كشفت الاحداث المؤسفة والمتلاحقة التي جرت على ارض بلادنا الحبيبة ولا تزال منذ عام 2013م حتي اليوم، كشفت جملة من حقائق عن الجنوبيين لا يمكن نكرانها، ويمكن تلخيصها كلها في شيئين اساسيين، اولها هي حقيقة ان الجنوبيين لا يحترمون بعضهم البعض، ولا يقدرون قيمة وجودهم الأزلي المشترك في رقعة جغرافية واحدة والتي تحتم عليهم ايجاد سبيل للتعايش السلمي فيما بينهم ، حتى تداخلهم الاجتماعي الضارب الجذور لم يولوا له ادني اهتمام وبالتالي فان الجنوبيين يفتقرون لتقدير الذات وتقييمه بالطريقة المثلي التي يجب ان يكونوا عليها، وهم بلا شك اهل لذلك ولكنهم لا يعلمون. مجريات الامور اثبتت بما لا يدع مجالا للشك ان وحدة الجنوبيون وترابطهم التي اظهروها ايام النضال ضد الانظمة التي تعاقبت على السلطة في السودان ما كانت مبنية على اسس منطقية او موضوعية قابلة للديمومة والثبات في وجه هزات عابرة، بل كانت نابعة من عاطفة (الشعور بالظلم) الذي مارسته تلك الانظمة وعززتها بعض الممارسات البربرية التي مورست في حقهم مثل نهب الابقار والممتلكات واستعباد النساء والاطفال واغتصابهم وفي كثير من الاحيان قتلهم وهي افعال كانت تقوم بها الميليشات الحكومية التي تجد الدعم من انظمة المركز ضد الجنوبيون، ولكن كل تلك الممارسات لم تكن كفيلة لياخذوا منها عبر ودروس لمستقبلهم الآتي الذي يهدرونه الان بالحرب عكس ما هو متوقع تماماً، وازعم ان الدرس الوحيد الذي تعلموه من ماضي تاريخهم النضالي هو اقامة الحروبات من العدم وادمان التمرد ورفع السلاح، فعندما لم يجدوا ما يرفعوا السلاح ضده بعد انتفاء السبب وذهابهم بدولتهم مع الانفصال، انقلبوا على انفسهم قتلا وتشريدا رغم علمهم بعاقبة ما يقومون به من فعل قد سبق وجربوه من قبل واكتووا بناره ومع هذا لم يعوا منه الدرس، كأنما الجنوبيين ليسوا سوى (ماكينات موت) لا تعرف التوقف ولا تفهم في السلم شيئا، ويعلم القاصي والداني ان الموت هو المستفيد الوحيد من هذا الدمار الذي يلحقونه بانفسهم. وحتي لا يتهمني احدهم انني انحاز بشكل او بآخر للحكومة بذكري لكلمة التمرد وحده دون الحكومة، فانا اري ان الحكومة والتمرد ليسا وجهان لعملة واحدة وحسب بل هما اصل العملة المدمرة للشعب الجنوبي والفروقات البسيطة التي بدت في عقلية تفكير كلا منهما (بعد الأزمة) اشبه مثل الفرق الموجود في احمد وحاج احمد . والشيء الثاني والاخير، هو حقيقة ان الجنوبيين يولون شديد الاحترام للآخر المختلف عنهم ويهابونه اكثر من انفسهم، ولتبسيط المسألة يجب علينا طرح بعض الاسئلة، اين ذهبت العفة والامانة وطهارة اليد والضمير التي عرف بها الجنوبيين عندما كانوا امناء علي مال الغير في حقبة دولة السودان الموحد؟ واين ذهب الانضباط وسط القوات النظامية في بلادنا مع العلم ان الجنود الجنوبيين وسط القوات النظامية السودانية كانوا اكثر عناصر انضباطاً رغم انهم كانوا ينفذون عقيدة لا يومنون بها وهي المشروع الحضاري الاسلامي ورغم ذلك اخلصوا له، وكذلك ينطبق الحال على جنود الحيش الشعبي الذين اخلصوا لمشروع السودان الجديد. ولماذا لم نسمع في ذلك الزمان من يحتج على قرارات الحكومة السودانية كما نشاهده اليوم؟ واكرر لا يعني انني من مشجعي القرارات الحكومية فهذا لم ولن يحدث، ولكن هذا فقط من باب التدليل، ولو التزم الجنوبيون بذرة من استقامتهم وامانتهم المعهودة لهم لما لحق اقتصادنا هذا الدرك السحيق من الفشل الذي جلب المعاناة لهن وسببه الفساد المشتشري في مقام الاول والاخير، ومما لا شك فيه ايضاً ان الفاسدين في بلادنا امنوا العقاب والمسأءلة فأساءوا الادب الامانة الموكلة لهم من قبل الشعب. ولو التزم الجندي الجنوبي بانضباطه السابق في القوات المسلحة السودانية او في الجيش الشعبي لتحرير السودان ايام النضال ما كانت لينقسم الجيش الوطني على اسس قبلية في صراع السياسيين كما حدث في بداية الازمة الجنوبية ولكل ما سلف الذكر نقول ان الجنوبيين رغم وجودهم الازلي معاً الا انهم ظلوا غرباء عن انفسهم لا يعرف احدهم الآخر ونتيجة هي حصاد الخيبات التي اضحت مهنتنا المفضلة وهوايتنا المحببة، قد يقول احدهم ان ما حدث ويحدث في جنوب السودان حتى اليوم من موت ومعاناة وتشرد يتحمل الساسة وحدهم مسؤوليتها ولكن في اعتقادي المسألة تعدت حدود قدرات الساسة، فالعالم من حولنا لا يرى سوى (شعب ينتحر) في دولة تسمى جنوب السودان، السؤال هو متى نفيق كجنوبيين ونخرج من دائرة هذا الفلك المظلم؟ سايمون دينق [email protected]