للبعض عبارة عجيبة يبتسرون بها كل العمل الرياضي ويبخسونه، ذلك قولهم (أين هي الانتصارات الخارجية التي حققها هؤلاء الفارغون؟)، يقولون عبارتهم الأثيرة إذا نظمت انتخابات لاختيار قيادة الاتحاد السوداني لكرة القدم، والرياضيون يقدمون نموذجاً طيباً في الممارسة الديمقراطية، ويلوكون عبارتهم الهزيلة، ساخرين من جماهير تعبر عن فرحتها بفوز فريقها ببطولة وطنية، سكب فيها لاعبو الفريق عرقهم، وقدموا عروضاً أرضت جماهير النادي، وأشبعت فيهم حباً لفنون الكرة، وعززت عندهم قيمة الولاء.. وتكون العبارة حاضرة عند ختام بطولة محلية ناجحة، فيطلق أصحابنا عبارتهم إياها، مبدين تحسراً في غير موضعه على عدم إحراز بطولات خارجية، أي لا فائدة من كل النجاحات الظاهرة في تنظيم بطولة محلية، ما دامت الانتصارات الخارجية غائبة! ليس من خلاف حول أهمية المشاركات الخارجية، بما تحققه من حضور في المحافل القارية و العالمية، ويا حبذا لو صحبت المشاركات الخارجية انتصارات.. لكن، إذا لم يتحقق الانتصار المرجو، فهذا لا يعني أن المنافسات المحلية بلا فائدة، ففريق الكرة الذي يتبع للاتحاد السوداني أو لرابطة هو تجسيد لحركة مجتمعية عظيمة، ونتاج حراك تكاتف خلاله أبناء الحي أو القرية، فدفعوا الاشتراكات حتى تحقق لهم شراء الكورات، والشباك، وتسجيل الفريق، وإيجار مبنى النادي، يتحلقون حول فريقهم، ويخططون الميدان بالجير، ويرسمون شعار فريقهم على جدران منازلهم، ويؤلفون له الأناشيد، ويستأجرون الباصات، يؤازرونه وهو يسافر للعب في ملعب رابطة أخرى، أو يسافر لمدينة بعيدة.. فهل من دليل بعد هذا يؤكد على القيم التي يغرسها فريق الكرة، وهل يحبط كل هذه القيم أن الفريق لم يأت بكأس في يوم ما؟ ويشاهد المسافر الذي يعبر قرى في طريقه الطويل أن أهل بعض القرى يحيطون جزءاً من مساحة واسعة عند طرف القرية بإطارات سيارات قديمة، لجعل المساحة المسورة بالإطارات ميداناً للكرة.. مشهد يؤكد أن اللعبة شعبية حقاً تغلغلت في ثقافة القروي البسيط، بفنونها، وإبداعها، وبالإثارة في مبارياتها، حتى صارت محببة للكبير والصغير.. ولا يقلل من أهمية إمتاعها، وملئها للفراغ في القرية، أن تيم القرية لا يطمح في إحراز بطولة على مستوى المحلية. فهل يدع بعض أدعياءُ الثقافة أهلَ الرياضة يستمتعون بلعبتهم الجميلة، ويفيدون بها المجتمع؟; العرب