أحسنت الحكومة السودانية بقرارها الذي أصدرته أمس الجمعة والخاص بفرض تأشيرة دخول للمواطنين المصريين القادمين الخرطوم من باب التعامل بالمثل"وإن كان الناطق الرسمي باسم خارجيتنا تنصل من العبارة الأخيرة إلا انه كذلك"، ورغم أن القرار أتي متأخرا إلا انه يستحق الثناء فمن سبات عميق استيقظت الحكومة وصارت تنظر إلي مصلحة مواطنيها ووطنها . القرار الذي أصدرته الخرطوم ليلاً يمهد الطريق لغيره من القرارات تجاه ما يسمي باتفاقية الحريات الأربعة التي وقعت في عهد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في 18 يناير/كانون الثاني 2004م ، منذ ذلك الوقت والسودان آل علي نفسه أن يطبق كافة بنود الإتفاقية الا ان "مصر " تلكأت في تنفيذ تلك البنود منذ ذلك الوقت ، وحتي عند مجئ محمد مرسي الرئيس ذو التوجهات المقاربة لحكومة الأخوان في السودان مروراً بالرئيس الحالي السيسي ، نعم ان الأوان لتكون هذه الاتفاقية حاضرة ضمن أجندة اجتماعات الحكومة مع نظيرتها المصرية وخاصة الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية المصري مطلع هذا الأسبوع التي تأتي والخرطوم تتبوأ مقعداً وثيراً وسط رصيفاتها الدول العربية والأفريقية . وهذه الاتفاقية يجب ان تمضي في طريقين لا ثالث لهم ، اما ان " تفض " او" تمضي مصر "في تطبيق بنودها وبأثر رجعي ، وبرائي ان الخيار الأخير هذا لن يقوي عليه الجانب المصري لحسابات يعرفها ونعرفها أكثر منهم ، إذن فالخرطوم غير معنية بتطبيق اتفاقية الحريات الأربعة، طالما أن الجانب المصري لم ينفذ منها بنود حساسة وملزمة طوال التسع سنوات التي هي عمر الاتفاقية ولتخلع الخرطوم بساستها وصانعي الرأي العام فيها عباءة الود والإخاء الزائف الذي يرمينا بسهامه كل من هب ودب حين يكون الحديث عن مصر وعلاقتها بالسودان فالأخوة لها أصولها وحقوقها وواجباتها . نعم مابين الخرطوموالقاهرة عدد من الملفات الشائكة وأزمة حقيقية يجب التعامل معها بوضوح وشفافية بعيداً عن التطبيب والتمليس علي الجرح و"الغطغطة" فما أوردنا المهالك وأضاع حقوقنا الا تلك الأشياء ولابد من عدم دفن الرؤوس في الرمال والتعامل الإعلامي المبني علي الندية فعهد الإعلام الدبلوماسي انتهي . وختاماً فإن ماتمارسه سلطات القاهرة ضد المواطنين السودانين المقيمين فيها "وبالذات الموجودين في سجونها وتطالبهم القاهرة برسوم إقامة بأثر رجعي " يستحق اتخاذ إجراءات حاسمة من الخرطوم لضمان سلامة مواطنيها ومصالحهم وأمنهم ، وكذا هيبة السلطة وننتظر الخطوة القادمة من الحكومة في طريق فرض الاقامات علي الأجانب وعدم تمييز جنسية دون الاخري وبأثر رجعي كذلك ، وتطبيق مبدأ التعامل بالمثل معهم ففرص الاستثمار التي يجدها هؤلاء في السودان وبقوانين تفصل لهم أولي بها المستثمر السوداني الذي طرده سوق العمل بوطنه الي منافي الأرض . ومضة أخيرة : *الوطن يستحق أن يعلو ولا يعلا عليه رسالة نوجهها لبعض إعلامينا الذين يعلون هذه الايام من نغمة "مصر يا أخت بلادي ياشقيقة" . * حلايب وشلاتين ان لم تتحررها الحكومة الحالية سيحررها أحفاد ترهاقا يوما ما ولن يجف لنا مداد حتي تعود . [email protected]