إن أول آية نزلت على رسول الهدى محمد - صلى الله عليه وسلم- هي أقرأ" وقد علم الله رسولنا بأن يطلب الإستزادة من العلم وقال له: "وقل ربي زدني علما" وهذا كله إن دل فإنما يدل على إن ديننا يحثنا على الاستزادة من العلم، ولا تحصل هذه الاستزادة إلا بالقراءة . فالقراءة نافذة يطلع المرء من خلالها على ما عند الآخرين من علم واختراع. والقراءة في عصرنا الحاضر تعدت كونها حاجة إلى كونها ضرورة، ولم تكن (اقرأ) بمفهومها الشامل إلا دلالةً على أهمية القراءة وفضلها. وتجدرالإشارة هنا، حينما تسأل أحدهم عن هوايته المفضلة يقول لك الرحلات البرية، وربما قال: لعب كرة القدم، وربما قال: جمع الطوابع، أوالسباحة ومراسلة الأصدقاء .. الخ، لاحرج فكلها أنشطة مباحة ومفيدة. لكن الغريب إذا قال لك أحدهم إن هوايته المفضلة هي أكل الطعام! أو قال لك إن هوايته هي النوم! ، فبالتأكيد ستغرق في الضحك عجباً! لماذا؟ لأنها ليست هواية بل هي عادة يومية متكررة لابد منها. وينطبق الحال عينه لو قال لك أحدهم إن هوايته المفضلة هي القراءة – من وجهة نظري - عليك أن تغرق في الضحك عجباً أيضاً! لماذا؟ لأن المفترض أن لا نجعلها هواية بل نجعلها عادة كالنوم، والأكل، فالعقل غذاؤه القراءة كما أن الجسم غذاؤه الخبز. والإنسان لا يمكنه فهم أمور الدنيا والآخرة إلا بالقراءة وتوسيع المعرفة، ومن هنا ليس المهم أن تقرأ فقط ولكن الأهم من ذلك هو "ماذا تقرأ" ؟ وما هو هدفك من القرأة؟ ومتى تقرأ؟ حيث قيل: " قل لي ماذا تقرأ؟ أقول لك من أنت!"، نعم إن نوعية الموضوعات التي تقرأها إن كنت قارئاً جيداً تعتبر بمثابة مؤشر واضح على توجهاتك وتطلعاتك وطموحاتك التي من خلالها يمكن التعرف أكثر وأكثر على شخصيتك لنقول لك من أنت! والقراءة أحد أهم مقومات الشعوب المتحضرة، وهي تعني مباشرة الكتاب والقلم، ذلك الاختراع الخطير؛ لذلك من الطبيعي أن يتحدث العالم المتحضر كثيراً عن القراءة، والقلم والكتاب، والعلم رغم سيطرة وسائل الإعلام ووسائل الاتصال الرقمي علي كثير من مناحي الحياة. الشعوب الحية تعرف قيمة الكتاب.. وتخصص له مكاناً مهما في البيت.. كما تخصص له وقتاً كافيا للقراءة، ومن الطبيعي أن تري الناس - في بعض البلدان- في المواصلات والحدائق العامة وعلي الشواطئ رجالاً ونساء، شيباً وشباباً يقرؤون في الكتب؛ لأن الكتاب خير جليس في الزمان قاله المتنبي منذ أمد بعيد، و بلا شك أن الكتاب لم يعد فقط خير جليس بل خير صديق ورفيق درب ومرشد لنا ولأولادنا أيضا في كافة دروب الحياة، ولم يكن الجاحظ مبالغاً حين قال: إن ما تعرفه من الكتاب في شهر لا تعرفه من أفواه الرجال في دهر. تحياتي. [email protected]