وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عرض لكتاب الشيخ السماني الشيخ البشير (أبو النسيم) (1850-1967)
نشر في الراكوبة يوم 30 - 01 - 2017


(دراسة وصفية تحليليه تاريخية)
الدكتور عبد الجليل عبد الله صالح
أستاذ مساعد قسم اللغة الإنجليزية – كلية التربية -جامعة الجزيرة
2016م ----- 250 صفحة 24 سم
شركة مطابع السودان للعملة المحدودة
+++++
المؤلف: د. عبد الجليل عبد الله صالح تخرج في كلية الآداب جامعة الخرطوم ويعمل حاليا أستاذاً للغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الباحة في المملكة العربية السعودية، وعمل قبل ذلك في الجامعات السودانية (جامعة دنقلا وجامعة الجزيرة وفي جامعة المرقب في ليبيا). صدر له باللغة الإنجليزية كتاب:
The Sammaniya Doctrine, History and Future (2015)
تصميم الغلاف: عبد الناصر على أحمد
++++++
الإهداء: إلى روح العارف بالله سيدي الشيخ السماني الشيخ البشير
ثم شكر وعرفان توجه به الكاتب لجماعة من المشايخ والمدّاح سماهم ولأهل المنطقة والقرى لما وجده من تشجيع لإحياء تراث المنطقة ولمده بمعلومات للتوثيق لذلك، ثم فهرست محتويات الكتاب
الاستهلال /الإهداء/ الشكر والعرفان/ مقدمة وتمهيد
الباب الاول: نشأة السمانية:( الشيخ البشير الشيخ نورالدائم).
الباب الثاني: الشيخ السماني الشيخ البشير: نشأته، تأسيس المسيد، سنده الصوفي، تصوفه ومنهجه الصوفي، السمان والرقم 151، أساس وأوراد الطريقة، زيارة طابت الشيخ عبد المحمود، انطباع الشيخ عن الإرشاد، ثناء العارفين، كرم الشيخ، كراماته، الدور الاجتماعي للشيخ، تلاميذ الشيخ).
الباب الثالث: نظمه الشعري
الباب الرابع: ما نظم فيه من أشعار
ثم ملاحق والمصادر والمراجع
+++++
جاء في المقدمة أن المؤلف مهتم بالكتابة عن التصوف و" تأتي هذه المحاولة لتلقي الضوء على جواهر ولآلئ ودرر كانت مكنونة في خضم هذا البحر المطمطم سيدي الشيخ السماني ود البشير (1850 -1967) الذي هو بشهادة الذين عاصروه أو تتلمذوا عليه أو درسوا آثاره، شخصية استثنائية في تاريخ التصوف في السودان وبالأخص مناطق شرق سنار وما جاورها من مناطق. إذ ترك تراثا روحيا وأدبيا وتاريخيا كبيرا ما زالت ثمار غرسه تأتي أكلها. إن شخصا كسيدي الشيخ السماني ليستحق بامتياز كبير تخليد ذكراه وحياته على صفحات سجل التصوف السوداني، لما له من إسهام جبار في بعث روح التصوف بشكل عام والطريق السماني بشكل خاص وإن محتوى هذا الكتاب هو مجرد نظرات في شخصيته والوقوف على ظاهر آثاره بهذه الاسطر، والحق أنها جاءت كمرور السفن على سطح البحار دون العمق. أوكد أن هذا العمل ما هو إلا محاولة لرسم صورة مختصرة عن شخصيته المعطاءة التي لا يسعها إلا الأبحاث والدراسات لما له من فضل في بعث التراث الصوفي الانساني في تلك المنطقة من أرض البلاد. وأجاد القائل:
كرر عليّ حديثهم يا حادي
فحديثهم يجلي الفؤاد الصادي".
كما اعتمد الكاتب "على مراجع تأريخية وعلمية وأدبية خصوصا أدبيات السمانية، كما استند على كثير من المواقع الإلكترونية لتغطية جانب من مفاهيم التصوف وغيرها، وكانت للرواية الشفهية الموثوق بها الدور الأكبر في إثراء مادة الكتاب وإخراجه بصورته التي جاء عليها".
