بسم الله الرحمن الرحيم حيرني موقف مر بي وأربكني ولم أجد له إجابة عند من لجأت إليهم، وها أنا أطرح الأمر على القراء وخاصة أهل العلم الديني من بلادي أن يدلوا بدلوهم حتى تعم الفائدة. المعلوم أن صلاة الجمعة فرض تحل محل الظهر للمقيم بشروط صحتها المعروفة. وقتها بعد الزوال واعتادت مساجدنا في السودان على أدائها ما بين الواحدة إلى الثانية والنصف تقريباً، إلا ما ندر، ويندر أن تصلى قبل هذا الزمن وهذا ما هو متفق عليه في الحضر والريف. الخطبة من شروط صحة الجمعة وأحياناً يختار ويفضل بعض المصلين هذا المسجد أو ذاك بناءً على خطبته ويقولون بأن الجمعة خطبة. تكون الخطبة بشقيها متشابهة من حيث المظهر والشكل في أغلب المساجد، حيث تبدأ الأولى بالحمد والثناء والشكر لرب العالمين بما أنعم علينا من نعم لا تحصى ولا تعد، ويكون موضوع الخطبة الأولى أمر ديني: شرح حديث أو آية أوتناول سيرة من أصحاب رسول الله أو التابعين أو أي موضوع ديني آخر وفي الثانية يتم تناول إى من المواضيع الاجتماعية أو موضوع الساعة وتنتهي بالدعاء. في السودان تنتشر ظاهرة المساجد المسماة باسم الطوائف الدينية وهذه خطبها إما سياسية أو دينية وأحياناً متشددة لا تراعي ما ذهبت إليه من وصف ومضمون للخطبة. ساقتني خطاي يوم الجمعة الموافق 5/ 2/2017م وضيق الوقت الذي لم يمكنني من إدراك الجمعة في مكان آخر إلى أدائها في مسجد بمنطقة بحري ولا داعي لاسم المسجد أو تحديد مكانه. في حوالي الواحدة والربع تقريباً صعد الإمام إلى المنبر وحسبته في البداية (من زيه وهيأته) أنه شخص يريد أن يصلح المايكرون ولكنه لما بدأ بالسلام تأكدت أنه الإمام. لأول مرة في حياتي أشاهد خطيب جمعة يلبس الزي الأفرنجي (بدلة سفاري داكنة اللون). تعودنا ليوم الجمعة أن نجهز الملبس ذو اللون أبيض جلابية كانت أو عراقي، بل حتى الصغار تعودنا أن نلبسهم نفس اللون. أعتقد أن السنة توصينا أن نلبس الأبيض ليوم الجمعة ولو كان قديماً، و أن نلبس الجديد ليوم العيد ولو كان ملوناً. معلوم أن اللبس ليس من شروط صحة الجمعة طالما أنه نظيف ومحتشم، ولكن أحياناً العادة الصحيحة تعامل كما العبادة. ليس اللبس هو فقط ما لفت انتباهي ولكن الإمام لم يبدأ خطبته بالحمد والثناء والشكر لرب العالمين كما هو سائد في جميع خطب الجمعة. كان الإمام عابساً متجهماً (كأنه مجبور على الصلاة)، وبدأ بتحية المصلين بصورة مقتضبة، ثم قال سأتناول في هذه الخطبة موضوعين: الأول يتعلق بقرار الرئيس الأمريكي بحظر دخول رعايا 7 دول إسلامية والثاني يوضح الفرق بين الظهر والجمعة. بخصوص قرار الرئيس الأمريكي شن الإمام هجوماً عنيفاً على وزير خارجية الإمارات الذي يبدو أنه أيد قرار الحظر، وذكر أن التأييد فيه موالاة للكفار الذين لن يرضوا عنه حتى يتبع ملتهم. أما موضوع الفرق بين الصلاتين فركز على أن صلاة الجمعة تصلى بعد الزوال وفي هذا المسجد من الأسبوع القادم سيكون الآذان الثاني الساعة واحدة وعشرة دقائق وستكون الخطبة قصيرة لا تزيد عن 10 دقائق والحاضر يكلم الغائب أي زول يحضر الساعة واحدة وواحد وعشرين دقيقة سيجد أن الصلاة قد إنتهت، وبدون مقدمات قال أنحنا ما ح ننتظر الذي يأتي براحته للصلاة ولا نخاف أحد. ذكر للمصلين أن الخطبة ليست درس ديني ولا يجوز فيها التطويل. لم تزد خطبته الأولى عن ثلاث أو أربع دقائق، أما الخطبة الثانية فقد استغرقت ضعف زمن الأولى وكلها كانت للدعاء فقط والصلاة على النبي ويبدو أنها من أوراد الطائفة التي ينتمي إليها والتي يحمل المسجد اسمها. هذا ما شهدته في تلك الجمعة وأرجو شاكراً وحتى تعم الفائدة أن أسمع من أهل العلم والفقه في هذا المجال. من الأشياء التي أربكتني وجعلت بعض من شرحت لهم الأمر يطالبونني بإعادة صلاتي، هي السرعة المخلة التي قرأ بها الإمام فاتحة الكتاب وسورة مريم في الركعتين، حيث كان يقرأ مثل "المطرود" كما يقولون وكان يأكل بعض الحروف من السرعة وأحياناً لا يراعي علامات الإعراب في الفاتحة وفي سورة مريم. أتطلع تعقيب حتى تعم الفائدة.