شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالفيديو.. وسط حضور مكثف من الجيش.. شيخ الأمين يفتتح مركز طبي لعلاج المواطنين "مجاناً" بمسيده العامر بأم درمان    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نادي الكتاب السوداني بواشنطن (4): "الدغمسة": تاج السر الملك
نشر في الراكوبة يوم 27 - 02 - 2017

نادي الكتاب السودانى بواشنطن (4): "الدغمسة": تاج السر الملك
محمد بشير حامد: مثل مصطلح "العط" الذي بداه محمود السعدني
د. عبد الرحيم محمد صالح: مثل مصطفى سعيد في رواية الطيب صالح؟
كمال طيفور: حضرت لحظة المخاض
د. النور حمد: مضمون اصلاحي، وان تدثر بالفكاهة
تاج السر الملك: تاثرت بالكاتب الروسى نيكولاى قوقول
=====================
واشنطن: محمد علي صالح
ناقش نادي الكتاب السودانى في واشنطن في ندوته الشهرية الاخيرة كتاب "الدغمسة" الذي كتبه تاج السر الملك.
وصف د. عبد الله على ابراهيم اسم الكتاب، في مقدمته، بانه "اسلوب، او لا اسلوب، التعاطى السوداني الاخرق مع الحداثة. والتى انتهت زلزلتها بهم الى المهاجر، كلوتراب (شختك بختك الامريكي)، واسايلاب (لاجئون). وتشملنا هذه الدغمسة ضمن طوائف من اهل العالم، اتفق للملك بتسميتهم "بنى كجة." ومدغمسنا السوداني الاكبر هو "عزو"... فتجد عزو البنى كجة يكتشف زنجيته الافريقانية، فيتمسح بالافارقة الاميركان. ويلعن سنسفيل البيض زلفى. ويتهددهم ب "الرفليشون، الثورة." وتجده يلبس "التيشيرت" غافلا عن بعض مغازى المكتوب عليه المحرج. وتراه يفاخر اهل الخليج بمواطنته، بباسبورته الامريكاني الاغر ... "
=====
"محمود السعدني؟"
محمد بشير حامد، رئيس سابق لشعبة العلوم السياسية في جامعة الخرطوم، ووزير الاعلام في حكومة الانتفاضة سنة 1985
"المقدرة على الإضحاك حكيا أو كتابة تتأتى عادة من موهبة فطرية فى التعامل مع مفارقات الحدث الواقع ودغمسة مفرداته.
فى تقديمه يصف د. عبدالله على ابراهيم الكتاب بأنه غاية فى (الزقلتة) بمعنى الحكى الطريف ويستعمل ببلاغته المألوفة تعبير "إثنولوجبا (الدغمسة)" فى تعريف المنهج الوصفى الذى اعتمده تاج السر الملك.
وقد بدا لى أن مصطلح (العط) الذى ابتدعه محمود السعدنى فى (رحلات ابن عطوطة) فى وصف المعانة وسوء الطالع المصاحب عادة للحل والترحال قد يكون أقرب لما يعنيه الملك فى وصفه لحالة قبائل بنى (كجة) التى أنتهى بها المطاف فى أمريكا وقد يكون (العط) بمعنى المعاناة هو المرادف المعنوى (للزقلتة) بمعنى الطرافة وقد يكون العكس هو الصحيح.
ولعل ذلك أيضا لأن أول ما يتميز به اسلوب السعدنى هو التلاعب العابث باللغة ونحت قاموس جديد يجمع فى بلاغة فكهة وفكرية بين الفصحى والعامية فهو يفتخر مثلا بأنه "حمقرى" (مزيج من الحمار والعبقرى).
ونجد اسلوبا وتلاعبا مماثلا باللغة عند ود الملك، تختلط فيه الانجليزية بالعربية فى كلمات و "الأسايلاب." "اللوتراب" فى وصف اللاجئين من بنى كجة، مثل
وقد نتساءل: هل يريد الملك أن يكتب بغير كلمات أو بغير الكلمات المتعارف عليها ما أمكنه ذلك؟ قد يكون هذا ما قصده د. عبدالله بقوله ان عبث الملك باللغة "مبالغة. وشخصية (عزو) – البطل والضحية فى اكثر مواقف الكتاب طرافة ودغمسة – يعرفها كل من عاش فى المهجر.