الباب الأول: تناول نشأة الطريقة السمانية وهي من الطرق حديثة النشأة نسبيا إذا أنشأها مؤسسها الشيخ محمد عبد الكريم والمتوفى في عام 1775، وتعود بأصولها إلى (القادرية والنقشبندية الخلوتية وطريقة الأنفاس وطريقة الموافقة)، وقد دخلت السودان عن طريق الشيخ أحمد الطيب ود البشير (المتوفي عام 1824) الجد الثاني للمترجم له. وقد أوجز المؤلف مبنى الطريقة السمانية فيما يلي:
(التوبة
العزلة
الزهد
التقوى
القناعة
التسليم
الذكر الجماعي الجهري في حال الاجتماع
الجهاد الأكبر
المعاونة في الدين والدنيا
ويتمثل منهج الطريق فيما يأتي:
الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقضاء والقدر خيره وشره.
التأسي التام بالرسول صلى الله عليه وسلم، مع المجاهدة الدائمة للنفس للتخلق بالقرآن الكريم.
الالتزام الجاد بالمنهج التربوي لمشايخ الطريق بما لا يخالف في صغيرة أو كبيرة منه ما جاء في القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، وما أجمع عليه المسلمون.
الإجلال للكبير، والرحمة للصغير
الطاعة للشيخ العالم فيما لا يوقع في معصية.
الأخذ بعزائم الأمور.
الإكثار من النوافل العامة، والذكر خاصة.
المبايعة على الوفاء بعهد الله، وتحكيم شرعه.
الالتزام الجاد بطاعة الله تعالى، والحذر التام الكامل من الوقوع في المعصية أيا كانت حراما أو مكروها، أو حلالا مستغنى عنه.
التحلي بأكرم الأخلاق وأسماها (عملا بما ورد من أن التصوف خلق فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد في التصوف)
الباب الثاني:
في هذا الباب وهو مدار الكتاب والعمود الفقري، أورد المؤلف شجرة نسب المترجم له ومولده والذي كان في 1850 بقرية دلوت بالقرب من رفاعة بشرق الجزيرة، حيث نشأ فيها ومثل أقرانه التحق بالخلوة حيث حفظ القرآن وقرأ الفقه. وفي عمر الثامنة عشرة طلبه تلاميذ والده في قرية ود طويل ليكون لهم مرشدا وقائدا دينيا، حيث اسس المسيد والخلاوي وتزوج فيهم وبعدها جاء وأسس قرية الشيخ السماني شرق الحاج عبد الله شمال سنار. وسبق له وأن أقام في منطقة بالقرب من طابت الحالية والتي أسماها على طابت التي أنشأها عمه سيدي الأستاذ الشيخ عبد المحمود ود نور الدائم. وله أربع زوجات هن (آمنه بنت البدري وأم الحسن بنت الشيخ عبد الله ونفيسة بنت الشيخ الصديق والسرة بت محمود) ومنهن رزق بذريته من البنين والبنات.
ثم أصل الكاتب لاسم "السمان" والذي سمي به المترجم له، حيث سمي" السمان" تيمنا بمؤسس الطريقة وعالم الحقيقة الغوث محمد بن عبد الكريم السماني القرشي البكري المدني 1717 م-1774 م. حيث أطمان الكاتب إلى أن الصفة والعائدة أصلا للشيخ محمد عبد الكريم السمان مؤسس الطريقة والتي أصبحت تعرف بها الطريقة (السمانية)، "السمان هو الذي يستخرج المعاني والأسرار من قالب الألفاظ والمصاحف كما يستخرج السمن مستخرجه من الزبد". قال القطب المحقق سيدي الشيخ محمود الكردي في شرحه: " سمي السمان بذلك لأنه كان كيال لأسمان المعارف" وقال بعض الشارحين: "سمي بذلك لأنه أسمنت به قلوب كانت عجافا".
تأسيس القرية والمسيد (طابت الشيخ السماني):
شأنها شأن الكثير من المدن والقرى قامت على ذات الخطى التي قامت عليها الكثير من مدن وقرى البلاد نتيجة لمجهودات رجال التصوف مثل (ود حسونة، والشيخ الطيب، وطابت الشيخ عبد المحمود، ودمدني السني، طيبة الشيخ عبد الباقي، الشيخ النور، وود أب صالح، وعمارة الشيخ هجو، وقرية الصابونابي، وطيبة الشيخ القرشي، والشيخ البصير). وكان في من حضر التأسيس الشريف يوسف الهندي، فبدأ الشيخ أول ما بدأ أن قام بتشييد المسيد وما يمكن قوله أن المسجد الذي هو عماد المسيد كان في بدايته بسيطا حيث شيد من المواد الطبيعية من قش وحطب وغيرها، إلى جانب المسجد كانت هنالك خلوة القرآن وكذلك بيوت الشيخ وأسرته. ولثقة الناس فيه تدافعوا إليه وتقاطروا لأخذ الطريق. وفي بواكير هذا العمر من المسيد اتجه الشيخ في منهجه نحو تشجيع العلماء طالبا الإقامة معه لتزويد الناس والمريدين بالعلم والمعرفة.
