بينما يعزي الكثيرون أن مشاكل وطننا السودان تكمن في السُلطة وطريقة أداء المسؤلين من تقصير وإنعدام الخبرة والإستهتار بمصالح الشعب ، والقصور في التخطيط الإستراتيجي لمقتضيات المرحله والمستقبل في معظم النواحي ، وإنعدام النزاهة ، واللهث لتمكين الذات الخ.. فإنعكس كل ذلك سلبا على الوطن ومواطنيه فعاقّ تقدمه ، بل تراجع وتخلف عن ماضيه وكذلك فتك بمواطنيه وجعلهم في وضع البؤس والشُح يعانون الأزمات والمصاعب المتزايده نجد في الجانب الآخر من يرجع أزماتنا ومشاكلنا ومعاناتنا للنهج السلوكي العام ، ومكنونات عميقة تطال بنية الشخصية السودانية وفسادها الذي تأصل بسبب التخلي عن التعاليم الدينية ، والإنزواء عن المبادئ والقيم والمعايير الأخلاقية مع السعي للكسب الرخيص وانتشار شائنة ما يعرف بموت الضمائر ، فنجد الكل في حالة جهاد لتحقيق ذاته وسد إحتياجاتها وإنه في سبيل تحقيق ذلك يرى أن لا مجال للوصول لإهدافه عن طريق مراحل التطور المعهودة ، إنما من خلال إتباع الطرق الملتويه كالرشوة والتزوير والخداع والنفاق وإرتكاب الجرائم المتنوعة الأشكال إذن لقد خلصنا إذن لشقين ، يمثلان المعضلة التي قصمت ظهر الوطن وجعلت حاضره مشوها منحدرا في تراجع متصل ومستقبله قاتم الملامح ، لا نستطيع التنبؤ به البتة تجاه الأصعده الإقتصاديه والسياسيه والاجتماعيه. خلف هذه الإشكالية يوجد عامل مشترك ، الفاعل الرئيس والعامل الأهم المحدد وهو الإنسان بفكره وأداءه وسلوكه ، حيث يندرج في تصنيف ذلك نوعين الأول منها الشخصيه المسئولة عن الشأن العام ، والثاني المدنية وهم المواطنون بمهامهم وواجباتهم وانشتطهم المتعدده ونهج التعاملات في المجالاتها المختلفة إن النظر بإمعان لهذه الإشكالية المحورية المذدوجة والإقرار بوجودها ، هذه الوجوديه تعني مسؤليه الطرفين وتأثيرهما المباشر في نشأه المشكلة وإستفحالها مما يستوجب على كل فرد تحمُل القدر المنوط به ، ومراجعة القصور في أداء دوره بالشكل المطلوب . إن هذه هي البدايةً ، فالإعتراف يعتبر أجدى وأنفع ، وخطوة أولى نحو التوجه الصحيح بدلا من محاوله التنصل عنها ، أو تهميشها ، أو الرمي بثقل اللوم على الطرف الآخر . وإذا برزت المعضلة شاخصة وبان مكمنها واستوعبناه ، فما هي إذن بديهيا الخطوه التاليه ؟ وما الذي ينبغي علينا فعله ؟ من المرجح أن كل منّا لديه إجابة لمثل هذا التساؤل ، وقد يكون بإمكاني التكهن بكيفية الأجوبه وحصرها من حيث المحتوى والمضمون ، فهي تنطلق بناءا على- وتعبيرا عن وضع الإنسان وفق بيئته وعالمه الخاص فمن هذه المعطيات يتكوِّن المرتكز الأساس لتوجهاته . فهناك من يرى مشكلتنا في السلطة ورموزها وآخرين يرون أنها تكمن في تقاعس المواطن . ولا أريد الإستفاضة في هذا الجدل ، فتقييم الإنسان وتفسيراته وتبريراته ليست هي الحل للمعضلات ، بل يمكن تسميتها تخديرا وإرجاءا من مجابهة الواقع ، فهي صور لديناميكية التكيف وتكوين ملاذاً للهروب رغما عن وجود ذات المشكلة وتفاقمها يوما بعد يوم . لقد طال بنا الأمد ونحن على هذا المنوال ، وبقيت هذه المعضلة الجدلية متمركزة وفي حالة سريان فنحن تبعا لذلك في حالة تجاذب بل صراع دائم يتولد ويتجدد . يجب أن نعلم أننا من الممكن أن نمكث على هذا المنوال لأبد الزمان ، إلا أنه في ذات الوقت ندرك أن الغالبية العظمى من شعبنا لا يعجبه هذا الوضع ، وما كان عليه في الماضي ، أو ما سيؤول ويترتب على بقاؤه كما هو مستقبلاً . لقد أوجزت في توضيح الإشكال الذي أدرك أنه يتخذ دروب أعمق وتأصل مستفحل . إنه نتيجة لعقلية وإدراك النخب السياسية التي تعاقبت على حكم الوطن ، إنه نمط من التفكير مشوش وديدن قاصر مثبت على موجة واحدة ، فلذلك توقف نمو الوطن بما في ذلك غالبية فئات الشعب . توقف وتحدد دوره تبعا لمستوى ذبذبات هذه الموجة . بالتأكيد الوطن ونحن في حالة حركه ولكن دائرية و ذات إطار محدود .. إنني أأمل التمعن والتأمل العميق في هذا الإشكال فهذه مسئولية الجميع. .. فيما يختص بوضع هذا الوطن ومواطنيه وقياديه في هذه الحقبة من الزمن . نحن في ظلمة ومعاناة وألم ، فهلا نتأهب وننفتح نحو أفق أرحب وتسامي ،وفتح المجال لإصلاح جوهر الشخصية التي أمرضها مُر التجارب فالمسؤلين الفاشلين هم نتاج المجتمع المريض . والمواطن الفاسد أيضا من ذات النبتة ونهج الفكر والسلوك . إن إصلاح الشخصية هو الغاية الضرورية الملحة بإعتبار أن الإنسان هو الأساس وهو صانع الحضارات . إن الدعوة الشامله للإصلاح ينبغي أن ترتكز على تمهيد السبل لغرس مفاهيم جديده ، وتبنى إطروحات تحمل في طياتها مواد تربوية ناجعة وترشيد سلوكي ومهني هادف لتحقيق المنفعة العامة . إنه تضافر وحشد وتعبئه تبداء من الأقوى والأكبر لتطال الأضعف والأصغر ومن المستنير إلى محدود الأفق ومن المفكرين للسياسيين ومن الإعلام للمواطنين ومن الأئمه والمعلمين تجاه العامة والصغار للتطهير و إعداد أجيال صالحة للمستقبل . فهلّا نعمل سويا لتحقيق ذلك .. يتبع .. خالد حسن [email protected]