يقال ان تاء التانيث فى اللغة العربية هى اداة مفصلية يمكن ان يترتب عليها الحصول على او الحرمان من حقوق مدنية او سياسية اوغيرها. والحق فى الحصول على هذه التاء كان امنية تحققت فقط فى القليل من البلاد العربية بعد مسيرة مضنية من الكفاح. وهذه ليست نكتة فقد ظلت اجهزة اعلام عربية كثيرة تورد كلمة رئيس عوضا عن رئيسة ومدير بدلا عن مديرة. وهذا المقال ليس القصد منه محاكمة اللغة العربية فبداهة ان لكل لغة خواصها لكن المؤكد ان اى سلوك بشرى يكمن وراءه ايمان به. وفى كثير من الادمغة تكمن القناعة التى ترفض ولاية المراة لانها ناقصة لذلك ترفض منحها حق الحصول على اى منصب قيادى وبالتالى على تاء التانيث. وحين تستجيب تلك العقليات للضغوط فانها تعمد الى تقسيم الولاية الى صغرى وكبرى. وهل يصنع هذا التقسيم واقعا جديدا اذا كنت انت يا شيخنا تعتبر ان المراة كائن ادنى منك درجة؟ النساء والاطفال وكبار السن والشعوب الاصلية والفقراء والمساكين والمعاقين والجماعات الدينية والتقافية والاثنية غير المهيمنة يجمع بينهم جامع مشترك فى بلادنا وغيرها وهو انهم مستضعفين او اقل حظوة. وهذا الحال يحدث بشكل محدود جدا فى بعض الدول المتقدمة لكن فى هذه الدول لا يتم اعدام الناس لانهم مختلفين مع حكامهم. واذا اشعلت الحروب فى السودان وابيد الملايين من البشر فاننا عادة لا نبحث اولا فى المطالب الاقتصادية او السياسية او الاجتماعية او الثقافية او الدينية او الجمعية لهذه الجماعات انما نفكر فى كيفية المحافظة على تراب الوطن وسلامة اراضيه. ان تحقيق الامن والوحدة هدف مهم بالطبع لكن ماذا سيكون موقفنا لو تحقق هذا الهدف بابادة المطالبين بحقوقهم؟ وهل الارض اغلى من الانسان؟ الدستور السودانى شانه شان معظم الدساتير فى العالم يتضمن موادا تؤكد على حقوق الانسان وحقوق المستضععفين وحقوق المواطنة لكن الفرق شاسع جدا بين المواثيق المكتوبة والتطبيق على ارض الواقع. ان الطغمة الحاكمة فى بلادنا ظلت تفضل اى وافد يتماهى معها وتمنحه حق المواطنة وتغدق عليه وفى نفس الوقت تحرم الاخرين حتى من حق العيش فى بلادهم لانها تعتبرهم مجرد حشرات او اى مخلوقات اخرى دنيئة لا تستحق حق الكرامة ولا الانسانية الدستور المصرى كذلك هو دستور جيد فى نصوصه لكن العبرة دائما فى ايمان الناس بالنصوص وتطبيقهم لها تطبيقا صحيحا لا فى رسمها. وفى مصر هامش الحريات اكبر بكثير منه فى السودان لذلك تتم مناقشة المواضيع التى تهم الناس فى الاعلام بحرية اكثر. وفى عدد من الحوارات كان المتشددين المسلمين يصرون على انكار حقوق الجماعات بحجة ان الاسلام لا يعترف الا بالجماعات الدينية من يهود ومسيحيين. حسنا, اذا سلمنا جدلا بحجة هؤلاء فان المسلم الشيعى هو فى نظرهم ذو مرتبة اقل والمرأة مرتبتها ادنى من الرجل والعربى افضل من الاعجمى وهكذا. وبالطبع فان حجتهم لا تنطلى على اى حصيف لان اعترافهم باليهود والمسيحيين هو مجرد عملية مقايضة هل تريدون الانفصال؟ لا لكن نريد ان تؤسس حقوقنا على اساس المواطنة المتساوية هذا مجرد تكتيك منكم للوصول الى سدة الحكم يا اخى لكل مواطن الحق فى ان يصبح رئيسا للجمهورية او يتقلد اى منصب اخر ومع ذلك نحن نريد فقط الحكم الذاتى لاقليمنا الذى عانى من هيمنة الحكم المركزى وهذا الادعاء هو الاخر مجرد تكتيك تاتى بعده المطالبة بالانفصال قل لى بصراحة بماذا تفكر يا مناضل يا عزيز اريد ان اضمن انك لا تضمر الانفصال حتى اقف معك واؤيد مطالبك بالحكم الذاتى ان الحوار البائس فى الفقرة السابقة ليس حوارا افتراضيا لكنه حقيقة تحدث بشكل يومى. فمن ناحية هنالك ازمة ثقة لان العهود نقضت ونقضت حتى اصبح الاساس هو نقض العهود ومن ناحية اخرى هنالك سذاجة تجعل بعض البشر الراشدين يصدقون الكذابين. ان افاك مثل البشير يدفع الناس دفعا للقتال تحت ذريعة الدفاع عن الوطن والعقيدة وفى اخر المطاف يكتشف الناس انه رضى بتقسيم الوطن من اجل الاحتفاظ بالكرسى. ولما انكشف كذب الكذاب انبرى مؤيدوه لللدفاع عنه واعلانهم ان انفصال الجنوب هو اخر انفصال. ومن يصدق الخائن؟ فمن خان مرة سوف يخون مرات ومرات هل الدستور والمعاهدات والمواثيق تضمن للجماعات المستضعفة حقوقها؟ بالطبع لا فالضامن الوحيد هو ان يقترن ذلك بالممارسة الصادقة الراسخة التى تؤكد ان السياسيين والتنفيذيين مؤمنين حقا بما تقوله السنتهم وتسطره اقلامهم. واذا حدث العكس فان الناس لا محالة سيطالبون بحقوقهم ولو كان ثمن ذلك هو الانفصال وتاسيس جمهوريتهم المستقلة الجديدة. ان عدم الثقة فى النخب السياسية الحاكمة وفى السلطة المركزية هو احد العوامل التى ادت وتؤدى الى عدم الاستقرار السياسى وما يترتب على ذلك من تمرد على السلطة او تمزق الكيان السياسى سواء كان ذلك الكيان حزبا او مديرية او اقليم او الوطن الكبير [email protected]