فالتخصصات المهنية غالبا ما تصبح غير ذات معنى فالطبيب يجد نفسه عاملا فى متجر. لكن، (عزو) على الأقل يعزى نفسه فى سخرية تخالطها الوجيعة بأنه (شغال فى مجالو) مهما كان ذلك المجال
وعندما يتحدث الملك عن تعاملنا مع الحداثة متمثلة فى (ماكرفون) لعين تفشل محاولتنا الجماعية فى (تسليك) صريره وصراخه فانه يصف بدقة تجربة عاشها الكثيرون منا.
كما تلاحظ عند الملك اقتصادا فى اللغة عند حديثه فى السياسة فيقول: "تمنفست (من manifestation) الرغبة فى نظام شورى يحقق العدل الاجتماعى فنجح برنامج (جراب الحاوى) التلفزيونى إيما نجاح".
ولكن أحيانا تتدفق الكلمات تباعا: "يهل العام الجديد ولا يزال بيننا فتية (النظام العام) وأحبار (الفهم العام) وكهنة الانقسام ودهاقنة الفتك (بجملة بقية الأحلام) حكام (المانيفاتورة) وشرح الدين (بالطبشيرة) فى السبورة والمشير يلوح بعصاه فى لقاءاته الجماهيرية وقد أسكرته خمر السلطة حتى بات كلامه انجيلا وتملكه الظن الكاذب بأنه الأحد الأوحد...".
حينها نشعر أن من حقنا أيضا نحتفظ أيضا فى دواخلنا بشئ من الحزن أو الغضب أو الألم والذى بدونه يصبح ضحكنا عبثيا بلا معنى. ولكن بالرغم مما يُضحك ويُعلم فان شعورا عاما يخالجك وأنت تضع الكتاب جانبا بان هناك ما هو ناقص، قد يكون خلو الكتاب من نبذة ذاتية تُعرِفك وتواصلك أكثر بالمؤلف، وقد يكون مجرد الاحساس أن المقالات لا ترتقى كلها لما توقعته من مستوى متساو ومتسق من الجودة، وقد يكون الشعور بغياب دور محورى يربط كل المواضيع كان يمكن مثلا أن تلعبه شخصية (عزو). ولكن الشعور الطاغى يظل الأمل فى فرصة لقاء آخر مع صاحب هذه الموهبة المبدعة."
==================
"مصطفى سعيد الطيب صالح؟"
د. عبد الرحيم محمد صالح، استاذ في الجامعة الامريكية في واشنطن:
"اختيار كلمة "دغمسة" المشتقة عنوانا للكتاب كان بحق معبراً في توصيف "الحالة المشاعرية" لنا نحن "البني كجة." و ما أخرجنا من بلادنا الأولى، وحالنا أهلنا الحزانى المنتظرين "أن يَرُشَّ بيوضة الخريف".
الأفعال الرباعية مثل "دغمس" و"جقلب" وغيرها من أكثر ماتميزت به عاميتنا عميقة المعاني وهي تبدو كمصلحات لن يستطيع الشخص مهما كتب عنها سبر أغوارها وتوضيح معانيها وفصاحتها الماكرة.
عندما بدأ كاتبنا "الروائي" قائلاً "عنَّ لي فيما يعنُّ للمحبط من شوارد مضيئة، خاطر عجيب، ما لبث أن تفجر تلاشي كالفقاقيع، خيل لي في برهة استمراره التي إنفلتت صيرورتها من قيمة الزمن، أن أمر العيش في هذه الحياة الدنيا، سيكون سهلاً، فقط لو أتيحت للناس فرصة الدخول في دورة تدريبية تعريفية (فيرشوال تور)، قبل أن يحط أي منهم قدميه على تراب هذا الكوكب، جولة ممتدة مكثفة "، قلت في نفسي ود الملك سيخلق راوٍ ما أنزل الله به من سلطان.
هل مثل الراهب "هيبا" ليوسف زيدان، أو "مصطفى سعيد" للطيب صالح!
وأصابني شعور البحث عن الراوي فجاءة من غير تمهيد، إلى إن كتب: "واصل إبليس حديثه هذه المرة بالفصحى، وقد إكتسى وجهه جدية، فقال (شئ آخر، هو انك لن تشقى في حياتك كونك اوربياً" فإذابه يعمل "يوتيرن"، ويعمد إلى فن الكتابة الساخرة بدلاً من الرواية دون الحاجة إلى (الأنا الثانية) للروائي، أو قناع راوٍ يتخفّى الكاتب خلفه في تقديم عمله السردي.
