مسخرةٌ جديدةٌ أطلَّت برأسها لتبرير انتهاك حرية التعبير والتنظيم، وهى( نسف الامن الصحى، والإضرار به) وهى التهمة التى تم بموجبها إعتقال دكتور حسن كرار الرئيس السابق للجنة أطباء السودان، لانه حسب منطق السلطات قد قام بتكوين جسم (غير شرعى) للدفاع عن حقوق الاطباء/ت، الحكومة تنظر لممارسة الحقوق الدستورية وهى حق التعبير والتنظيم كخطر يهدد (الامن الصحى) اما انتشار الاسهال المائى، والملاريا،والسرطان فيبدو انها تقع فى باب (الابتلاءات) التى يتعيَّنُ علينا تقبلها، والصبر عليها. كمواطنين قد نوافق على ( حكاية الامن الصحى) فقط عندما يتصل الامر بوضع السياسات والميزانيات الكفيلة بمنع ظهور اى حالة من حالات (الإسهال المائى ) الاسم الذى ابتدعته السلطة لمرض الكوليرا، الناجم عن تدهور صحة البيئة وعدم اخذ القدر الكافى من المياه الصالحة للشرب والغذاء الجيد ، حقوق بسيطة فى قائمة حقوق المواطنة فى اى بلد تقوم لحكومة بواجباتها تجاه مواطنيها ، والتصدى للاسباب وراء انتشار مرض السرطان القاتل ، وموت الامهات اثناء وبعد الولادة ، وارتفاع معدلات الاصابة بالملاريا بعد رفع الشعار المضلل( السودان خالٍ من الملاريا ) . اما اعتقال الاطباء وتجريم محاولاتهم للمطالبة بحقوقهم الفئوية واستعادة نقابتهم الديمقراطية فهو أمر يقع فى باب انتهاك الحقوق الدستورية ،فالانتهاك هنا هو الذى يخرق (الأمن الصحى) بكل المقاييس ، فاعتقال اى طبيب يعنى اهدار لحقه ولحق المرضى والمجتمع. ترى ماهو رأى السيد وزير الصحة فيما يواجهه الطاقم الطبى من خرق(للأمن الصحى) فى مستشفى الجنينة على سبيل المثال الذى واجه خطر الموت على يد عدد من المرافقين باشهار السلاح فى وجوههم اثناء قيامهم بعملهم فى بيئة لاتتوفر فيها ابسط معينات العمل ، مما دفعهم لاعلان الاضراب عن "الحالات الباردة" حسب نشرة يصدرها مكتب الأعلام المركزى بالحزب الشيوعى يوم الجمعة الماضى . لقد ولى زمن الصمت ، واخذت المقاومة لسياسة النظام تنتظم كل ارجاء البلاد، لكن من المهم ان تتوحد الارادة ، وتضيق الشقة بين اشكال المقاومة المختلفة ، القضية واحدة ، والهدف واحد وهو استعادة الديمقراطية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية. الميدان