والمعروف ان السمانية تعود بأصولها إلى (القادرية والنقشبندية والخلوتية وطريقة الأنفاس وطريقة الموافقة)، ولهذا أورد الكاتب السند الصوفي للشيخ السماني المترجم له في هذه الطرق الخمس، فقد جاء في سنده القادري: "كان سيدي الشيخ السماني متطلعا إلى علوم القوم ومتخلقا بأخلاق السادة الصوفية، حيث سلك الطريقة السمانية القادرية وأخذها عن أبيه الشيخ البشير الذي أخذها عن مربي الأرواح الوارث الشيخ القرشي ود الزين والذي أخذها عن المجدد الشيخ أحمد الطيب بن البشير الذي أخذها ولبس خرقتها من بحر العرفان، وقطب الزمان الشيخ محمد بن عبد الكريم المدني القرشي الشهير بالسمان..." ثم تتدرج السلسلة كما هو معروف ومشهور. لم يكن الشيخ السماني بعيدا من نظم الشعر فقد ألف منظومة (من 27 بيتا) في سند طريقته السمانية القادرية باتت تقرأ صباح مساء من ضمن ما يقرأ في الراتب السماني وهكذا فقد حفظ مريدوه سلسلة سند طريقتهم، وجاءت أبيات المنظومة شاملة لكل رجال الطريقة الوارد ذكرهم آنفا، يستهل الشيخ المنظومة قائلا: "لا اله الا الله محمد رسول الله ".
ببدا القول ببسم الله برب عز وجل ××××× إن عزانا وإن ذل نافي الشرك هو الله
بثنيني القول بلا قلة علي المختار في رسل الله ×××× يوم الرجفة والذلة شفيع الخلق رسول الله
ثم أورد المؤلف سند الشيخ في الطريقة الخلوتية (والمعروف أنها واحدة من الطرق الخمس التي صاغت الطريقة السمانية) فقد أخذ الشيخ السماني الطريقة الخلوتية من والده الشيخ البشير والذي أخذها من الشيخ القرشي ود الزين والتي أخذها من القطب الشيخ أحمد الطيب بن البشير، ثم يتسلسل السند كسابقه صعودا للمصدر سيدنا محمد، وهو عن روح القدس جبريل عليه السلام، وهو عن رب العزة جل جلاله، وتعالت أسماؤه وصفاته.
أما منهجه الصوفي فلم يكن صوفيا بالوراثة إنما كان تصوفه بالمجاهدة والمكابدة بالقيام والصيام والورع والزهد والبر والإحسان.
كان منهج الشيخ الذي اتبعه في نشر المنهج الصوفي السماني القادري مبسطا ومتسقا مع طبيعة السكان البدوية والرعوية، متخذا من التراث القادري المبسط وسيلة للتذكير بالله والرجعى إليه. فقد سعى الشيخ إلى نشر وتعميق مبادئ العقيدة الإسلامية بطريقة مبسطة أساسها إلزام المريدين إتباع منهج خلقي وتعبدي خاص مع المداومة على قراءة أذكار وأوراد الطريقة.
ولإيمانه الكبير بعظم دور التعليم في حياة الناس فقد قام رضي الله عنه بإنشاء معهدا للعلوم الدينية كان منارة إشعاع نهل منه الكثير، كانت تدرس فيه إلى جانب مواد اللغة العربية والإسلامية اللغة الانجليزية، الرياضيات والجغرافيا. كان اهتمام الشيخ بالمعهد كبيرا، فكان يقوم بدفع مرتبات أساتذته وتوفير الإعاشة لهم ولطلابه. كما كان يراسل العلماء ويدعوهم لزيارتهم والإقامة عندهم لإفادة الناس وتعليمهم أمور دينهم في عبادتهم ومعاملاتهم. ومن اهتماماته العلمية فقد كان له قدح السبق في طباعة كتاب الحكم الطيبية لسيدي الشيخ أحمد الطيب بن البشير وذلك عبر حفيده الشيخ مصطفي عبد الله الطيب الشيخ نور الدائم.