لا أعرف ماذا كان سيكون في مخيلتي لو قرأت هذا الكتاب دون سابق معرفة بكاتبه! فكان طوال صفحات الكتاب يغير اللينات أو المسارات متهكّمًا أحيانا، مسلّيًا أحيانا أخرى، يجمع الترفيه بالقلق والألم والضحك، يَتُش القبح بيننا تشاً، كاشفًا أماكن الزيف فينا، ساخرًا من مايظنه بعضنا ثوابتا ويدغمس اليقين بالوجل والاضطراب والتوهم بالحقيقة في وصف الدائش والطائش مهتبل للسوانح حين يحكي عن سني حياته في بلدته الأولى.
بدأ وكأنه يرسم لوحة تشيكلية بتلك القصص والأحداث، وكل يفهمها حسب ماتثيره تلك الأحداث في مخيلته.
إثارة خيال القارئ هى أساس وأس الكتابة الروائية والساخرة. ونسبة لمعرفتي بالأماكن والأزمنة وبعض الأحداث فقد استمتعت بالحكي والتركيبة اللغوية التي مزجت العامية والفصحى و الأنجليزية المعربة. حبكها التاج وكأنه عطار ماهر. وددت لو أضاف الكاتب فقرة تعريفية للكتابات التي سبقت واللاحقة ليعرف القارئ أن الكتاب مرتبط بما قبله وتكتمل الصورة بقراءة ما بعده من أصدارات."
================
"حضرت المخاض:"
كمال طيفور: مقيم بمنطقة واشنطن من العام 1999. مهتم ومشارك في الاعمال الاجتماعية للمجموعة السودانية الامريكية في المنطقة:
"كثيراً ما يسالنى الناس: هل تعرف تاج السر الملك شخصياً؟ يعني حصل قعدت معاهو، و تبادلتوا الحديث؟ كيف هذا الرجل؟ هل حديثه مثل كتابته ممتع و مسلي؟ هل هو متواضع؟ هل هو مترفع علي الآخرين، و ينظر ليهم من علٍ؟ هل شخوصه حقيقية؟ ...
وتستمر الأسئلة، و تتكرر من شخص لأخر، متي عرف ذلك الآخر أن الأستاذ تاج السر الملك قد شرفني بأن أعرفه، وأجلس معه ، وأتحدث اليه، ويتحدث إلي، ونأكل الطعام، و نمشي في الأسواق مع بعض.
لازمت الأستاذ تاج السر الملك طيلة كتابة مقالات كتابه "الدغمسه". و حضرت، وتابعت، مخاض إنتاج ذلك الكتاب، وتشجيع الآخرين له، والمساعدة لإيجاد من يقوم بقراءة النصوص قبل دفعها للطباعة والنشر.
أشياء تبدو سهلة وبسيطة الأن. لكنها لم تكن كذلك وتاج السر يخطو أول خطواته نحو إنتاج "كتب" بعد النجاح الذي حققه، بعد طباعة وتوزيع كتاب "الدغمسة."
مراقبة و تتبع "حالة" أستاذ السر وهو يبدع و يكتب مقالات كتاب "الدغمسة" جاءت بالصدفة!
كنا جيران في مكان العمل، وعادة نقضى جل النهار في تواصل متكرر، وغير منتظم، ولكنه قد يمتد الى 8 -10 ساعات في اليوم.
لم أقل هذا الكلام لأستاذ السر. لكن، بمراجعة تلك الأيام، والأشهر، وربما السنين، "تتغمص" السر شخصية "قلقة." و ربما مضطربة بعض الشئ! و ربما المح اليّ بشخوص، أو بعض تفاصيل، ما يدور في عالمه قبل إنتاج كل عمل جديد...
قد تمتد هذه الحالة لأيام: "حالة أستاذ تاج السر المختلفة عن وضعه العادي." وفجأة أسمع منه، أو من غيره، أنو "السر الملك" نزل مقال "هيج الأسافيير"، وصفحة الجالية، وكل المدينة، وكل العالم!
لحظة كتابة النصوص لا أدعي إني حضرتها. في إعتقادي أن الأستاذ تاج السر عندما يبدأ في الكتابة "الموضوع ما بيأخذ زمن" و تلك معادلة غريبة بالنسبة لي!
اذا علم الناس أن كتابة/إنتاج العمل الإبداعي عند تاج السر بهذه السهولة، و السرعة (أقصد الكتابة فقط، بدون القلق وإنتظار "الوحي" في البدء فيها) لزادوه أضعافا من القدح.
