يمكن ان يقدم لهم ،اضافة لاعفاءات جمركية تتجاوز دواليب الخشب وسراير الحديد الى ماهو أنفع لهذا العائد،"قسرا" ، اقلها اعفاء جمركي لسيارة يمكن ان تشكل له باب رزق ،اوخفض الرسوم ل50% وجدولة سدادها،وهذا يمكن ان يتم وفق شروط تتضمن سنوات الاغتراب، والالتزام بسداد الضرائب. السعودية نفسها تدرك مرارة القرارات التي اقدمت عليها حينما يقول أبرز المحللين الاقتصاديين " ان السعودية اقدمت على قرارات مؤلمة غير ان الذي سيكون اشد ايلاما ان لم تتخذ هذه القرارات .." والسعودية تقدم العون السريع لمواطنيها بما يسمى حساب المواطن الذي سيودع فيه مبلغ 2000 ريال شهريا لتعويض رفع الدعم عن الكهرباء والماء والوقود. ننتظر مبادرة يقودها د. كرار التهامي الامين العام لجهاز شئون السودانيين بالخارج ، وتلتزم بها الدولة لخدمة من لم يقصروا في خدمة الوطن. مصطفى محكر" الصحافة " . [email protected]