وقد اشتهر الشيخ بدخوله خلوة ود طويل (وهي قرية شرق سنار) لمدة 127يوما. ثم تناول أساس وأوراد وأحزاب الطريقة والأدلة على ذلك وكيفية أدائها، ثم أورد وأدعية مأثورة كان يرددها المترجم له.
ولما كان الكتاب كتاب سيرة كان لابد للكاتب أن يتناول مآثر المترجم له كرما وكرامات، مما وقف عنده الكاتب ما عرف واشتهر من كرم وعطاء وسخاء الشيخ السماني وذكر حادثة "فتح المطامير" والتي دونها الشاعر ود البدوي في الأبيات التالية:
"زمن العيش عدم والرجال احتاجوا
ظهر فيها سيد العرب والداجوا
زمن العيش عدم والرجال انضموا
تجار المخازن بالعربات ما جوا
قال أنا أخو المسكينين والواقع المحتاج
تجار المخازن بالربح اهتموا
ظهر فيها ذى الشمس للمسكينين وفرج همو
زمن العيش عدم والفارس إضمضم
فتح أمية لله ونفقها كرم"
وهي قطعا تستدعي قصة النعيم ود حمد التي خلدها قسم السيد أدفريني، ثم أفاض الكاتب في ذكر قصص تحكي عن كرم الشيخ وأورد أمثلة من الشعر والقصائد التي قيلت في كرمه وعطائه وسخائه، وورد في قصيدة ذكر "حاج التجاني وحاج عباس"وجاء في تعريف حاج التجاني" هو التجاني جمعة من أهالي الكاملين وهو من الشخصيات المشهورة التي ارتبطت بمسيد الشيخ السماني. كان يعمل ترزيا عرف عنه أنه كان كريما جوادا. كان يأتي بسلتين ملئ بالملابس التي يخيطها بنفسه لمختلف الأعمار ويأتي بها إلى المسيد مرتين في العام حتى ورد أن الناس في القرية ومجاورها من قري كانوا عند سماعهم
بمجزئه تراهم يسارعون إلى المسيد ذلك أن مجيئه يعني ضمان الكسوة للصغار والكبار من كلي الجنسين.
ونحن أثبتنا حكاية "حاج التجاني" لأنها الدليل على أن كآفة فئات المجتمع تشارك في دعم ورفد المسيد بهداياها وعطاياها للخلاوي ولطلاب العلم وغيرهم من فئات المجتمع.
ثم ذكر طرفا من كراماته وهي كرامات لا يحصيها العدد ولا يحويها البيان في حياته وبعد مماته. ينبغي
القول إن الكرامات وهي ظواهر خارقة للعادة والمألوف يظهرها الله بإرادته لعبده تأييدا له ورضاء عنه
وقد كان الشيخ السماني مضرب المثل في الكمال والالتزام بمنهج القوم وسلوكهم والتأدب بأدب الطريق، لا يحيد عنه قيد أنملة والتزاما بذلك لم يمل يوما لإظهار كرامة أو أمر خارق ليعرف به أو ينسب إليه وذاك دأب أهل الله الكمّل وكأني به جاء مطبقا لقول سيدي السمان المؤسس "من اشتغل بالكرامات في الكرى مات". فما أحب الشيخ السماني ظهور الكرامات وفي هذا جاء ممتثلا قول جده سيدي الشيخ أحمد الطيب القائل في كتابه الحكم) ما أحب رجل أن يعرف بظهور الكرامات منه وانقياد الخلائق إليه إلا ذهب دينه وفسد في مولاه يقينه.). والأكابر من القوم والأعلام الواصلون وهو منهم يرون أن الاستقامة هي أكبر هبة ومنة من الله لعبده، وأظهر آية وبرهان على اصطفائه وحبه، ولذا قالوا:" الاستقامة خير من ألف كرامة"، وقال بعض العارفين: ما أكرم الله عبدا بكرامة أكمل من الاستقامة لقوله تعالى:( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ).
