تصور علمي روحي جديد للوجود: يقول الحاج حمد: "إن جوهر كتاب العالمية الثانية يتقوم على أنه محاولة للإسهام في حل المأزق الحضاري العالمي من خلال طرح رؤية كونية تتجاوز الرؤيتين الوضعية واللاهوتية، على أن تستمد هذه الرؤية الكونية من وحي الكتاب القرءاني المطلق الذي يعادل موضوعياً مطلق الكون ومطلق الإنسان... بما يؤدي لتفعيل جدلية ثلاثية أطرافها الغيب والإنسان والطبيعة". العالمية التي سيدور الحديث عنها هي عالمية دينية أو روحية أو إلهية، وهي تختلف عن عالمية الإسكندر الأكبر أو عالمية روما القديمة على سبيل المثال لا الحصر وتختلف بالطبع عن العولمة التي يروج لها اليوم. لقد سعت النهضة لتحقيق الكمال الإنساني بواسطة العقل والعلوم الطبيعية وحدها فأنجزت كمالاً مقدراً غير أنها لم تحقق للإنسان الكمال الذي يرجوه. سيكون مستقبل الإنسان مظلماً ما لم تجتمع الإنسانية على منهج فكري عام وواضح يحقق التصالح في الأفراد وبين الأفراد، وفي الأسر وبين الأسر، وفي الأمم وبين الأمم، وهذا بناء لا يكتمل الا بالإستعانة بالإرث الروحي للإنسانية. تحتاج ما بعد الحداثة لمعالجات فلسفية تداوي الجراح التي نتجت عن الميل الشديد في وعي البشر الحداثيين نحو المكون الفيزيقي في الإنسان بكل تبعاته وإهمالهم للمكون المتافيزيقي. ولكن ولحسن الحظ، فقد خطى علم الروحانية الحديث خطوات واسعة في اتجاه تعقل الوجود المتافيزيقي عبر المناهج العلمية الحديثة. فنحن اليوم أمام وقائع ذات دلالات خطيرة ظلت مهملة لمئات السنين من قبل رجال العلم الطبيعي والعلوم الإنسانية الذين لا زالوا ينظرون للإنسان كمجرد حيوان ذكي ومفكر لا أكثر. [email protected]