هل "تحضير المبدع" لإنتاج العمل الفني، وكتابته علي الورق، جزء "من كل"؟ أم ان كل جزء منهما مستقل لحاله؟
===============
"جدية، وفكاهة":
د. النور حمد: اكاديمى، وكاتب، وفنان تشكيلى، وباحث في المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات في واشنطن:
"كتابة تاج السر الملك في "الدغمسة" كتابة باحثة، وناقدة. وذات مضمون اصلاحي، وإن تدثرت بدثار الفكاهة، والدعابة، وخفة الدم. فتاج السر الملك كاتب متأمل، وباحث، وشخص مهموم بتحقيق الاتساق في ذاته، ومجتمعه.
تمثل كتابات تاج السر الملك أدب "النوستالجيا" في قالب خاص، هو قالب تاج السر الملك. كتبت عنه قبل فترة قصيرة بضع مقالات جرى نشرها في "سودانفوآل"، وفي صحيفة "التيار." وأعيد هنا بعضًا مما كتبته في تلك المقالات، حيث قلت له:
"اسمعني جيدًا يا تاج السر الملك: إياك أن تذهب إلى السودان، بعد كل هذه الغيبة الطويلة، التي زادت عن ربع قرن. إذا ذهبت، ستختلط عليك الأمور، وستفقد كل هذا الرصيد الثر من الصورة المخزونة في الذاكرة، فجأةً.
ولسوف ترتبك عوالمك الداخلية، ارتباكًا عظيمًا. بل لسوف تشك في أن ما ظللت تتحدث عنه، وتقتات منه، آناء الليل وأطراف النهار، وأنت في مهجرك، قد كان، بالفعل، شيئًا حقيقيًا، سبق أن احتل حيزًا زمانيًّا ومكانيًا في الواقع الموضوعي، وبقي فيه مثلما بقي في داخلك.
وقلت له أيضًا:
إنني أعرف هذا، لأنه سبق أن جرى لي، حينما ذهبت إلى السودان، في عام 2007، لأول مرّةٍ، بعد ثمانية عشر عامًا من الغياب المتصل. فقد ضاعت مني صوري القديمة، ولم أستطع أن أمسك بالصورة الجديدة.
وقلت له أيضًا:
احتفظ بهذا الكنز الوجداني العجيب، واقتت منه، ما شاء الله لك أن تقتات، واكرم به من شئت من أحبائك، فلا أنت ولا أنا عدنا ندري: أنحنُ كيانٌ عتيقٌ راسخٌ، رسوخ الجبال، أم نحن مجرد قشّةٍ في مهب الريح؟ ....
فالعمر يعبر بنا ظلالَ أصيلٍ كوكبيٍّ شاحبٍ، ولم يعد واضحًا، أي شيءٍ تخبئه لنا الأقدار في غدنا.
لقد كان عبد الله علي إبراهيم موفقًا، حين اختار "إثنوغرافيا الدغمسة" عنوانًا للمقدمة التي كتبها للكتاب. وقد كان تاج السر الملك موفقًا أيضًا، حين أسمى كتابه "الدغمسة". فكلمة الدغمسة تعني عدم الجلاء والوضوح، وهي كلمة تصلح في توصيف الأمور الملتبسة، التي يصعب وضعها في الأطر الواضحة.
وتعني ضمن ما تعني، انجاز الأمور بأي طريقة، ويُدخل هذا التعريف "الدغمسة"، في توسط القدرات، ، وأيضًا في "الكلفتة".
لأجل هذه الرؤية التي انبثت عبر أجزاء كتاب تاج السر الملك، أحببت أن أصفه كباحث، يستخدم السخرية والتوصيف الكثيف أداة بحثية. والتوصيف الكثيف واحد من أدوات ما يسمى بالبحث النوعي. ومنهج البحث النوعي يُستخدم كثيرا لدى الأنثروبولوجيين والإثنوغرافيين في دراسة الظواهر.
أعد ما كتبه تاج السر الملك في "الدغمسة" عملا بحثيًا جادا. فهو قد رصد ووصف ما خلق مادة خامًة" تصلح للتحليل.
======
"قصة اكثر منها سخرية":
تاج السر الملك: كاتب وتشكيلى يعيش في ولاية فرجينيا. صدرت له 4 كتب: "الاحمسة" و "الدغمسة" و "نخلة لا تنبت والابنوس" و "الهلوسة." يدير شركة "تاج ملتميديا" لتصميمات الغرافيكس والفتغرافيا:
"في تصوري فان الكتاب قوبل بنسبة قبول أعلى من نسبة نقد تنتقص منه. وذلك من خلال قراءتي لردود الافعال المتباينة من الاصدقاء الذين قامو بتمحيص النصوص والاسلوب، وذاك لعمري أمر يزيد من سعادتي، ويحفزني على المزيد من الاجتهاد في الاعمال القادمة.
