صرنا في طقوس الزواج في السودان نسوي البدع ونتجدع، بعد ان صار الزواج فرصة للبوبار وفك الزرار، واستعراض الفنجرة والمقدرة، فالمهر المقترن بعقد النكاح لم يعد العنصر الأهم في الزواج، بمعنى أنه الأقل كلفة، مقارنة ببقية المراسيم، بل ان الشيلة أقل كلفة من العزومة والصالة للحنة والقيدومة والزفاف والجرتق، وفتح الخشم صار يعني سد العديد من الخشوم بالهدايا، ثم جاءت بدعة فطور العريس، حيث يقوم أهل العروس بتوفير طعام يكفي أسرة العريس لسبعة عشر يوما، وفي الأمر مكيدة، فأهل العريس يضطرون لدعوة عشرات الناس ليلهطوا الفطور، ولكنهم ملزمون برد الصاع صاعين، بتقديم هدايا عليها القيمة لأهل العروس الذين جلبوا الفطور، وفي الذاكرة حكاية شقيق عروس رأى الهدايا التي جاءت لقريباته، فقال للعريس: يا تجيب لي لابتوب أو آيباد، أو «الجوازة دي مش ممكن تتم»، وكان العريس راجلا من ظهر راجل، فقال لأهله «لموا كل الهدايا التي وزعتموها على أهل العروس لأنني قررت توزيع العروس» أي بلغة العصر قرر أن «يفكها عكس الهوا» وجاء في صحيفة حكايات، التي لا أعرف باي ذنب قتلت ووئدت قبل نحو عامين، أن عروسا قدمت لوالدة زوجها موية رمضان محملة في شاحنتين ضخمتين، وشخصيا يطرشني ويعميني لو سمعت بموية رمضان بهذه الطريقة، ربما لأنني قروي متخلف، ومن عادة أهلي وأهلك، في الريف والحضر في رمضان، أن يهدوا بعض ما عندهم من الأكلات والمشروبات الرمضانية للجيران والأصهار والأقارب الشاحنتان كانتا محملتين بالمواد الغذائية، من سكر وتمر وعدس وخراف ورز ومعها هز يا وز، في شكل خادمة فلبينية مدفوعة الأجر لستة أشهر، إلى جانب معدات مطبخ بسيطة مثل الغسالة والثلاجة والديب فريزر وفرن المايكروويف «حتى بعد اغترابي في منطقة الخليج بسنوات كنت أعتقد أن المايكروويف نوع من المكروبات وأن الأوزون أكلة يونانية»، وإذا قرأت القائمة أعلاه، ولم تكن من ذوي المخ التخين، فإنك ستدرك أن العروس التي حسبت نفسها فنجرية، ارتكبت خطأ وتقصيرا فادحين. لم تكتشف أين وكيف أخطأت وقصّرت؟ اللهم طولك يا روح: يا ابن آدم ليس بين تلك الأشياء صنف واحد له صلة بالموية/ الماء، أو أي نوع من السوائل وما يؤسف له أن المحرر الذي أتى بالخبر إلى الجريدة، لم يكثف تحرياته حول الموضوع، ليعرف هل تفنجرت العروس بفلوس زوجها، وتكون بالتالي قد أهدت لحماتها أشياء من مالها «مال الحماة، ولو باللفة»؟ ثم ليته نصب كمائن للعروس بعد نحو ثلاثة أشهر ليعرف ماذا ستهدي حماتها في عيد الأضحى؟ قرنتية/ جاموس الخلا؟ وحيد القرن؟ فليس من الفنجرة أن تهديها خروفا عاديا كالذي يذبحه بقية عباد الله، وأعتقد أن القرنتية خيار معقول، ولأهل أطراف الخرطوم مهارات في مجال ذبحها وطبخ لحمها: هل تذكرون القرنتية التي ضلت طريقها إلى ضواحي عاصمتنا قبل نحو 8 سنوات، ورثاها شاعرنا الكبير هاشم صديق، بعد أن اتضح أنها اختفت في بطون من اصطادوها «لو أحسنوا التصرف يفترض أن لديهم شرموط لحم قرنتية إلى يومنا هذا» وإنصافا للعروس فإنني اعترف لها بحسن اختيار الهدية البشرية المتمثلة في الخادمة الفلبينية، لأن الفلبينيات «تكنولوجيا» وفل أوتوماتيك، والمعنى في بطن الشاعر، وأنا لست بشاعر. وهذه الحكاية مهداة للآنسات كي يعرفن الأصول والبروتوكول، ويضعن ميزانية بسيطة في حدود 20000 دولار لفطور أم العريس، ثم يشترين ملابس الفرح من سوق ليبيا او سعد قشرة، ولو سرنا على هذا النهج فأنصح شبابنا بالزواج بهنديات لأنهن من يدفعن المهر، وقد قام العديد من شبابنا بالفعل في الاقتران بهنديات و»ومهر نَهِي» «في ذات عزاء في بحري لبست بنات المرحوم وقريباته من الدرجة الأولى ثيابا من لون واحد، وجلبن طاولات للمعزين عليها مفارش من نفس لون الثياب، وكان الطعام مجلوبا من مطعم ذي نجوم خمس ومعه جرسونات، وفي اليومين الثاني والثالث للعزاء تم تغيير الثياب والمفارش بألوان موحدة أيضا!! ألا يعني هذا أن أولئك النسوة كن ينتظرن وفاة الوالد بفارغ الصبر بدليل أن «الترتيبات» لتقبل العزاء كانت مكتملة؟» الصحافة