أما في الدور الاجتماعي للشيخ فقد جاء فيه أن للتصوف ورجال التصوف لاشك دور اجتماعي رائد ومعاش تحكيه سيرهم العطرة وذلك من لدن نشأة التصوف نفسه. والصوفية قوم اختصهم الله بالقبول والمحبة من الناس مما يسر لهم أن يلعبوا دورا بارزا في فض النزاعات بين الأفراد والجماعات بالمجتمع السوداني، والدور الوقائي من الأدوار الرئيسية التي تقوم بها الطرق الصوفية بملء فراغ الشباب وإشغالهم
بأفعال الخير وكذا الأجاويد وحل النزاعات، إن للصوفية دورا عبر الزمان بالسودان في تقارب المجتمعات وائتلافها، فمثلما قاربوا في الماضي بين القبائل ودمجتها في بعضها فإنها تقارب اليوم بين القرى والمناطق
المختلفة وهذا على المستوى الأفقي، أما رأسيا فإنها تقارب بين مختلف طبقات المجتمع فنجد أن الغني والفقير والمتعلم وغير المتعلم المزارع والتاجر كلهم إخوان طريقة واحدة وسالكين على يد شيخ واحد.
ثم أتى الكاتب على ذكر معاصري الشيخ وزوار المسيد وكذلك ذكر المناطق والقرى التي ينتشر فيها مريدو الشيخ وبعدها أورد قائمة بمن أجازهم الشيخ من تلاميذه وكذلك المداح والمقاديم والمنشدين.
توفي الشيخ السماني في 30 أغسطس 1967م بعد حياة عامرة بالعطاء والإرشاد.
الباب الثالث: في هذا الباب تناول الكاتب العلاقة بين التصوف والشعر ثم نظم الشيخ الشعري وقد ذكر المؤلف أن الله وفقه لجمع العديد من القصائد التي نظمها الشيخ فيما ضاع الكثير منها بانتقال حافظيها إلى دار البقاء. ويبدو أن القصائد التي كانت من نظمه جاءت متضمنة مدح سيد المرسلين وكذا الحث على الصدق في السير والسلوك، ثم أورد نصوص هذه القصائد، في النظم النثري في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد نظم الشيخ السماني صلاة تقرأ من ضمن الراتب اليومي عند الصباح والمساء، وقد أود نصها.
الباب الرابع: فقد خصصه المؤلف لما نظم في الشيخ من أشعار، وأورد نصوصا منها، وأثناء إيراده لتلك النصوص الشعرية كان الكاتب يعرِّف بالشعراء نظامي هذه القصائد ومن ضمنهم الشاعرة (من دامت).
ثم أعقب ذلك ملحقا للصور ضم صورا عديدة للشيخ وأبنائه وشعرائه وتلاميذه ومن ضمنها صور نادرة لبعض زوار المسيد مثل الشريف يوسف الهندي والشيخ محمد عثمان عبدو وأحفاد الشيخ محمد عبد الكريم السمان والشيخ الجيلي الشيخ عبد المحمود والشيخ هجو الماصع والشيخ المكاشفي وصور لبعض القباب.
ثم ثبت بالمراجع والمصادر.
++++
بذل الكاتب جهدا كبيرا في التوثيق لسيرة المترجم له، كما وفق إيما توفيق في جمع الكثير مما نظم الشيخ السماني بعد أن فقد الكثير من نظمه بوفاة من كانوا يستظهرون تلك النصوص، وللشعر الصوفي مكانة لا تخطئها العين في خريطة الشعر السوداني ومثل هذا الجمع يساعد في إثراء ذلك والتوثيق له. ويحمد للكاتب كذلك أنه كان يعرِّف بالشعراء الذين نظموا في مدح الشيخ أو نعيه (امثال المكاوي البله شاعر السمانية الكبير {عسل المريدين} والشاعرة من دامت).
كان الأحرى بالكاتب وهو يورد أو يستخدم الآيات القرآنية أن يستخدم (النسخ واللصق من المصحف الشريف) لأن الرسم العثماني للقرآن يختلف عن الطباعة والنسخ العادي، ما يضمن خلو النصوص من الأخطاء. أجرى الكاتب الكثير من المقابلات الشخصية وفق لجمع شيء من المخطوطات. إن تحرير مثل هذه التراجم مفيد للتوثيق لحياة الأفراد والمجتمعات التي عاشوا فيها ولتربية النشء والشباب للتخلق بأخلاق هؤلاء القوم.
شكرا د. عبد الجليل عبد الله صالح
++
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.