سأبدأ بالإجابة على الاطروحات التي قدمها الاستاذ محمد بشير حامد، واهمها في نظري، التساؤل عن المحور الذي يضم النصوص جميعاً، فأقول بأنني أعتمدت نظرية ما يسمى بالصدمة الحضارية وعاءً يحمل في متنه كل الاقاصيص والنصوص، معتمداً على تجربة الهجرة الحديثة وتداعياتها في حياة المهاجرين السودانيين.
وكما أشار هو الى تجربة السعدني، فان خلافي مع السعدني، انني اكتب لقراء في داخل التجربة، عوضا عن قراء السعدني الذين يعيشون خارج دائرة الموقع الذي يكتب منه وعنه السعدني.
قرائي هم المتعولمون اكثر من قراءه قطعاً، يعيشون مناخ ومزاج النصوص، بل ويصنعون النصوص معي، واقربهم إلى نفسي، السيد (عزو). وكتابتي في اعتقادي اقرب الى النص القصصي منها الى المقال الساخر.
وذكرت في غير موضع مدى تأثري بالكاتب الروسي نيكولاي قوقول، وأضيف بانني بالضرورة غير معنى بالفكاهة في النص، والتي ربما تاتي في السياق دون قصد.
بالنسبة للإقتصاد في اللغة، فقد ابنت وجهة نظري، بأنني اعتمدت الموقف النفسي لقراء الشبكة العنكبوتية، والسرعة المعتادة في تصفحهم للمواد، وأعتمدت طريقة الامساك بالقارئ بالقاضية، قبل أن تحدثه نفسه بالانسراح لوجهة أخري، عدا اعتمادي على استخدام الكلمة أو الجملة حمالة الدلالات والمعاني دون اللجوء للاسهاب الممل، تمثلاً بعمل الشريحة الالكترونية ان صح التمثيل.
واتفق مع الاستاذ محمد بشير حامد، حول مسألة تعريف القارئ بالكاتب من خلال عرض سيرة ذاتية مصغرة، وإشارة لاعماله السابقة
قراءة د. النور حمد، من وجهة الشوف التشكيلي، أعجبتني كثيراً لأسهامها في حل بعض مغاليق النصوص. وصائبة بسبب من معرفتنا اللصيقة، ومعرفته بالامكنة التي خلقت المناخ السردي لبعض النصوص، فيما نحسبه واقعاً تحت طائلة السيرة الذاتية الجمعية.
وفي ذلك يتضح موقف الاستاذ كمال طيفور كمعاصر لصيق لفترة زمنية كانت الاخصب في انتاجي للنصوص، وقد سعدت لمداخلته، بأعتبارها شاشة استطعت أن اري نفسي من خلالها، فكأنما مصور يصورني خلسة، وأنا عاكف على الكتابة، أو وانا في قمة معاناتي.
واشار د. عبد الرحيم محمد صالح الى معضلة الراوي، فقد طرح مثالا (مصطفي سعيد) عند الطيب صالح. وللعلم، فإن راوي "موسم الهجرة الى الشمال" ليس مصطفي سعيد. وكلنا نحفظ عن ظهر قلب بداية الرواية ( عدت يا سادتي......) فهل يعقل أن نقول بان هذا الصوت هو صوت الطيب صالح؟ ونحن لا نعلم عن مصطفي سعيد في تلك اللحظة اي شئ؟؟
في "الدغمسة"، النصوص كلها كتبت بصوت المتكلم الاول، والذي هو غير تاج السر الملك قطعاً.
وقد انتبهت ايضاً لاشارته للكتاب الذي كتبه الاستاذ محمد علي صالح في خلال حديثه في المنتدي، عن سودانيون في امريكا، فخفت أن يكون قد خلط بينما اكتبه انا "نصوص قصصية ساخرة..فيكشنال" وبين كتابة الاستاذ محمد علي صالح، الصحفية التوثيقية والبون بينهما شاسع، في طبيعة التناول وكسب الغاية، لا نفضل واحدة عن الاخرى."
==========================
الكتاب القادم: "مهارب المبدعين": د. النور حمد
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.